وصفت صحيفة "الشعب" الصينية الرسمية، لسان حال الحزب الشيوعي الصيني، التدخل الأميركي في سوريا بأنه سيكون أكثر كارثية من التدخل في العراق. بكين (الشرق الاوسط) وذكرت أن قضية استخدام "الكيماوي" أثارت لغطا كبيرا خلال الفترة الأخيرة، فيما تتصاعد درجات استعداد أميركا وغيرها من الدول الغربية للتدخل العسكري في سوريا. ورأت الصحيفة الصينية - في مقال لها حول التلويح بضربة أميركية ضد سوريا - أنه رغم شعار الكارثة الإنسانية والخط الأحمر المتعلق بالأسلحة الكيميائية الذي ترفعه الدول التي تريد التدخل بسوريا، إلا أن الهدف من وراء ذلك هو المصلحة الذاتية، موضحة أنه من تجربة كوسوفو إلى العراق، ثم إلى ليبيا يعتبر إيجاد الحجج لشن الحروب أمرا مألوفا عند الدول الغربية. ولفتت إلى أن قضية الأسلحة الكيميائية بالغة الخطورة، لذا يجب عدم التساهل في إصدار الأحكام قبل تحري الحقيقة، لكن المؤسف، أن أميركا وبعض الدول الغربية الأخرى قد آثرت "افتراض الذنب" على التحقيق الموضوعي، وآثرت التدخل العسكري على الحوار السياسي، وهذا يعري وجههم الحقيقي، بأنهم غير صادقين في معالجة القضية، بل يسارعون إلى مساعدة المعارضة على قلب النظام، ومن ثم تأسيس قواعد دولية ونظام دولي يناسب مصالحهم، وتجاه هذه الهيمنة المفضوحة، لا يمكن للمجتمع الدولي إلا أن يتحري الحذر. وأشارت صحيفة "الشعب" الصينية إلى أنه رغم أن هناك تضاربا في التصريحات المتعلقة بموعد التدخل في سوريا، إلا أن الضربة أصبحت تقريبا شيئا شبه مؤكد، وفي ذات الوقت، يبدو عدم إتمام لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أعمالها، وعدم إيجاد حجة دامغة تدين الحكومة السورية، وعدم الحصول على تفويض من مجلس الأمن، أمورا ثانوية بالنسبة لبعض الدول الغربية. وتابعت الصحيفة " إن الإفراط في ممارسة هذه اللعبة قد كشف وجه هذه الدول للجميع، فقبل 10 أعوام شنت أمريكا حربها على العراق التي خلفت أكثر من 100 ألف قتيل، في المقابل، برهن على أن حجة تلك الحرب كانت كذبة، ونحن نعرف أنه قبل سنتين، رفعت الدول الغربية شعار "حماية المدنيين"، وقامت بتدخل عسكرى ضد ليبيا خلف أكثر من 30 ألف قتيل". وأضافت "الشعب" "أن المؤلم هو أن العراق وليبيا ظلتا تعانيان من مخلفات الحرب، حيث تواصلت الاضطرابات والأحداث الدموية، وتصاعدت قوى الإرهاب والتطرف، وترنحت الدولتين على حافة "الدولة الفاشلة"، وأثبتت التجربة أن التدخل الغربي دائما ما يترك كدمات لا تمحى، ودائما ما تدفع شعوب المنطقة في النهاية فاتورة هذا التدخل، وهذه عبرة عميقة جدا". وأشارت إلى أنه بالمقارنة مع التجارب السابقة، ستكون العواقب من التدخل العسكري في سوريا أكثر كارثية، فالفوضى العارمة في سوريا، تقف في خلفيتها تناقضات عرقية وطائفية عميقة، ولعبة جيوسياسية متداخلة ومعقدة، إضافة إلى خطر الإرهاب المتصاعد، ولذلك فإن التدخل العسكري الأجنبي لن يعالج قضية الأسلحة الكميائية من الجذور، كما لا يعد المخرج الصحيح للأزمة السورية، بل على العكس قد يؤدي إلى مزيد من التأجيج، ويدفع العنف والصراع المسلح إلى الاستمرار، ويجعل الاوضاع السورية تتجه بلا عودة إلى الحل العسكرى، في ذات الوقت، سيعاني أكثر من 22 مليون سوري المزيد من المصائب، وسيواجه الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المزيد من الضربات. وأوضحت صحيفة "الشعب" أن الأزمة السورية لم تفقد بعد إمكانية المعالجة السياسية، فقد حققت مختلف الأطراف خلال اجتماع جينيف في يونيو من العام الماضي إجماعا حول مبادئ المرحلة الانتقالية في سوريا، وفي شهر مايو من العام الحالي توصلت أمريكا وروسيا إلى إجماع حول عقد مؤتمر "جنيف 2"، وإذا تم التمسك بهذا النهج من التسوية السياسية، لدفع جلوس الحكومة السورية والمعارضة معا، لمعالجة الخلافات من خلال المفاوضات، وتحقيق مرحلة انتقالية يقودها الشعب السوري، لكان بالإمكان معالجة الأزمة بطريقة عادلة وسلمية ومناسبة. وخلصت الصحيفة إلى أن أهم شيء الآن، من جهة، توفير الدعم اللازم للأمانة العامة للأمم المتحدة للقيام بتحقيق مستقل وموضوعي وعادل ومهني وفقا لقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة، والتعجيل بكشف الحقيقة، ومن جهة ثانية، يجب الدعوة إلى عقد مؤتمر "جنيف-2" في أقرب وقت ممكن، وتجنب أن تحبط قضية "الأسلحة الكيمائية" الاتجاه العريض للتسوية السياسية، في وقت من المعروف أن عددا من الأطراف الدولية ذات الصلة بما في ذلك الصين، تقوم بجهود حثيثة في هذا الجانب. /2336/ 2811/