أعلن المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير بدر عبدالعاطي، أمس، سحب السفير المصري من أنقرة نهائياً، وتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع تركيا، والطلب من السفير التركي في القاهرة المغادرة بسرعة، باعتباره شخصاً غير مرغوب فيه، فيما اعتبرت أنقرة السفير المصري في تركيا «شخصا غير مرغوب فيه»، ردا على الخطوة المصرية على قاعدة المعاملة بالمثل، وأكدت الولاياتالمتحدة استمرارها في تشجيع الحكومة المصرية على تطبيق «خارطة الطريق»، التي وضعتها، واحترام المبادئ الديمقراطية، مشيرة إلى قيامها بخطوات عدة في هذا المجال. وتفصيلاً، قال عبدالعاطي، في مؤتمر صحافي عقده أمس، إن الحكومة المصرية قرَّرت كذلك استدعاء السفير التركي لدى القاهرة، وإبلاغه بأنه بات شخصاً غير مرغوب فيه، ومطالبته بمغادرة البلاد، ونقل السفير المصري لدى أنقرة بشكل نهائي إلى ديوان وزارة الخارجية بالقاهرة، مشيراً إلى أن السفير المصري بالفعل موجود في القاهرة منذ 15 أغسطس الفائت. وأضاف أن تلك القرارات جاءت بسبب «إصرار الحكومة التركية على التمادي في الافتراءات، وقلب الحقائق في مصر، بشكل يجافي الحقيقة منذ 30 يونيو 2013، وبسبب إمعان القيادة التركية في العمل ضد مصر، من خلال دعم اجتماعات تنظيمات تعمل ضد الاستقرار في مصر، فضلاً عن إطلاق تصريحات أقل ما توصف به هي أنها تمثِّل إهانة للشعب المصري». وأضاف أن مصر كانت حريصة على منح الفرصة تلو الفرصة للحكومة والقيادة التركية، من أجل تحكيم العقل وتغليب المصالح العُليا للبلدين على أي اعتبارات أيديولوجية أخرى؛ غير أن أفعال القيادة التركية دفعت الحكومة المصرية إلى اتخاذ هذه القرارات. وأكد عبدالعاطي أن مصر تُكن كل التقدير والاحترام للشعب التركي، غير أنه حمَّل الحكومة التركية الحالية جميع التداعيات، التي أدت إلى أن تتخذ الحكومة المصرية تلك القرارات. وكانت العلاقات المصرية التركية شهدت منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي القيادي في جماعة «الإخوان المسلمين»، مساء الثالث من يوليو الماضي تردياً بشكل مطرد، حيث قامت الخارجية المصرية باستدعاء السفير التركي لدى القاهرة حسين عوني بوصطمالي مرتين، وأبلغته احتجاجاً رسمياً على تصريحات القادة الأتراك، إزاء الأوضاع في مصر. وقامت كلتا الدولتين، في أغسطس الماضي، باستعداء سفيرها من الدولة الأخرى، وعاد السفير التركي إلى القاهرة قبل نحو شهر، فيما لم يعد السفير المصري حتى الآن. وكان رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، قال عقب ساعات من عقد أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول، بتهمة التحريض على قتل متظاهرين في 4 نوفمبر الجاري، إن «إشارة رابعة التي يرفعها أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ليست رمزاً للقضية العادلة للشعب المصري فقط، بل أصبحت علامة تندِّد بالظلم والاضطهاد في كل أنحاء العالم»، وطالبت الخارجية التركية «بالإفراج عن كل السجناء السياسيين، بمن فيهم مرسي»، معتبرة أن ذلك سيسهم بشكل كبير في عملية المصالحة والحوار في مصر. ووصفت الخارجية المصرية تصريحات أردوغان بأنها «تُعد تدخلاً غير مقبول في الشأن الداخلي المصري»، فيما أكدت الرئاسة المصرية على لسان الناطق باسمها السفير إيهاب بدوي أن «الرؤية الحزبية الضيقة، من رئيس الوزراء التركي، إنما تدفع مصر والعلاقات المصرية التركية إلى طريق، طالما حرصت مصر على تجنبه، حفاظا على العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين». في المقابل، توعدت تركيا بالرد بالمثل على قرار مصر، وقال الناطق باسم الخارجية التركية، ليفنت غومروكجو، «سنتخذ إجراءات مماثلة، بعد التشاور مع السفير التركي» المطرود. وفي رد فعل من تركيا، قال الرئيس عبدالله غول، على الهواء مباشرة في قناة «تي آر تي» التلفزيونية الرسمية «أتمنى أن تعود علاقتنا مرة أخرى إلى مسارها». وفي وقت لاحق، اعتبرت أنقرة السفير المصري في تركيا «شخصا غير مرغوب فيه»، ردا على طرد السفير التركي من مصر، حسب ما أعلنت وزارة الخارجية. وقالت الوزارة في بيان «السفير المصري عبدالرحمن صلاح الدين شخص غير مرغوب فيه، وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل، الذي هو أساس العلاقات الدولية». فبعد استدعاء القائم بالأعمال المصري المعتمد في أنقرة، أعلنت الوزارة أنها خفضت مستوى العلاقات الثنائية مع القاهرة، إلى مستوى القائم بالأعمال. من ناحية أخرى، سئلت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، جين بساكي، عن رفع قانون الطوارئ في مصر، وما إذا كان هذا البلد يشهد مزيداً من الديمقراطية ويسير كما هو مطلوب، فأجابت «لقد رأينا أن خطوات اتخذت، وثمة مزيد من الخطوات التي لابد من اتخاذها، للمضي قدماً في تطبيق خارطة الطريق، وزيادة مشاركة كل الأطراف في العملية السياسية، واحترام المبادئ الديمقراطية، ونحن نستمر في تشجيعهم على ذلك». ورداً على سؤال بشأن تصريحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بأن «(الإخوان المسلمين) سرقوا الثورة»، قالت بساكي، إن كيري غالباً ما يتحدث عن مصر، وعن موقفه من تاريخ الثورة. وأضافت «إذا دققتم في مضمون ملاحظاته، فستلاحظون أنه كان يتحدث عن الموقف الأميركي من الثورات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي دفعها شباب». وتابعت أن أولئك الشباب كانوا هم من أطلقوا شرارة الثورة، وهي لم تقم على أساس تطرف من أي نوع كان، وهذا ما حصل في مصر. وأردفت «كما نعلم فإن جماعة (الإخوان المسلمين) جماعة منظمة جداً، وهذا ما قادها إلى الحكم»، مشددة على أن إرادة الشعب والشباب كانت الدافع للثورة المصرية.