تعرضت حركة فتح الفلسطينية لضربة في الانتخابات المحلية التي جرت يوم السبت في الضفة الغربية بسبب النجاحات التي حققها منشقون عنها وضعف الإقبال على التصويت، حيث كانت تأمل الحركة في التغطية على الخلافات الداخلية وقلة الموارد المالية بأداء قوي في الانتخابات. الانتخابات التي تأجلت طويلا جرت في 94 بلدة وقرية بالضفة الغربية يوم السبت، وذلك للمرة الأولى منذ ستة أعوام، وكانت في نواحي كثيرة بمثابة تصويت على الثقة في الرئيس الفلسطيني محمود عباس المدعوم من الغرب ورئيس حركة فتح ودائرته المقربة. فيما قاطعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الانتخابات ومنعت التصويت في قطاع غزة تاركة الساحة خالية بشكل كبير أمام حركة فتح، لكن النتائج التي نشرت أمس الأحد أظهرت أن عددا من المنشقين عن الحركة فازوا بمقاعد في المدن الرئيسية. وتمثل الأمر الأسوأ للسلطة الفلسطينية في ضعف الإقبال على التصويت، حيث لم يشارك سوى نصف الناخبين المؤهلين تقريبا في عملية التصويت، كما أن أنصار حماس في الضفة الغربية فضلوا على ما يبدو البقاء في منازلهم وعدم الخروج للتصويت. ومن شأن النتائج أن تزيد من إضعاف موقف عباس داخليا في الوقت الذي يستعد فيه للتوجه إلى الأممالمتحدة الشهر القادم للحصول على اعتراف بدولة فلسطينية. وكتب حسن عصفور الذي ينتقد السلطة الفلسطينية في افتتاحية في صحيفة "أمد" أن ضعف الإقبال وعدم "مشاركة قوى التيار الإسلامي تمثل طامة سياسية لا يجب أن تصدر عنها فرحة وهمية للتغطية على حقيقة الخسارة السياسية الانتخابية سواء من حيث النتيجة أو المشاركة قياسا بما سبقها من انتخابات". وأضاف أن "نتائج ثانوية من حراك الانتخابات تشير إلى أن الخارجين عن فتح سجلوا رسالة شديدة الوضوح لرفض منهج تنظيمي ما ربما لا تزال حساب نتائجه مبكرا من الناحية السياسية ولكن حسابه التنظيمي شديد الوضوح". كان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض وشخصيات أخرى بحركة فتح هدفا للمظاهرات العنيفة التي جرت الشهر الماضي في أنحاء الضفة الغربية، احتجاجا على إجراءات التقشف بعد أن أوقفت الحكومة المثقلة بالديون الرواتب عندما نفدت أموالها، ورفعت أسعار الوقود للوفاء باتفاقيات مع إسرائيل. وقدؤ بمزيد من المشكلات للزعماء القوميين الذين حاولوا كبح العناصر المارقة في فتح في البلدات الشمالية من خلال إلغاء عضويتهم بالحركة ومن خلال عملية تطهير في صفوف مسئولي الأمن وموجة اعتقالات أوائل هذا العام. وكانت حركة فتح وقعت اتفاقيات أوسلو مع إسرائيل عام 1994 وبدأت تحكم أجزاء من الضفة الغربية التي لا يزال معظمها تحت السيطرة الإسرائيلية. فيما وصفت فتح العملية الانتخابية بأنها انتصار ودفاع عن برنامجها الذي ما زال يهدف - خلافا لحماس - للتوصل إلى تسوية سلمية مع إسرائيل من خلال المفاوضات. إذ أشاد فياض بما وصفها ب"عملية مهمة وبناءة رغم الظروف الصعبة المحيطة بها". وقال فياض أن: الانتخابات المحلية التي جرت في المناطق الشمالية لا تؤثر على جهود المصالحة، لكنها تساعد في تعميق الوحدة وترسيخ المبادئ الديمقراطية، بينما أشاد النائب أحمد عطون عضو المجلس التشريعي والمنتمي لحركة حماس بالنتائج ووصفها بالانتصار للذين قاطعوا الانتخابات. وقال عطون الذي فاز بمقعده في الانتخابات البرلمانية التي ألغيت بسبب حرب قصيرة ودموية بين حماس وفتح عام 2007 أن النتائج تمثل انتصارا للتيارات الإسلامية التي دعت لمقاطعة الانتخابات التي لم تنجح رغم الجهود الكبيرة التي بذلت لحث الناخبين على التصويت. وقال عطون المقيم في الضفة الغربية لوكالة "رويترز" أن هذا يوضح أن الشعب الفلسطيني يقف مع خيار إجراء الانتخابات على أساس توافق وطني.