د. محمود إبراهيم الدوعان الزائر لجدة القديمة أو وسط البلد أو كما يطلق عليها جدة التاريخية يجد فيها عبق الماضي وروعة الحاضر وما مرت به هذه المدينة الجميلة من تطور مذهل منذ مئات السنين كما يؤكده قدماء المؤرخين حيث إن جذورها ضاربة في أعماق التاريخ. وقد توسعت هذه المدينة الجميلة في العهد السعودي وتمددت أطرافها وخرجت من نطاق سورها القديم وتباعدت مساحاتها وكثرت أحياؤها فبدلاً من أربعة أحياء فقط في جدة القديمة (في منتصف القرن الماضي)، أصبحت اليوم تفوق المائة حيّ، وبلغت مساحتها أكثر من (1000 كم2)، وبقيت جدة القديمة محافظة على جمالها وروعتها وشاهدة على حضارة منطقة الحجاز وعراقة تاريخها. جدة التاريخية التي يشعرك كل حجر زاوية فيها بأن له علاقة بالتجارة والتبادلات التجارية حيث إن هناك بيوتات المال والأعمال والبنوك، والبنك المركزي (مؤسسة النقد)، والمراكز التجارية الشاهقة التي تزخر بكل ما هو جديد، مع وجود مكاتب التجار القدامى الذين توارثوا هذه المهنة أباً عن جد منذ مئات السنين مع استمرارية الأسواق التراثية القديمة مثل: سوق البدو، وسوق الجامع، وسوق العلوي، وسوق الندى، وشارع الأشراف، والخاسكية، وشارع قابل، وشارع الصنيع، وغيرها من الأماكن الجاذبة للسائحين والباحثين عن متعة التسوق في هذا الجزء المتميز من المدينة الجميلة. هذا الجزء الرائع من المدينة الساحرة والذي لا تتجاوز مساحته 4 كم2 ينقصه بعض الإصلاحات حتى يكتمل به جمالها وتزيد جاذبيتها، ويحسّن من وضعها غير المرضي لمعظم سكانها وزائريها والمترددين عليها، ومن أهم هذه الإصلاحات: معالجة طفوح المجاري أو المياه الجوفية المتركزة في نفق شارع قابل مع سوق العلوي، فهو مغمور بهذه المياه في أغلب الأوقات، ومليء بالقاذورات، وحالته مزرية جدا لا تليق بمنطقة يكثر فيها السائحون والزائرون ويعتبر هذا النفق همزة وصل بين القطاع الشرقي والغربي من المنطقة. ومن اللافت أيضا عدم وجود خطوط للمشاة على طول شارع الملك عبد العزيز خاصة في الأماكن التي يقطع فيها معظم المتسوقين الشارع العام، رغم أن هذه الخطوط كانت موجودة مسبقاً، ولكنها اختفت الآن، كما أنه لا يوجد إشارات مرور تسمح بعبور المشاة للجانب الآخر، علما بأنه معمول بها في كل دول العالم المتحضر لكي يأمن متجاوز الطريق من تهور بعض السائقين وعدم وقوفهم احتراما لحركة المشاة. أما عن المواقف العامة في منطقة البلد فأعدادها قليلة ولا توازي أعداد العاملين فيها، أو المتسوقين من السائحين والزائرين لها، ناهيك عن بعض المواقف التي لم تستثمر بالشكل الصحيح مثل الموجودة أمام مركز الكورنيش والتي يمكن الاستفادة منها بشكل أكثر فعالية مثل إقامة مواقف متعددة الأدوار مدفوعة القيمة تليق بمثل هذه المنطقة الموصوفة بجوهرة مدينة جدة. بالإضافة للنفق الذي يربط المواقف الغربية من سوق الكورنيش مع منطقة وسط البلد والذي يعاني من الإهمال بكل معانيه: فلا نظافة ولا إضاءة، ولا اهتمام! جدة التاريخية تحتاج إلى عناية خاصة من معالي أمين محافظة جدة ومتابعة متواصلة من قبل بلدية البلد لإظهارها بالشكل المطلوب لأنها تمثل رمزاً حضارياً وتجارياً لهذه البلاد، ويزورها الكثيرون من رؤساء الدول وزعمائها ومن كبار قادة العالم ويستمتعوا بمناظرها الخلابة وبيوتها ذات الطابع المعماري الإسلامي المتميز، وعبقها التاريخي الذي يدلل على عظمة أولئك الرواد الأوائل الذين سعوا جاهدين في إظهارها بهذه الصورة الجمالية الرائعة، وعناية الدولة بها في الحفاظ على موروثها الحضاري والمزج بين عراقة الماضي وروعة الحاضر حتى وصلت إلى ما وصلت إليه. فهل ترانا فاعلين؟! [email protected] . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (37) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain