تقرير تلو تقرير، بين صحفي وورقي وإلكتروني ومتلفز، جميعها نضحت بما تم رصده من سوء معاملة وعنف وانتهاكات جسيمة تمارَس بين ظهرانينا، وضد مَن؟! ضد "نزلاء" مركز تأهيل شامل، يعمل ضمن منظومة وزارة تعنى بشؤون أحوج الشرائح الاجتماعية إلى دفء القلوب ويقظة الضمائر في وطننا.. وطن الإنسانية! وممن يحدث كل ذلك؟! من أناس توخى الناس فيهم مخافة الله وحب الخير والتفاني فيما هم فيه مؤتمنون! وبحرقة نتساءل: ما ذنب أولئك المستضعفين؟! وما الذي حال دون صدور قرار منصف رادع في وقت مبكر من وزارة الشؤون الاجتماعية بحق من تجردوا من المشاعر الإنسانية، ومارسوا كل أنواع الفظائع بحقهم، وقد تكشفت عورات تلك الدور للعلن عبر قنوات إعلامية ومواقع غيورة؟! تأخر الردع نعم.. إلى أن بلغ الحال من السوء حدًّا لم يخجل معه عضو من جمعية حقوق الإنسان أن أطلق على تلك الدور "مراكز الدمار الشامل"! ولن يخطئ ولا يلام منصف لو أطلق عليها اسم "معتقلات".. والشيء بالشيء يُذكر! فمجمل ما رشح للأسماع والأنظار مما يُرتكب بحق البشر خلف تلك الأسوار لا يختلف كثيراً عما يحدث عادة في ظل غياب الضمائر داخل الغرف المظلمة! وإلا فبماذا نصف استحمام نزيل الدور بماء بارد في عز الشتاء على بلاط أرضية مكشوفة؟! وبماذا نبرر وضع "دس" الدواء داخل الأكل المقدم لأولئك الأبرياء؟! وأخيراً.. تنتفض الوزارة وتكشر عن قرار بإنهاء تكليف المدير العام لشؤونها في جازان، وتصدر آخر بتكليف مدير عام آخر! ولا تنتهي عند هذا الحد مسرحية القسوة والتعالي؛ إذ خرج علينا متحدث الوزارة "اللبيب" مفسراً أسباب صدور قراراتها المتأخرة بأنها من دواعي تفعيل "مبدأ تدوير الوظائف"! معتقداً أن تبريره من الواجبات؛ كي يخفف من صدمة قد تلحق بالمعنيين الجناة في تلك الوقائع المريرة! وكأن الجاني أولى بالرعاية من المجني عليهم! ولنذهب مع المتحدث الرسمي إلى المبدأ الذي يزعم تفعيله والعمل بموجباته ونسأل: لِمَ تأخرتم في تفعيل ذلك المبدأ، وفضلتم حفظه مبردًّا طوال تلك السنين التي طالت ثوانيها على بشر فتك بهم بشر تحت سمع وبصر مسؤولين، لا تفي قرارات نقلهم واستبدالهم بأبسط معايير العدالة الاجتماعية التي ترعاها وزارة لصيقة بهذا الاسم، وتحمل أوزاره؟! ما أظلم الإنسان لنفسه حين يحاول إقناعها والآخرين بما لا يتناغم مع قناعاته! وليطبطب على الجراح بقرار أشبه بجزاء لا يتناسب وحجم الذنب وعظمه!! والله أقوى.