لطالما حملت الصداقة معاني سامية من الجمال، واعتُبِرت أطهر العلاقات التي تجمع بين البشر، حتى أصبح البعض يعتبر صديقه؛ الأخ الذي لم تنجبه أمه. ولكن استوقفني حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك ونافخِ الكِيْرِ، فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة). وظللتُ أتساءل: هل البعض فعلًا يستحقون كل هذه الأوصاف؟.. هل هنالك بعض من الذين شوّهوا صورة الصداقة.. وربما حطّموا بروازها الذي يحميها من خدوش الزمن. قد نلقي بأنفسنا إلى التهلكة مع الذين اعتبرناهم أصدقاء، ولكنهم في الحقيقة أعداء، قد تهلك مشاعرنا أرواحنا وأجسادنا معهم. فعلا أنا من الذين يُقدِّسون الصداقة.. ولكنني أيضًا من الذين يُقدِّسون أنفسهم، وكما يقال: «ما يؤلمك اليوم يجعلك أقوى غدًا». قد تتجاهل أفعال من حولك لأنك تعلم بأن الجميع ليسوا معصومين عن الخطأ.. ولكن من الخطأ أيضًا الاستمرار في الخطأ. وأنا دائمًا أؤمن بمقولة: «للنفس كرامة تعلو كل المشاعر».. ومقولة: «الانطباع الأول هو الانطباع الأخير».. فلا تُحمّل نفسك ما لا طاقة لها به، فأنت تستحق الأفضل دائمًا، وليس كل من تلتقي يستحق أن تعتبره صديقًا لك، فهي ليست مُجرّد كلمة، هي علاقة، هي فلسفة لا يفهمها الكثيرون، وهي تُبنى على الصدق دائمًا. لا تحزن أبدًا إن طُعنت من خلفك.. فأنت دائمًا في الأمام، لأن الذي يطعنك من خلفك هو دائمًا خلفك. حديث النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون نصب أعيننا في كل مرة نلتقي فيها بأشخاص للمرة الأولى.. فالرفيق كاليم يُغرقك في أعماقه إما غدرًا وإما رغدًا.. ولك حرية الاختيار. أريج الشهري – جدة