أكد معهد كارنيغي ان على الاتحاد الاوروبي ان يسهل العلاقات بين اميركا وايران وان يسعى لإعادتها الى مسارها ما قبل فترة احمدي نجاد. تحليل (موقع إشراف) نشر معهد كارنيغي (مركز اوروبا) مقالا بقلم ريتشارد يونغز المدير السابق لمعهد (فرايد) الاسباني، جاء فيه: ان ذوبان الجليد في العلاقات بين ايران واميركا، استقطب اهتمام الكثير بشكل قابل للإدراك. الاتحاد الاوروبي يتمتع حاليا بموقع جيد ليساهم في توسيع نطاق العلاقات الحسنة الفتية مع طهران. ولاشك ان الاولوية الاولى تتجه على الامد القصير نحو التوصل الى اتفاق نووي، الامر الذي يبشر به التقدم في مفاوضات جنيف. الا انه من المتوقع ان يتسع نطاق هذا التعامل بالتالي بشكل تدريجي ليخرج من اطار المفاوضات بين حكومة مع حكومة اخرى في المجال النووي. وقد حظي الاتحاد الاوروبي سابقا بموقع مماثل، فالمرحلة الجديدة من العلاقات مع ايران بحاجة الى ان يستلهم الاتحاد الاوروبي الدروس من المرحلة السابقة من التعاون مع الجمهورية الاسلامية الايرانية. وذكر المقال ان العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وايران كانت حسنة في عهد الرئيس الايراني الاسبق، محمد خاتمي، مضيفا انه بعد انتخاب خاتمي رئيسا للجمهورية عام 1997، سعى الاتحاد الاوروبي وبمهارة فائقة لتوسيع نطاق التعاون مع ايران في اطار زمني يمتد بين خمس الى ست سنوات ليشمل مجالا واسعا من القضايا السياسية. وقد تضاعفت خلال تلك الفترة زيارات كبار المسؤولين بين ايران واوروبا. وقد شكلت ايران والاتحاد الاوروبي فرق عمل في مجال التبادل التجاري والاستثمارات، كما حصل اختراق في الطريق المسدود في التعاون في مجال الطاقة. وقد انطلقت في عام 2002 محادثات لوضع اتفاقية للتبادل والتعاون بين الجانبين. كما ابدى الاتحاد الاوروبي ردود فعل قوية تجاه المحاولات الاميركية لفرض عقوبات غير قانونية على التجارة الاوروبية مع ايران. واضاف المقال انه بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر انطلقت محادثات رسمية بين ايران والاتحاد الاوروبي في مجال مكافحة الارهاب والامن وحقوق الانسان. كما اجرت بعض الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي محادثات ثنائية مع ايران في مجال حقوق الانسان. وتأتي في مقدمتها الدنمارك في هذا المجال. وأمسكت العديد من الدول الاخرى الاعضاء بزمام المبادرة لتنفيذ القانون وخاصة المانيا وبريطانيا. كما قدمت الحكومة الفرنسية مبادرات في المجال المدني ودعمت مجال تحمل العقائد ماليا. وقدمت المؤسسة الاوروبية للديمقراطية وحقوق الانسان مشاريع جديدة بشأن ايران، وخاصة حرية وسائل الاعلام. لكن مع انتخاب محمود احمدي نجاد رئيسا لإيران عام 2005، انحسر التعاون في جميع هذه المجالات. ويرى المقال انه مازال الطريق طويلا من اجل العودة الى عمق وسعة التعامل السابق بين الاتحاد الاوروبي وايران. وبالتحديد فإن الدبلوماسيين يذعنون ان ايران أبقيت خارج ردود افعال الاتحاد الاوروبي تجاه ما يسمى "الربيع العربي"، وبعد عام 2011 لم تبذل مساع كبيرة في مجال ايجاد العلاقات على صعيد المجتمع المدني. واذا اراد الاتحاد الاوروبي ان يبسط تعامله مع ايران بشكل يشمل عوامل عديدة لا تنحصر بالفريق الايراني المفاوض المرن، فعليه ان يبدأ هذه المساعي من النقطة الاولى. وزعم المقال انه ينبغي على الاتحاد الاوروبي ان يستلهم الدرس من علاقاته السابقة مع ايران في الفترة ما قبل عام 2000، وهو انه لا ينبغي التعويل اكثر من اللازم على رئيس جمهورية اصلاحي في ايران، مضيفا ان الدرس الحاصل من هذا الموضوع هو ان العلاقات المستقبلية لا ترتبط فقط بالرئيس الايراني، حسن روحاني، وانما هي مرتبطة ايضا بتعزيز الصلة بين العوامل الاجتماعية والاقتصادية. ويكتسب هذا الموضوع اهمية مضاعفة عندما يحبط الرئيس الايراني المخلص للنظام الايراني، على اقوى الاحتمالات، آمال من يتوقعون منه اجراء اصلاحات سياسية واسعة. وتابع المقال: ان على الدول الغربية كذلك ان تولي اهتماما اكبر بالارضية التي تكونت عليها العلاقات الحسنة الحالية. وبإمكان الاتحاد الاوروبي ان يكمل المصالحة بين اميركا وايران من خلال السعي لإثبات هذا الموضوع بأن المحادثات الاكثر شفافية من شأنها ان ترمم المخاوف الاقليمية الملموسة لدى سائر الدول وخاصة الدول المطلة على الخليج الفارسي. وزعم المقال ايضا ان روحاني لم يتمكن من تنفيذ الوعود التي وقعتها ايران مع الاتحاد الاوروبي في اوائل العقد الاول من القرن الواحد والعشرين، وهذا الامر جزء منه ناجم عن التوجهات السياسية الداخلية في البلاد آنذاك. وعلى روحاني ان يهتم بدقة لهذا الموضوع بأن الموضوع النووي لا يمكنه ان ينحصر بهذا الامر. وعلى الدول الاوروبية ان تدرك هذا الدرس. ويرى المراقبون انه خلافا لسائر الدول في الشرق الاوسط، فإن مصالح الغرب وقيم حقوق الانسان في ايران تصب في اطار واحد. ومن السذاجة التصور بأن التغييرات على المسرح السياسي الداخلي تؤول بالضرورة الى نتائج غير مرضية للغرب. ولاشك انه اذا لم تصل المفاوضات النووية الى ثمرة ملموسة، فإن الغرب سيكون بحاجة الى مسارات اخرى لكي لا يضيع فرصة التعامل المتاحة مع ايران. ان الدور المحدد للاتحاد الاوروبي هو ان يضع نفسه في موقع يسهل العلاقات بين اميركا وايران. وعلى الاتحاد الاوروبي ان يبذل سعيه بشكل اكثر تكثيفا من اجل العودة الى المسار الذي كان يطويه مع ايران قبل عهد احمدي نجاد. الا ان على الاتحاد الاوروبي ان يمضي بهذه الخطوات والتعامل بنحو تكون اكثر بقاءا ومشروعية. /2926/