منذ أن بدأ ربيع الفوضى منذ ثلاثة أعوام تقريباً والمشاهِد العربي في حيرة من أمره تجاه طوفان القتل الذي اجتاح عدداً من الدول العربية، مَشاهِد موت يومية للعشرات، مرة في هذا البلد، ومرة في ذاك، أُزهقت بثمن بخس آلاف الأنفس البريئة بحثاً عن حرية لا إطار لها. وَهْم سيق إليه عوام الناس، وحرضهم على مغادرة الحياة قيادات غارقة في ملذات الحياة. ابتُلي الناس بقناتَي "الجزيرة "و"العربية"، فبعد اتفاق على تزيين الواقع المرير التي تعانيه دول "ربيع الفوضى" بدأنا نلمس تبايناً لافتاً مؤخراً بين القناتين في النقل الإخباري وتحليل الأحداث الجارية في بعض دول ربيع الفوضى، في غياب تام للأمانة المهنية. إن ما تمارسه قناتا الجزيرة والعربية في الوطن العربي لهو دور يدعو للحيرة والريبة، خاصة أن قناة الجزيرة تدعو إلى العصيان علانية على حكام الدول العربية على وجه الخصوص، وتثير القلاقل هنا وهناك، وتوجه دعوات لخروج الناس على حكوماتهم، وتجيش مشاعر العامة ليقتلوا ويُقتلوا ويحرقوا ويروعوا ويعطلوا مظاهر الحياة، في تزييف واضح فاضح للحقائق؛ فكيف نسمي حمل السلاح على دولة ما تظاهراً سلمياً؟ وكيف نسمي إتلاف الممتلكات العامة والخاصة تظاهراً سلمياً؟ وكيف نسمي الدعوات العلانية إلى القتل وإراقة الدم تظاهراً سلمياً؟ قناة العربية في المقابل اتخذت خطاً مغايراً؛ فهي تعمل على تدمير من نوع آخر، لقد جندت إمكانياتها كافة لتدمير القيم والخلق الإسلامية القويمة؛ ليبقى المشاهد العربي حائراً في حقيقة طوفان الفوضى الذي بُرّر في بدايته بأنه كان نتيجة لحالة من الفساد سادت في الحقب السابقة، بيد أن ما أتى بعد الإطاحة بتلك الحقب كان أشد ظلماً وفساداً. فماذا بعد إزهاق الأرواح وإراقة الدماء وابتزاز الحقوق عنوة وتزييف الحقائق وتجييش البسطاء والزج بهم في صراعات حزبية يقطف ثمارها غيرهم..؟