قلل خبراء عسكريون من تأثير القرار الأمريكي بتعليق المساعدات العسكرية لمصر، مؤكدين أن مثل هذه الضغوط سياسية هدفها فرض جماعة الإخوان المحظورة على الحياة السياسية بعدما خفت وجودها في الشارع، واقتراب محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي، مؤكدين أن القرار لن يؤثر بحال على القدرات القتالية للجيش المصري، وقالوا: إن الجيش المصري يمتلك كفاءات بشرية قادرة على استيعاب كل نظم التسليح في أقل فترة ممكنة، وأن القوات المسلحة المصرية تستعد لمثل هذا القرار منذ سنوات ولديها خطط لمواجهة مثل هذا القرار، وأن استمرار المساعدات الأمريكية يقدم خدمة للولايات المتحدة لا يمكن أن تستغنى عنها لأنه يمنحها الفرصة للاطلاع ومراقبة النظم التسليحية وأعداد الجيش المصري. وقال مدير مدير مركز الدراسات الاستراتيجية السابق بالقوات المسلحة اللواء علاء عزالدين: إن قرار الولاياتالمتحدة يحمل أبعادًا سياسية مفادها أن الولايات تريد أن تقول للعالم: إنها حريصة على الديمقراطية، ولكن تأثير القرار على قدرات الجيش المصري محدودة للغاية ويمكن تجاوزها بقدر من الترشيد في بند التدريب والبعثات بين الولاياتالمتحدة ومصر، مشيرًا إلى أن المسعى الأمريكي على غير مقتضى الحقيقة، حيث ما جرى في مصر ليس انقلابًا، كما تحاول الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تسوقه ولكن الأمر هو استجابة من جانب القوات المسلحة لإرادة الشعب صاحب السلطة ومالك الشرعية، كما أن القرار الأمريكي يتجاهل حقائق الأمور ويريد أن ينصب نفسه وصيًا على الشعب المصري، وأنه الأحرص على حماية مصالح المصريين والمدافع عنها، ومثل هذا الكلام لا يمت للواقع بصلة والشعب المصرية لا يقبل وصيا عليه وهو صاحب قراره وهو من استدعى قوات جيشه للنزول لتنفيذ إرادته. التأثير السلبى محدود وحول انعكاسات القرار، قال «عزالدين»: لا أحد ينكر أن المساعدات العسكرية والاقتصادية من الولاياتالمتحدة لمصر لها مردود إيجابي من الناحيتين العسكرية والاقتصادية، كما لا أحد ينكر التأثير السلبي لقرار التعليق للمساعدات العسكرية، ولكن هذا التأثير السلبي محدود ويمكن تجاوزه بقدر من الترشيد في بعض البنود مثل البند الخاص بالتعبئة والتدريب مثلا. وأوضح «عزالدين» أن محدودية تأثير قرار التعليق يرجع أيضًا إلى أن القوات المسلحة المصرية مستعدة لمثل هذا القرار منذ سنوات ولديها خطط بديلة في حال حدوثه من حيث البدائل لنظم التسليح والإمداد، وأن القوات المسلحة مدركة أن القرار له أبعاد ودوفع سياسية، ولكن يبقى تأثيره على قدرات الجيش المصري العسكرية محدودة. وعن التأثيرات السلبية للقرار، قال «عزالدين»: إن المعونة العسكرية الأمريكية لمصر تقدر ب540 مليون دولار سنويًا وتتوزع على عدة بنود مثل نظم التسليح وقطع الغيار والذخائر والتدريب والبعثات الدراسية للعسكريين المصريين، وأن تقليل التأثير يمكن أن يتم من خلال ترشيد بند التدريب والبعثات الدراسية، كما أن تنفيذ قرار التعليق سيتم تنفيذه مع الميزانية الأمريكية الجديدة عام 2014، وأن هذا معناها أن لدى مصر فسحة من الوقت يتم خلالها تنفيذ خارطة الطريق وإجراء الانتخابات في مارس أو أبريل من العام المقبل ومعنى هذا تأثير القرار سيكون في فترة زمنية من 4 إلى 5 أشهر فقط، حيث إن إجراء الانتخابات سوف يفقد الولاياتالمتحدة مبررات قطع المساعدات. الجيش لديه احتياطات من قطع الغيار وحول تأثير القرار على إمداد الجيش المصري بقطع الغيار، قال «عزالدين»: إن القوات المصرية لديها احتياطات من قطع الغيار لفترة زمنية كافية، ولديها خطط استراتيجية في البحث عن البدائل في حال استمرار قرار القطع إلى فترة زمنية كبيرة، وهو الأمر الذي لا أتوقعه نظرًا لأهمية استمرار المساعدات العسكرية للولايات المتحدة، حيث يمنحها الفرصة لمتابعة ومراقبة النظام التسليحي للجيس المصري ومعرفة عد أفراده، ولكن تبقى الخطط العسكرية بعيدة عن الجانب الأمريكي، وأن تحول مصر إلى دول أخرى للحصول على مصادر للتسليح سوف يفقد الولاياتالمتحدة هذه الميزة وهي حريصة على استمرارها. وحول بدائل التسليح المتاحة أمام مصر، قال «عزالدين»: إن هناك عدة بدائل للتسليح أمام مصر منها الكتلة الشرقية ممثلة في روسيا والصين، وأن الجيش المصري يملك من الكفاءات البشرية التي تستطيع أن تستوعب أي نظم تسليح جديدة متى تم إدخالها إلى النظام التسليحي للجيش المصري، كما يملك خبرات تلقت تدريبات عسكرية بالكتلة الشرقية وقادرة على التعامل مع أي أنظمة تسليح جديدة، ويمكن استيعاب نظم التسليح الشرقية على الخبرة التاريخية المتراكمة في التعامل نظم التسليح الشرقية لدى الجيش المصري، ونفى «عزالدين» حدوث أية مرحلة من الخلل لدى القوات المصرية وهي قادرة وجاهزة للتعامل مع كل نظم التسليح بعد ارتفاع الكفاءة العلمية لعناصر القوات المسلحة والتوسع في استخدام التقنيات العسكرية الحديثة. أمريكا الخاسر الأكبر من ناحيته، قال قائد القوات المصرية في حرب الخليج الثانية اللواء محمد علي بلال: إن أمريكا هي الخاسر الأكبر من قرار وقف جزء من المساعدات العسكرية أو حتى التهديد بوقفها نهائيًا، لأن مصانعها ستتكبد خسائر كبيرة إذا ما تم ذلك، حتى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قال في خطابه الأخير: إن خفض بيع الأسلحة لمصر يكلف الخزانة الأمريكية أكثر من 500 مليون دولار. وأضاف «بلال»: فكرة وقف التسليح لا تؤثر على مصر أو القوات المسلحة في أي شيء، وسبق أن تحررنا من السلاح الروسي، وتحولنا إلى الأمريكي دون أي خسائر أو تأثير على قواتنا القتالية، ونستطيع أن نفعلها مرة أخرى. التوقيت له ارتباط سياسي وأكد الخبير الاستراتيجى اللواء محمد زكي عكاشة، أن قطع المعونات العسكرية لن يؤثر على قدرة مصر على التسليح، ولن يضعف القدرة العسكرية، مشيرًا إلى أن القرار في هذا التوقيت له ارتباط سياسي ونوع من أنواع ممارسة الضغوط على مصر، وهو أمر اعتدنا عليه كل فترة وفقًا لطبيعة المتغيرات السياسية في المنطقة وكنتيجة طبيعية للخطوات الناجحة التي تتخذها القاهرة قدمًا في إنجاز خارطة الطريق والانتهاء من الدستور الجديد، وهو ما يعني قطع الطريق أمام عودة الإخوان إلى الحياة السياسية، فضلًا عن قطع الطريق أيضًا على الاتصالات والوساطات، بالإضافة إلى اقتراب أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي الشهر المقبل، بالإضافة إلى خفت الضوء عن أنصار المعزول وإجهاض كل مخططاتهم خلال الفترة الفائتة، كل هذه المؤشرات كان لا بد وأن تكون هناك خطوات تصعيدية للولايات المتحدة للضغط على مصر من أجل فتح قنوات جديدة للاتصال والحديث، وتقريب وجهات النظر لاتخاذ خطوة على طريق وضع حد أو تقدم خطوة نحو الإخوان ووضعها في الحياة السياسية من جديد، مستغربًا أن يكون في وقت تقوم فيه مصر بحرب على الإرهاب ونجاحها في فرض السيطرة على سيناء. ورأى «عكاشة» أن القرار لن يكون له تداعيات على قدرة مصر، مشيرًا إلى أنه مجرد نوعًا من لي الذراع، ولن ينهار الجيش المصري، خاصة وأن مصر لديها أسلحتها للضغط على الولاياتالمتحدة فضلاً عن المصالح المشتركة وقال: أعتقد أنهما حريصان على استمرار تلك العلاقات حفاظًا على المصالح الأمريكية بالمنطقة ومنها المرور الآمن في الممرات الجوية المصرية وتأمين القطع البحرية في قناة السويس وتوطيد علاقتها في الشرق الأوسط، وهو ما يفقدها مصالحها فتصبح هي الخاسر من تلك الخطوة مطالبًا كل من يتحدثون عن ضرورة الاستغناء عنها نهائيًا بالصمت لأنه كلام غير مدروس، مؤكدًا أن الولاياتالمتحدة ستتراجع عن القرار في القريب العاجل، مطالبًا الدبلوماسية المصرية أن يكون نقاشها في المرحلة المقبلة التركيز على الاتفاقيات التي حددت المعونة الأمريكية، والتي كانت بموجب اتفاقية كامب ديفيد. وأوضح «عكاشة» أن القرار جاء أيضًا في وقت تواجه فيه الولاياتالمتحدة حالة من التعثر المالي وأزمة حقيقية على المستويين السياسي والاقتصادي، وهو ما يجعلها تراجع كل ما يتعلق بالمساعدات التي تقدمها، خاصة لمصر، وهي بذلك تضرب عصفورين بحجر، بالرغم من يقينها أن القرار سيسبب خسارة أمريكية أكبر من الخسارة المصرية، لأن مصر لديها بدائل لهذه المعونات، وأهمها وقوف دول الخليج وعلى رأسها المملكة، وهي قوة اقتصادية أقوى من الأمريكية، فضلًا عن أن الولاياتالمتحدة لديها مصالح مشتركة قوية مع هذه الدول الخليجية تتأثر بتأثر العلاقات المتوترة مع مصر، مثلما حدث بعد ثورة 30 يونيو وموقف المملكة منها، والذى كان له التأثير الإيجابي، موضحًا أن البديل الآخر هو السلاح الروسي، وهو ما يمكن اللجوء إليه من جانب الجيش المصري ودول أخرى. وقال اللواء عكاشة: إن التسليح المصري يمتك قدرات عالية ومتطورة ولن يكون له تأثير بالقرار الأمريكي وقف إمدادنا بالمساعدات، ولن يخطع الجيش المصري أو الحكومة للمساومات الأمريكية، والجيش لا يتم تهديده تحت أي ظروف، وإذا أرادت أمريكا وقف المساعدات فلتفعل ذلك وتتحمل العواقب.