يذهب بعض المراقبين إلى اعتبار رفض مجلس العموم البريطاني المشاركة في الضربة الأمريكية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وانتظار الرئيس أوباما تفويضًا من الكونجرس للقيام بهذه الضربة، ونتائج استطلاعات الرأي في الولاياتالمتحدة وبريطانيا وغيرهما التي أكدت على أن الغالبية العظمى من شعوب هذه الدول لا تؤيد التورط في تلك العملية، بأنها مؤشرات تدل على احتمال إلغاء الضربة الصاروخية العقابية على النظام السوري رغم الأدلة التي أصبحت بحوزة واشنطن التي تؤكد استخدام النظام السوري المارق للسلاح الكيماوي ضد شعبه في منطقة الغوطة في 21 أغسطس الماضي وسقوط أكثر من 1400 شخص من بينهم أكثر من 400 طفل في تلك المجزرة الكيماوية التي هزت ضمير ومشاعر العالم. بيد أن انضمام سفينة إنزال تحمل مئات الجنود من مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) إلى الحشد البحري الأمريكي شرقي البحر المتوسط أمس يؤكد على جدية واشنطن في عزمها على توجيه تلك الضربة، لاسيما في ظل استمرار سفاح سوريا تحديه للمجتمع الدولي ومواصلته قصف شعبه بالأسلحة المحرمة دوليًّا، واستخدامه قنابل النابالم ضد شعبه بعد مذبحة الغوطة. المفاجأة لن تكون في موافقة الكونجرس على الضربة، وإنما في عدم الموافقة، فانفراد الولاياتالمتحدة في قيادة العالم حتى الآن يحمّلها مسؤولية أخلاقية تحتم عليها إيقاف جرائم الأسد، لاسيما وأن الرئيس أوباما سبق وأن حذره بأن واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء استخدامه السلاح الكيميائي، معتبرًا هذا الاستخدام خطًا أحمرَ لن تسمح بتجاوزه. ليست المصداقية الأمريكية التي تعتبر خطوط أوباما الحمراء اختبارها الصعب هي وحدها على المحك الآن، وإنما أيضًا ما يعرف بالقيم الأمريكية، وأيضًا المسؤولية الأخلاقية التي تدّعيها أمريكا لنفسها باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم. المجتمع الدولي الذي صدم بمشاهد المجزرة الكيماوية وغيرها من الممارسات الوحشية التي يقوم بها سفاح سوريا ضد شعبه على مدى أكثر من عامين، هذا المجتمع مطالب اليوم أيضًا بالوقوف يدًا واحدة لوضع حد لجرائم سفاح سوريا، والانتصار لمعاناة وجراح وآلام الشعب السوري؛ لأن التغاضي عن هذه الجرائم يعني ببساطة إعطاء الضوء الأخضر للأنظمة المارقة الأخرى في العالم باستخدام أسلحة الإبادة الجماعية ضد شعوبها.