قدم المعسكر الدولي لتوثيق العمارة التقليدية "فيرناندوك العين 2012" خبرة وتجربة جديدة للمهندسين الشباب وطلاب الجامعات من مختلف دول العالم لا سيما الإمارات، حيث كانت فكرة المعسكر تقوم على التوثيق اليدوي البحت للأبنية التراثية القديمة باستخدام نفس أدوات القياس التقليدية القديمة التي كان يستخدمها أصحاب هذه المباني الأثرية قديما، وهو ما يقدم لهم خبرة وخلفة واقعية وتاريخية عن أبناء المنطقة وكيفية تأقلمهم مع المناخ السائد في بلادهم . في معرضهم الذي قدم نتاج أعمالهم الهندسية الفنية والمقام على هامش مؤتمر سياف ايكوموس 2012 العين الذي أقيم بمدينة العين بمركز القطارة للفنون مؤخراً والذي نظمته هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة قدم الطلاب والخريجون والمهندسون أعمالاً فنية وهندسية جديرة بالتوثيق كونها يدوية خالصة لم تطالها يد التكنولوجيا . تقول الطالبة موزة محمد هلال، تخصص الهندسة المعمارية بجامعة الإمارات: شاركت بالمعسكر الدولي لتوثيق العمارة التقليدية فيرناندوك العين ،2012 واليوم قدمت صورة مرسومة باليد لمسجد بن عاطي الدرمكي بمنطقة القطارة حيث قمت وزملائي خلال المعسكر بقياس كل جزء بالمبنى من خلال المسطرة وأدوات القياس التقليدية على عكس ما اعتدنا عليه في الجامعة من برامج هندسية نلجأ إليها عادة، وكانت تلك هي تجربتي الأولى في القياس بهذه الوسيلة، اكتسبت من خلالها مهارات جديدة، حيث قمنا في الأسبوع الأول بأخذ قياسات المباني، وفي الاسبوع الثاني قمنا بعملية الرسم . تضيف استفدنا كثيراً من خبرات المجموعة التي رافقتنا من كل دول العالم، فمنهم خبراء قدامى كانت لمشاركتهم فائدة كبرى لنا كما استفدت على المستوى الشخصي من الزملاء الموهوبين في الرسم، لقد كانت تجربة جديدة علي تماما، ولكنها بالتأكيد أضافت لي الكثير من الخبرات . من جانبها تقول المهندسة نهى محمد جاهين مساعد أستاذ بالجامعة البريطانية بدبي: تقوم فكرة المعسكر على عمل توثيق للمباني التقليدية التراثية القديمة الموجودة بواحة القطارة وقد كان عملي في بيت بن بدوة الدرمكي ويحتوي مسجدين أحدهما ناحية السوق والثاني داخلي، وقد قمت بعمل القياسات مع خمسة من زملائي أجانب، حيث أقوم برسمها وقياسها بمقياس الرسم 1/،50 كمقطع رأسي، ونستخدم مقاييس الماضي التقليدية . وتضيف: لم نستخدم أي تقنية حديثة بما فيها آلات التصوير حيث تقوم الفكرة بالكامل على إحياء الفكر القديم في الهندسة والعمارة التقليدية . ويقول عمر الكعبي آثاري تكمن الصعوبة في هذه المباني أنها قديمة ومتهدمة، ويصعب أخذ قياساتها، وقد واجهنا صعوبة كبيرة في رسمها وقياسها، ولكن بالتأكيد كانت هناك استفادة ما، حيث أضافت لخبراتنا الكثير فقد أعدنا إحياء تقنيات قديمة في الرسم، وقد ضم المعسكر معماريين قدامى استفدت من خبرتهم الكثير لا سيما أن دراستنا بالجامعات تقوم على التقتنيات الحديثة والبرامج الحاسوبية وقليلا ما نتوجه للمواقع للتواصل المباشر بها . وتقول المهندسة سور جيت سانناواي من تايلاند، لم نشعر بالعناء في أخذ قياسات المباني التقليدية القديمة على الرغم من أنها متهدمة، فقد كانت تلك هي أساسيات دراستنا الهندسية بتايلاند، وقد استمتعت كثيرا بتواجدي هنا بالامارات على مدى أسبوعين، صحيح أنني كنت أشعر بالقلق في البداية كون الظروف تختلف كثيرا عن تايلاند، ولكن سرعان ما أعجبني المناخ الدافئ هنا، واسلوب العمارة الحديثة في شوارع الدورة الذي شكل لي مفاجأة أدهشتني، كما سعدت كثيرا بزيارة جامعة الإمارات وهالني ما تتمتع به من رقي وتقدم، وقد استفدت من عملي بالمعسكر فهو عمل تطوعي، ولكنه سوف يفيدني بالتأكيد في تفهم الخلفيات الثقافية للدولة مما يسهل معها تقديم أعمال هندسية حديثة لهم . ومن فنلندا تقول جوهانا انتيا طالبة بجامعة التكنولوجيا في فنلندة وقامت برسم بيت بن بدوة الدرمكي: لقد أعجبتني كثيراً ثقافة شعب الإمارات في الماضي والحاضر، ولاحظت كم كانت عمارتهم التقليدية ملبية لاحتياجاتهم ومناسبه للأجواء المحيطة بهم، وهي تحمل قدراً كبيراً من الذكاء في التعامل مع الظروف المناخية القاسية التي يعيشها أهل الصحراء في الصيف والشتاء، وقد أفادنا المعسكر في التعرف إلى لمسات الماضي في حياتنا الحاضرة وخصائص الشعوب فيما مضى . وتضيف: لقد واجهنا العديد من التحديات ومنها أن المباني متهدمة في بعض الأجزاء، وتمتلئ بالتعرجات بعكس المباني القديمة في بلادنا مثلا والمكونة من الخشب ويسهل قياسها . من جانبه يقول ماركو ماتيلا المشرف على المعسكر: يعد هذا المعسكر استمرارا لسلسلة معسكرات سابقة بدأت في فنلندا قبل أكثر من عشر سنوات، وهو يهتم بتوثيق العمارة التقليدية باستخدام أدوات التوثيق والرسم الهندسي الأساسية، وقد وقع اختيارنا هذا العام على مدينة العين التي تسمى بمدينة الواحات لاستضافة المعسكر كونها من المدن الغنية بالمباني التقليدية الطينية والتي تم ادراجها مؤخراً على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، ويقوم المشاركون بالمعسكر بتدقيق ورسم وتجهيز الرسومات لمباني تقليدية مختارة، حيث يعملون ضمن مجموعات، أو بصفة فردية ويمضون غالبية وقتهم في موقع المعسكر، وأحياناً يعملون تحت ظروف قاسية باستخدام أدوات وتقنيات بسيطة ومقاييس يدوية، إضافة إلى عشرة مشاركين في كل امارة من إمارات الدولة وهم مرشحون من قبل الجهات الحكومية المسؤولة عن التراث المعماري في كل امارة، بالاضافة الى ثلاثة من طلاب هندسة العمارة الذين يدرسون في جامعات محلية .