رفض إقليم كردستان العراق اتهامات بغداد باعتبار اتفاقه مع تركيا لتصدير نفطه إليها تهريبًا، واتهم الحكومة العراقية بعدم استغلال النفط لصالح الشعب، وإنقاذ شريحة كبرى منه من الفقر، وقالت واشنطن وأنقرة إنه لا بد أن يمر عبر موافقة الحكومة العراقية المركزية. لندن: انتقد نائب رئيس كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي، محسن السعدون، اتهامات نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني لسلطات اقليم كردستان بتهريب النفط، وشدد على أن إدارة النفط ثروة لكل الشعب العراقي، كما تنص المادة 115 من الدستور العراقي على إدارتها بالإشتراك مع الإقليم والمحافظات غير المنضوية في إقليم. واعتبر السعدون وصف الشهرستاني لتصدير النفط من الإقليم ب"التهريب"، أمراً مجافياً للحقيقة، وقال إنه على العكس من ذلك، فإن عدم اشراك الإقليم والمحافظات في استكشاف وتطوير الثروة النفطية "تهرباً" من الإلتزامات الدستورية، "خلق أزمات متتالية، فيما الفقر يضرب المواطنين في وسط العراق وجنوبه". واضاف المسؤول الكردي في بيان تسلمت "إيلاف" نصه اليوم: "مرة أخرى تلوح في الأفق بوادر خلق مشكلة جديدة بين الاقليم والحكومة الاتحادية حول موضوع النفط ، كلما قام الاقليم ضمن الاطار الدستوري بالتطوير والانتاج، والآن وصل إلى مرحلة تصدير النفط الذي يصب لصالح الشعب العراقي، نجد الحكومة الاتحادية تضع العراقيل أمامه تاركة هذه الثروة التي ينتظرها الشعب العراقي منذ سنوات، وفي الوقت الذي يعتبر العراق ثالث دولة في انتاج النفط نجد أن نسبة الفقر في بعض محافظاته تصل إلى اكثر من 40%". وأضاف "ان استثمار النفط ظل حلمًا للعراقيين الذين كانوا يستبشرون به عند تغيير النظام السابق، إلا أن الحكومة الاتحادية التي تمارس النظام المركزي لإدارة ملف النفط بخلاف ما جاء في الدستور الذي يجعل إدارة النفط والغاز مشتركة بين الإقليم والمحافظات وبين الحكومة الاتحادية". وقال "إن الدستور سوف يكون الحكم الفاصل بين الاقليم والحكومة الاتحادية وسوف يكون الشعب العراقي هو الشاهد". واوضح أن ادارة النفط ليست ضمن السلطات الاتحادية المنصوص عليها في المادة (110) من الدستور، وليس حتى من السلطات المشتركة المنصوص عليها في المادة (114) من الدستور، وانما ينطبق عليها نص المادة (115) من الدستور التي تقول (كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم والصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم تكون الأولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف بينهما) . وشدد على أن النفط والغاز هما ملك للشعب العراقي "وأن واردات النفط هي لكل الشعب العراقي وأن تصدير النفط من اقليم كردستان لا يعتبر تهريباً، كما يدعي السيد الشهرستاني وانما زيادة واردات العراق، ومفهوم التهريب ينطبق عندما يترك الشهرستاني النفط العراقي غير مستغل لصالح الشعب العراقي، ومستغلاً صلاحيات المحافظات الدستورية لصالح ادارة النفط مركزياً، ومن دون أي تحسن في المستوى المعاشي للشعب العراقي". بغداد تصف تصدير النفط الكردي إلى تركيا تهريبًا وجاء الرد الكردي هذا اثر مباحثات اجراها في بغداد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة العراقي حسين الشهرستاني مع السفير التركي لدى العراق فاروق قايمقجي هدفت إلى تعزيز العلاقات بين البلدين وسبل حل المشاكل والقضايا التي تخص تهريب النفط عبر الحدود التركية من دون علم وموافقة الحكومة الاتحادية ووزارة النفط العراقيتين، كما قال بيان صحافي لمكتبه تسلمته "إيلاف". واكد الشهرستاني أن النفط والغاز في العراق هما ملك لكل العراقيين، حسب نص الدستور العراقي والجهة المخولة بتصديرهما واستلام عوائدهما المالية هي الحكومة المركزية، مضيفاً أن العراق على استعداد لمساندة ودعم تركيا لادراكه أن عملية النمو التي تشهدها تركيا تحتاج إلى الطاقة. واشار إلى أن تركيا ليست شريكًا تجاريًا فقط للعراق، بل أن الشعبين العراقي والتركي هما شعبان كبيران وان التعاون بينهما يعزز الامن والسلام والإزدهار لكل شعوب المنطقة. وأضاف أن الحكومة العراقية تتطلع لتطبيع العلاقات مع تركيا للعب دور مهم في حل المشاكل التي تعصف بالمنطقة. وحول الأمر نفسه، أعلنت الولاياتالمتحدة عدم دعمها لأي عملية تصدير للنفط الخام العراقي من أي منطقة دون الحصول على موافقة الحكومة الاتحادية في بغداد. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي في مؤتمر صحافي بواشنطن أمس رداً على سؤال حول مباحثات أربيل وانقرة في مد انبوب للنفط "لا يوجد لدينا تغيير في موقفنا حيال هذا الموضوع ومواقفنا ثابتة وسنستمر في دعوة الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان إلى العمل من أجل التوصل لحل دستوري في ما بينهما". ويوجد في انقرة حاليًا رئيس حكومة اقليم كردستان نجيرفان بارزاني، حيث وقع اتفاقية رسمية لتصدير نفط الإقليم إلى تركيا، وذلك قبل عرضها على حكومة بغداد والحصول على موافقتها عليها، حيث يدور جدل ونقاشات بين الحكومتين الكردستانية والمركزية حولها. وجاء توقيع بارزاني هذا على الاتفاق قبل توجهه المنتظر إلى بغداد بعد عودته من تركيا لإطلاع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على الإتفاقية من اجل التوصل إلى تفاهمات حولها والحصول على موافقته عليها بمثابة وضع الحكومة المركزية تحت الامر الواقع. وقال وزير الطاقة التركي تانر يلدز في تصريح صحافي، إن عملية تصدير النفط ستبدأ قبل نهاية العام الحالي، مشيرًا إلى أن ما جرى توقيعه مع حكومة إقليم كردستان لم يكن مخالفًا للدستور العراقي، ولا للملاحظات التي قدمتها الحكومة العراقية. واضاف أن البدء بتصدير النفط من الإقليم وتوقيع العقد سيفتح الطريق أمام عقود أخرى ومشاريع أخرى تؤدي إلى تطوير العلاقات الاقتصادية بين تركيا والإقليم . وأكد أن "تركيا تؤمن بالتكامل الاقليمي للعراق وسوف تواصل العمل بما يتماشى مع مصالح الحكومة العراقية". واضاف أن "القضية الاكثر اهمية في عملية استخراج البترول من المنطقة (الكردية) هي اقامة عملية قانونية منظمة". واشار إلى أن تركيا تعتبر كل النفط أو الغاز الذي يمر عبر أراضيها ملكًا للعراق كله، واقترح وضع عائدات نفط كردستان العراق في حساب مصرفي تابع للدولة التركية على أن تقرر بغداد وأربيل أمر تقاسم هذه العائدات، لكنّ نوابًا عراقيين اعتبروا هذا الأمر تدخلًا تركيًا في الشؤون العراقية. ومن جهته، توقع وزير الثروات الطبيعية في إقليم كردستان آشتي هورامي بدء الإقليم بتصدير نفطه إلى تركيا بداية العام المقبل، مؤكدًا أن تصدير الغاز الطبيعي والنفط حق مشروع لاقليم كردستان. شركات تركية تستثمر نفط كردستان وتعمل شركات تركية عامة وخاصة في شمال العراق، ووقعت على عقود خاصة بحقول النفط في اربيل، وسوف تودع الاموال التي تحققت من هذه الصفقات في بنك تابع للدولة التركية وسترسل تركيا الايصالات الخاصة بكل صفقة إلى الحكومة المركزية في بغداد. وبعد ذلك، فإن الحكومة المركزية العراقية وإدارة اقليم كردستان ستتقاسمان الأموال وفقًا للنسبة المقررة بينهما. ويدور جدل بين اربيل وبغداد حول هذا الموضوع، حيث قال آشتي هورامي إن كردستان ستمضي قدمًا في تصدير النفط سواء وافقت بغداد على خطة المدفوعات أم لم توافق .. وأضاف "نحن لا نتجاهل بغداد غير انه إذا لم يكن أحد يريد التحدث معنا فلا بأس .. لقد صبرنا عشر سنوات". لكن حسين الشهرستاني رد في تصريح صحافي محذراً من أن الحكومة العراقية لن ترضى بتصدير نفط الاقليم إلى تركيا دون أخذ موافقتها مشيراً إلى ان الحكومة التركية ستطلب اذن نظيرتها العراقية قبل البدء بتسلم نفط الاقليم. وتتولى حكومة اقليم كردستان حاليًا تنفيذ مشروع خط الأنابيب الذي ستبلغ طاقته 300 ألف برميل يوميًا، وتقترح الحصول على 17 بالمئة من إجمالي إيرادات النفط العراقية، وفقًا لمادة في الدستور العراقي. وحين يبدأ تشغيل خط الأنابيب ستتوقف كردستان تدريجيًا عن تصدير نفطها بالشاحنات إلى ميناء جيهان التركي على ساحل البحر المتوسط.