خرج الأهلي والنصر بتعادل مثير 2-2 في المباراة التي أقيمت بينهما في استاد راشد، وحملت الكثير من التقلبات الترجيدية التي حولت الفرحة الحمراء بفوز كان قريباً منه حتى الدقيقة 88 إلى ابتسامة زرقاء في النهاية، رغم أن النتيجة أشارت إلى ظفر كل طرف بنقطة، تبدو في حسابات المنافسة على القمة خطوة إلى الوراء، لكنها تبقى أفضل من لاشيء . والتقى الأهلي والنصر لأول مرة منذ مدة ليست بقصيرة وهما يتصارعان معا على القمة، ليكون "الديربي" الأقدم في كرة الإمارات له خصوصية تنافسية انعكست في أرض الملعب رغبة عند مدربي الطرفين بعدم الخسارة، وهو مابدا واضحاً من خلال التكتيك المتبع وغلب عليه طابع الحذر الدفاعي . لم يأت ديربي أيام زمان بالكثير على الصعيد الفني الجمالي، إلا أنه أمكن ملاحظة الانضباط التكتيكي عند اللاعبين، ولقد شكل الإسباني كيكي فلوريس مدرب الأهلي عنصر المفاجأة الأول عندما دفع بسعد سرور في مركز الظهير الأيمن لأنه يقوم بواجبات دفاعية أفضل من عبد العزيز هيكل، في حين كانت مفاجأته الثانية إشراك طارق أحمد لاعب الارتكاز في خانة الظهير الأيمن لتعويض غياب صنقور المصاب، وهي خطوة سبق أن جربها في الموسم الماضي عندما دفع أحمد معضد في المركز نفسه . وعلى العموم قدم الأهلي مباراة جيدة في الإجمال، فسجل مرتين واستطاع خلق فرص تعتبر مقبولة وضمن حدود المستطاع في مواجهة ستار دفاعي قوي يضعه النصر عادة في كل مبارياته . وكان لافتاً المجهود الكبير للكاميروني إيماناً، حيث كان مع إسماعيل الحمادي أحد أبرز اللاعبين في صفوف الأهلي، في حين قدم خط الدفاع مباراة مثالية إلى حين وقوع بشير سعيد بالخطأ القاتل عندما ارتكب مخالفة على حدود المنطقة على ماسكارا لم يكن لها أي داع، ومن سوء حظه أنها أتى منها هدف التعادل للنصر . ومايمكن الإشارة إليه أن نعمة الأرض والجمهور تحولت إلى نقمة للأهلي الذي خسر 9 نقاط على ملعبه من أصل ،15 ولم يحقق الفوز إلا مرة واحدة فوق ميدانه، في حين خسر مباراة الجزيرة وتعادل في لقاءات دبي وبني ياس وأخيرا النصر . في المقلب الآخر، يمكن رفع القبعة مجدداً للنصراوية الذين يرفضون الاستسلام ويقاتلون من أجل تجنب الخسارة أو التعادل حتى آخر رمق، لتكون تجربة التأخر أمام الأهلي هي الثالثة لهم هذا الموسم، بعدما فازوا سابقا على الجزيرة 2-1 بهدفين في الدقيقتين 90 و،92 وعلى الشعب 2-1 بهدف في الدقيقة ،84 وجاء تعادلهم مع الأهلي 2-2 في الدقيقة 88 . ويلعب النصر بطريقة فريدة، فخطة مدربه الإيطالي والتر زينغا تبدو أنها قائمة بالكامل على التكتل الدفاعي، لكن مايطبق على أرض الواقع هو عكس ذلك تماماً، والدليل أن لاعبيه سجلوا 27 هدفاً في 10 مباريات، وهي نسبة عالية جدا أعطت "العميد" لقب ثالث أفضل هجوم بعد العين والأهلي . ومايبرز في خطة النصر الفريدة أنه يطبق أسلوب جر الخصم إلى منطقته قبل مباغتته بهجمة مرتدة تثمر عن هدف، كما فعل الإيطالي جوزيبي ماسكارا عندما افتتح التسجيل بعكس السيطرة الحمراء الواضحة وبتسديدة بعيدة بدا أن حارس الأهلي ينظر إليها بأعجاب وهي تدخل شباكه . ويبدو النصر أحياناً بأنه يلعب بأعصاب خصمه ويستنفدها حتى آخر لحظة، حتى إذا ما أنهكها يبدأ بفرض شخصيته مستفيداً من وجود أكثر من لاعب في صفوفه يجيد التحرك في كل المراكز، وكان ما قدمه ماسكارا في مباراة الأهلي أكبر دليل على اللامركزية عندما كان أول مدافع وآخر مهاجم وبسرعة كبيرة يحسد عليها حتى بلغت نسبة الجري عنده قياسات عالمية، في حين يبقى ليوناردو ليما أحجية الدوري منذ الموسم الماضي، بعدما تحول من لاعب يطالب الجميع بطرده على أول طائرة متجهة إلى بلاده البرازيل إلى نجم الارتكاز الأول الذي يساوي أحياناً فريقاً بأكمله . وإذا كانت كل كلمات الأعجاب لا تخفي حقيقة أن النصر فقد نقطتين ثمينتين في النهاية، لكن في المقابل لايمكن إغفال أنه خرج بنقطة من أمام خصم قوي ومنافساً مثله على اللقب، وهو مافهمه جيداً لاعبو "العميد" الذين احتفلوا بالتعادل وكأنه فوز، وماقامت به جماهير الأزرق التي ابتهجت ورقصت وغنت لنقطة انتزعت من قلعة "الفرسان" . على خط آخر، أكد مدرب الأهلي كيكي فلوريس بأن فريقه كان يستحق الفوز في المباراة وكان من الظلم أن يخرج متعادلاً . وقال كيكي: "كان لدينا العديد من الفرص التي كان من الممكن أن نحسم بها المباراة، وهدف التعادل لفريق النصر جاء من خطأ من المدافعين، وكنا نستحق الفوز لأننا سيطرنا على مجريات المباراة في شوطيها وكانت خطتنا الفوز والخروج بنقاط المباراة" . وعن سر خسارة الأهلي للعديد من النقاط على ملعبه قال "كرة القدم فيها الفوز والخسارة والتعادل، وهنالك أحياناً ظروف كثيرة وأمام النصر كنا جيدين ومتقدمين، وحدث خطأ من المدافع مكن الفريق المنافس من إحراز هدف التعديل في الدقائق الأخيرة" . وأشاد المدرب بالبدلاء طارق أحمد وسعد سرور وعلي حسين، واعتبر أنهم نجحوا في المهمة التي كلفهم بها في المباراة، وأكد أنهم استطاعوا أن يسدوا ويغطوا خانة زملائهم الأساسيين جيداً، وقال متابعاً: أنا سعيد بهذا التطور لدى اللاعبين الذين أثبتوا أنفسهم في الملعب وقدموا مباراة رائعة وحماسية" . من جهته، أكد الإيطالي والتر زينغا مدرب النصر أن "العميد" أثبت مرة أخرى شخصيته القوية عندما حول التأخر بهدفين إلى تعادل 2-2 . ورأى زينغا أن النصر استطاع الخروج بالتعادل بسبب روح الفريق التي ظهرت في الوقت الحاسم، كما كشف "العميد" عن شخصية قوية يملكها، وهذا شيء مهم جداً في كرة القدم وبالنسبة للمستقبل . وقال زينغا إنه لايوجد في النصر قائد واحد، بل الكل يقوم بدور النجومية، عبر جماعية الأداء والعمل لمصلحة الفريق ككل، وهذا سر من أسرار التميز . وأبدى زينغا رضاه على الخروج بنقطة التعادل من أرض الأهلي، وقال متابعاً: كان كل شيء جيداً بالنسبة لفريقي، إلا طريقة دخول مرمانا هدف التعادل، حيث تقدمنا بهدف وكانت الكرة بحوزتنا لنفقدها ثم تتحول هجمة للأهلي ويسجل منها إسماعيل الحمادي . ابن غليطة: التعادل في أرض الأهلي مكسب أكد مروان بن غليطة رئيس شركة كرة القدم في النصر أن النقطة التي خرج منها "العميد" بالتعادل مع الأهلي تعتبر مكسباً له، قياساً إلى "سيناريو" المباراة، واللعب في أرض الفريق المنافس . وقال بن غليطة: نحن سعداء جدا بالنتيجة، لأنه عندما تكون خاسراً ثم تتعادل قبل دقيقتين من نهاية المباراة مع فريق قوي مثل الأهلي، فمن المنطقي أن تكون سعيداً . وتابع: الأهلي محطة صعبة وقد اجتازها النصر بنجاح بالخروج بنقطة ثمينة، كما خرج الفريق بمكاسب أخرى عبر الأداء الجيد واللاعبين المميزين وجمهور النصر الكبير الذي كان حاضراً في المدرجات . ورأى بن غليطة أن النصر مازال حاضراً في المنافسة، كما هو حال الأهلي وبني ياس الساعين أيضاً للبقاء بالقرب من العين المتصدر، معتقداً أن رؤية الصراع على اللقب لم تتضح بعد، وهناك جولات كثيرة باقية والمنافسة مفتوحة على كل المراكز بين أكثر من فريق . وكشف بن غليطة أن المهاجم الإيطالي جوزيبي ماسكارا وعده بتسجيل هدفين في المباراة، وقد أوفى بوعده .