وزير الخارجية الدكتور محمد جواد ظريف قد أكد مراراً علمه بصعوبة المحادثات المقبلة وأشار إلى أن الخلاف بين الجمهورية الإسلامية والولاياتالمتحدة الأميركية أعمق من أن يحل عبر مجرد نقاشات تكنيكية. طهران (فارس) في كل محادثات تجرى على أي مستوى كان، فإن طرفي الحوار يجب أن يكونا متفائلين قدر المستطاع، وذلك بمعنى التفاؤل الذي تتطلبه المحادثات لأنه لا يمكن التوصل إلى نتيجة في أية محادثات إن كان الأساس هو التشاؤم المطلق. وبالطبع هناك اختلاف كبير بين التفاؤل والسذاجة، فلو اتصف طرف المحادثات بالسذاجة ولم يتمكن من التمييز بين الأهداف الحقيقية التي يتوخاها الطرف المقابل والتي يضمرها وبالتالي لا يتمكن من برمجة رغباته وفق تلك الأهداف الواقعية المضمرة، وكذلك لو أنه كان راغباً بالتوصل إلى حل لدرجة أنه يبذل الغالي والنفيس لتحقيق هذا الحل المرتقب، فسوف يحدث ما ليس بالحسبان وسوف يملي عليه الطرف المقابل ما يريد وهذه هي السذاجة بعينها. أما بالنسبة إلى المحادثات بين الجمهورية الإسلامية والغربيين وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة الأميركية، فإن كلاً من الدكتور حسن روحاني رئيس الجمهورية والدكتور محمد جواد ظريف وزير الخارجية قد أكدا مراراً ضرورة عدم تكرار ما شهدته المحادثات السابقة، لكن هذه التصريحات لا تنسجم مع التفاؤل بالنسبة إلى الفريق المفاوض الجديد الذي سيتولى شأن المحادثات في جنيف وهناك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى التشاؤم بالنسبة إلى هذه المحادثات. فبعد الاتصال الهاتفي التأريخي بين الرئيسين روحاني وأوباما في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي الذي لم يتمخض عنه أي تغيير في استراتيجية الطرف المقابل، فإن نبرة واشنطن أصبحت أكثر حدة وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن البيت الأبيض ما زال متشبثاً بمواقفه السابقة التي تؤكد ضرورة الاطمئنان من برنامج طهران النووي حسب المبادئ التي يضعها الأميركان واتخاذ طهران اجراءات لطمأنة المجتمع الدولي بكون برنامجها النووي سلمياً وهذا يعني بصريح العبارة أن واشنطن تقول: نأمر وننهى متى ما شئنا. فإن باراك أوباما لم يكلف نفسه حتى بالتصريح بضرورة عدم اتخاد إجراءات عسكرية ضد طهران جواباً على مواقف الحكومة الجديدة الإيجابية وكذلك لم ينبس ببنت شفة حول مسألة تقليص الحظر المفروض الذي يستهدف الشعب الإيراني ومصالحه بشكل مباشر ولا يؤثر على البرنامج النووي بأي شكل كان، بل تمسك بنفس المطالب السابقة وواصل ضغوطه على الجمهورية الإسلامية. وكذلك فإن العديد من الجهات الرسمية الأميركية قد قدمت أكثر من 15 مشروعاً لاستئصال بعض جوانب البرنامج النووي الإيراني من الأساس ولم تطالب بسلميته أو تقليص نطاقه، وذلك إنما يدل على نية الإدارة الأميركية بتدمير البنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني وليس اجتناب عسكرته، إذن ثبت بشكل قطعي أن هدف الأمريكان هو القضاء على قدرات طهران النووية بالكامل لا تأطيرها بإطار سلمي. والأمر المثير للدهشة هو عدم وجود أية بوادر على نية الغرب والأميركان بإلغاء الحظر المفروض أو تقليص فقراته وكذلك فإن إلغاء الحظر من جانب الأوربيين وحدهم دون موافقة واشنطن سوف لا يكون له أي تأثير يذكر. ولو فرضنا بأنه يمكن الاعتماد على الأميركان إلى حد ما - كما يتصور البعض - وأذعنا بأنهم سيلغون الحظر المفروض على الجمهورية الإسلامية ويبنون جسور الثقة من جديد لو أنّهم تأكدوا بالكامل من سلمية البرنامج النووي الإيراني وسيسمحون لطهران بمواصلة تخصيب اليورانيوم، أليس ذلك فكر ساذج؟! فهنا مشكلة كبيرة متجذرة لا يمكن غض النظر عنها بوجه ألا وهي العلاقات الحميمة بين الأميركان وحلفائهم السعوديين والإسرائيليين، فواشنطن غير مستعدة بالتضحية بأصدقائها الأوفياء في الرياض و"تل أبيب" مهما كلف الأمر. بقلم الباحث الايراني: مهدي محمدي