أكد اللواء طيار محمد عكاشة أحد أبطال حرب 1973، أن المملكة لعبت دورًا محوريًا في تحقيق نصر أكتوبر 73، بقرارها التاريخي وغير المسبوق بقطع تصدير النفط إلى الدول الداعمة لإسرائيل، فضلًا عن الدعم المالي لمصر ودول المواجهة مع إسرائيل، وقال: إن هذا الدور الداعم والمقدر للمملكة تجدد مرة أخرى بعد ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013، وتحركها لمنع مصر من الانهيار نتيجة الموقف الدولي الملتبس، وأضاف «عكاشة» ل»المدينة» أن نصر أكتوبر تحقق بموقف عربي موحد بات من الصعب الوصول إليه في الوقت الراهن بسبب الانقسامات العربية، كما أن هذا النصر وليد توحد القيادة والشعب في مصر، وهو ما تحتاجه مصر الآن لتحقيق العبور الثاني نحو التنمية والاستقرار وتجاوز حالة الانقسام السياسي والمجتمعي نتيجة حكم جماعة الإخوان المحظورة، وفشلهم في تحقيق طموحات الشعب المصري في الحرية والكرامة، والتي خرج من أجلها في 30 يونيو، وقال «عكاشة»: إنه شارك في حرب أكتوبر عبر قيادته سربًا عربيًا مشتركًا، وشارك في الضربة الجوية الأولى، برتية مقدم طيار وقائد سرب، واستطاع شل حركة العدو بضرب عدة مواقع حربية دخلت على إثرها القوات البرية، وشارك في 13 طلعة جوية خلال الأيام الست الأولى، وإلى تفاصيل الحوار: كان للمملكة دورها في الانتصار بحرب أكتوبر عبر قرار حظر تصدير النفط، كيف ترى دورها في 73 والآن؟ ** لقد كان دور المملكة مشرفًا ومقدرًا من جانب مصر شعبًا وحكومة، وساهمت بدور فاعل ورئيسي في حرب أكتوبر 73، والذي كان نصرًا لكل العرب، وتكليلاً لجهود عربية مخلصة كانت المملكة في القلب منها، عبر عنصرين حاسمين، أولهما يتمثل في الدعم المالي لمصر ودول المواجهة، تحت مسمى دعم المجهود الحربي، والثاني عبر قرارها الشجاع والتاريخي بحظر ووقف تصدير النفط لكل الدول التي تساعد إسرائيل، ولعب هذا القرار دورًا حاسمًا في الموقف الدولي، وفرض عزلة عالمية على إسرائيل باستثناء الولاياتالمتحدة، التي شاركت بقوة ودعم إسرائيل وعملت كل ما في وسعها لمنع انهيار الدولة العبرية، وفي تقديري أن الدور الذي لعبته المملكة بدعمها غير المحدود وعلى كل الأصعدة لمصر بعد ثورة 30 يونيو، لا يقل أهمية عن دورها في تحقيق نصر أكتوبر، وأن دعم المملكة حكومة وشعبًا لمصر في 30 يونيو كان محوريًا، وقاد إلى منع انهيار مصر بعد عدد من المواقف الملتبسة لبعض الأطراف الأوروبية. هل يستطيع الجيش المصري استعادة ذاكرة انتصارات أكتوبر وينتصر في حربه على الإرهاب ؟ ** أثق تمام الثقة أن القوات المسلحة المصرية، التي هزمت إسرائيل قادرة على الانتصار على الإرهاب، ولكن سيستغرق ذلك وقتًا وكلفة، حيث إن الإرهاب الذي يطل على مصر هو الأخطر باعتباره يضم كل إرهابيي العالم من أفغانستان وباكستان وألبانيا وغيرهم، وهو قوة لا يستهان بها، إضافة إلى أن طبيعة الحروب مع الإرهاب تختلف عن الحروب العسكرية نظرًا لوجودهم في تجمعات سكنية، ونحن قادرون على تقويضه والقضاء عليه لنثبت للعالم أننا سننجح فيما فشلت فيه الولاياتالمتحدة، والجيش المصري وقوات الأمن يسيران في طريق القضاء على الإرهاب، والتعامل بحكمة وبصيرة في التعامل مع العمليات الإرهابية في داخل القاهرة والمحافظات المختلفة، فضلًا عن القضاء على البؤر الإرهابية في جبل الحلال والشيخ زويد ورفح، لقد خاضت مصر حروبًا طويلة مع الإرهاب خلال تسعينيات القرن الماضي لمدة 4 سنوات، وبتكاتف جهود المؤسسات الأمنية والشعبية استطاعت القضاء على الإرهاب، وهو ما يؤكد أن مصر لديها خبرات واسعة في المجال وليست مستحدثة في التعامل مع الجماعات المتطرفة، خاصة أن تلك الخلايا الإرهابية النشطة أو النائمة التي ما زالت القوات الأمنية تتعقبها، كما أن هناك خططًا أمنية واسعة للقبض على القيادات الإخوانية وقيادات الجماعات المتطرفة، نظرًا لهروبهم وفضلًا عن النجاح في تقويض أعمال العنف وأحداث الشغب في شوارع مصر في الفترة الأخيرة. كيف نحقق روح أكتوبر في ظل حالة الاحتقان والانقسام الذي يشهده الشارع ؟ ** تتحقق روح أكتوبر بتماسك الشعب المصري والإصرار على استرداد مصر وبناء دولة حديثة، كما حدث في حرب أكتوبر، حيث كان التكاتف بين الجميع لاسترداد مصر من الاحتلال بالتعاون وبفضل أبنائه الذين ظلوا يدافعون عن ترابها وقدموا أروع البطولات والأمثلة في البسالة مما فتح لنا باب النصر، ويجب ألا نختزل حرب أكتوبر بإقامة الاحتفالات والمهرجانات ودعوة الخبراء للتحدث عن ذكرياتهم، بل أن يكون هناك جهد وعرق وعمل دون مقابل أو مصالح شخصية من أجل نهضة مصر والقضاء على البؤر الإرهابية في المحافظات والقضاء على الإرهاب في سيناء الذي بات يهدد الدولة المصرية. ماذا بقى من روح أكتوبر ؟ ** لم يبق من أكتوبر سوى أن الشعب والجيش ما زالا ملتحمين في بوتقة واحدة، وما افتعل من أن هناك خلافات بينهما تم الرد عليه بما حدث في 30 يونيو، حيث كان الشعب والجيش على قلب رجل واحد، وأسقط في خروجه في 30 يونيو الفترة التي رددت فيها شعارات «يسقط حكم العسكر»، وجاء بديلًا لها «انزل» لتخليص البلاد من حكم جماعة الإخوان بعد معاناة كبيرة تعرض لها الشعب المصري على مدار عام من حكم الإخوان، وضاق الشعب المصري ذرعًا من الجماعة المحظورة، التي ركزت كل اهتماماتها على التمكين دون العمل على تحقيق مصالح الوطن والمواطن، وهو ما استدعى نزول الجيش لتلبية إرادة الشعب المصري، وتقديمه خارطة الطريق لتعديل مثار الثورة المصرية، وأن تكون القوات المسلحة في القلب منها وهي الحارس على أمن واستقرار هذا الوطن، كعادتها دائمًا منذ دورها التاريخي في حرب أكتوبر 73، التي حققت فيها الانتصار وحررت الأراضي المصرية من الاحتلال، أرى أن دور القوات المسلحة في أكتوبر وتحريره للأرضي هو نفس دوره في 30 يونيو 2013، حيث حرر إرادة الشعب المصري، وتحرك بمقتضاه. المشهد الحالي يتسم بقدر كبير من التخبط.. كيف نستلهم ذاكرة التخطيط الاستراتيجي والعلمي لنصر أكتوبر ؟ ** أولاً التخبط الحادث حاليًا سببه أن الجيش والشرطة هما وحدهما من يعملان، أما باقي أركان الدولة أراها «مرتعشة» أو متحججة بأنها مؤقتة، ولا بد أن تعمل وكأنها في حالة حرب، ونحتاج أن نستلهم روح 6 أكتوبر لنواجه التحديات الخطيرة التي تواجهها مصر اليوم، برؤية قومية واضحة وعزيمة ثابتة من الجميع حكومة وشعبًا، ولا بد أن نعي أن الشعب المصري عانى قبل حرب أكتوبر على مدى 6 سنوات حتى استطاع تحقيق نصر تحدث عنه العالم وعانى قبل 25 يناير حتى قام بثورة نالت تقدير الجميع وعلينا الآن أن نستلهم روح أكتوبر وثورة يناير لبناء الوطن والوصول به إلى أعلى معدلات التنمية ليتحقق نصر جديد بعزيمة وقوة أبناء مصر، ونحن الآن لا بد أن نواكب مرحلة التطور والعمل بعزيمة أكتوبر. حدثنا عن ذكرياتك في حرب أكتوبر ؟ ** كنت مقدم طيار وقائد سرب في حرب أكتوبر73، كانت لحظات فارقة قبيل ساعات من الحرب، قلق ورعب من الفشل، نظرًا لتحصين الاحتلال الإسرائيلي مراكزه في قناة السويس، فيما عرف بخط بارليف، والذي كان يتميز بساتر ترابى ذو ارتفاع كبير من 70 إلى 77 مترًا وانحدار بزاوية 70 درجة علي الجانب المواجه للقناة، كما تميز بوجود 20 نقطة حصينة تسمى دشم علي مسافات تتراوح من 10 إلى 12 كم وفي كل نقطة نحو 15 جنديًا تنحصر مسؤوليتهم علي الإبلاغ عن أي محاولة لعبور القناة وتوجيه المدفعية إلى مكان القوات التي تحاول العبور، كما كانت عليه مصاطب ثابتة للدبابات، بحيث تكون لها نقاط ثابتة للقصف في حالة استدعائها في حالات الطوارئ، كما كان في قاعدته أنابيب تصب في قناة السويس لإشعال سطح القناة بالنابالم في حال حاولت القوات العبور، فقمنا بمهاجمة العدو بسرب طائرات به 20 طيارًا فوق قناة السويس واستطاع تدمير مواقع العدو وضرب مراكز القيادة وشل حركته، حيث كانت مهمة الطيران الأولى دك حصون العدو.