تظاهر آلاف المحتجين في واشنطن مساء أمس الأول السبت، للمطالبة بإقرار قانون لإصلاح برامج المراقبة التي كلفت بها وكالة الأمن القومي المتهمة بانتهاك الحياة الخاصة. وتأتي هذه التظاهرة سط فضيحة نجمت عن تسريب مستشار سابق في الاستخبارات الأمريكية لمعلومات تتحدث عن تنصت على اتصالات داخل الولاياتالمتحدة وخارجها، بما في ذلك على قادة أجانب. وأثار كشف المعلومات عن برامج المراقبة الواسعة هذه القلق في الولاياتالمتحدة، بشأن دور وكالة يعتقد البعض أنها أصبحت خارجة عن السيطرة. وبعد 12 عامًا تمامًا على تبني الكونغرس للقانون الوطني (باتريوت أكت) لتوسيع عمل الاستخبارات في مجال مكافحة الإرهاب بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001، دعا المحتجون إلى وقف «التجسس الواسع». وتجمع المتظاهرون الذين بلغ عددهم بحسب المنظمين 4500 شخص أمام مبنى الكابيتول مقر الكونغرس، وأطلقوا هتافات ضد وكالة الأمن القومي، من بينها «وكالة الأمن القومي يجب أن ترحل» و»أوقفوا الحكومة السرية وكفوا عن التجسس وكفوا عن الكذب». وقدم المتظاهرون إلى الكونغرس عريضة وقعها عبر الانترنت أكثر من 575 ألف شخص تطالب البرلمانيين ب»كشف الحجم الكامل لبرامج التجسس لوكالة الأمن القومي» المكلفة اعتراض الاتصالات على أنواعها. ومنذ يونيو تكشف تسريبات إدوارد سنودن المستشار السابق في الوكالة المكلفة مراقبة الاتصالات، كشفت تسجيل معطيات هاتفية لمواطنين أمريكيين ومراقبة مكالمات ملايين الفرنسيين والتنصت على الهواتف الجوالة لعدد من قادة الدول، وأبرزهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيسة البرازيلية ديلما روسيف. وأدى الكشف عن هذه المعلومات إلى إحراج كبير لأدارة الرئيس باراك أوباما. من جهته، قال رئيس مجموعة الإعلام والتكنولوجيا الحرة كريغ أهارون أمام الحشد إن «الأمريكيين ليسوا وحدهم العالقين في هذه القضية، نحتاج إلى اتخاذ موقف من أجل بقية العالم أيضًا». وأضاف أن «الأمر لا يتعلق باليمين واليسار بل بالصحيح والخاطىء». وأشار تريفور تيم (28 عامًا) من مجموعة الحقوق الرقمية «الكترونيك فرنتير فاونديشن» إلى أنها المرة الأولى التي يتجمع فيها الناس من أجل الدفاع عن حياتهم الخاصة. وقال تيم إن «الرأي العام الأمريكي تغير كثيرًا في نظرته إلى وكالة الأمن القومي والخصوصية». ومع كشف المعلومات عن عمليات التنصت، اضطرت إدارة الرئيس أوباما لإتخاذ إجراءات في أغسطس من أجل ضمان شفافية أكبر في برامج المراقبة، بما في ذلك البرنامج الذي سبب أكبر صدمة للأمريكيين ويتعلق بجمع المعطيات من تسجيل اتصالات هاتفية. وينوي الكونغرس الأمريكي عقد جلسات استماع بشأن برامج المراقبة في الأسابيع المقبلة بينما طرح عدد من مشاريع القوانين لتعديل هذا النظام. وفي رسالة وجهها إلى المتظاهرين، قال سنودن «اليوم، لا يجري أحد في أمريكا اتصالا بدون أن يكون له تسجيل لدى وكالة الأمن القومي، اليوم لا عملية شراء عبر الإنترنت تدخل إلى أمريكا أو تدخل منها بدون أن تمر على وكالة الأمن القومي». وأضاف أن «ممثلينا في الكونجرس يقولون لنا إن هذا ليس مراقبة وهذا خطأ». وأضعف الكشف عن المعلومات حول عمليات المراقبة موقف أوباما إزاء حلفائه الأوروبيين والبرازيل أو المكسيك ما حدا بالإدارة إلى أن تتساءل حول الضرورة التي يشدد عليها مسؤولو الاستخبارات، لجمع هذا الكم من المعطيات تحت مسمى مكافحة الإرهاب.