يعتقد البعض أنه في ما يخص البحث عن فرص للعمل، تتساوى أهمية العلاقات المهنية التي يرتبط بها الشخص مع ما يتمتع به من خبرات ومهارات، بل وفي بعض الأحيان يكون للصلات المهنية الجيدة الدور الأكبر في الحصول على وظيفة جديدة، ولا تكفي متابعة الإعلانات وحدها، فبعض من أصحاب العمل يفضلون الاعتماد على ترشيحات الآخرين للوصول إلى الموظفين الأكفاء. وأتاحت مواقع الشبكات الاجتماعية فرصاً يصعب حصرها للأشخاص للتواصل، ليس فقط مع الأصدقاء والمقربين، بل أيضاً مع زملاء سابقين، والاقتراب من شبكات علاقاتهم، الأمر الذي يُسهل العثور على فرص أفضل للعمل، وعرض لخبرات الشخص، وحصوله على ترشيحات من زملائه وأصدقائه. ومع الخيارات الواسعة في عالم الشبكات الاجتماعية، يُنصح باختيار المنصة الملائمة للهدف؛ فربما يُناسب موقع «فيس بوك» لتبادل الأخبار والصور الشخصية مع الأصدقاء والعائلة، و«بنترست» و«إنستاغرام» للمهتمين بالتصوير والفنون، وقد يناسب الكتاب الراغبين في التواصل مع جمهور واسع موقع التدوين المصغر «تويتر»، في حين يُنظر إلى موقع «لينكد إن» كمنصة ملائمة للعلاقات المهنية ومكان يبحث فيه أرباب العمل عن موظفين جدد، كما يقصده الباحثون عن فرص للعمل لعرض مهاراتهم والتواصل مع زملائهم. ونقل تقرير نشره موقع «بي بي سي» عن خبير البحث عن وظائف لدى موقع «أبوت دوت كوم»، أليسون دويل، قوله: «بالنسبة للوظائف على المستوى المهني، يُتوقع أن يكون لدى المتقدمين صفحات شخصية قوية على موقع (لينكد إن) تُظهِر بوضوح مؤهلاتهم وخبراتهم لصاحب العمل المحتمل». وفي ما يتعلق باستخدام «لينكد إن»، الذي تأسس قبل 10 سنوات في ولاية كاليفورنيا، وبات لديه اليوم أكثر من 259 مليون عضو، كسبيل للحصول على وظيفة، ترى المسؤولة عن إدارة الصفحة الرئيسة لموقع «لينكد إن» وقسم «خلاصات الأخبار»، كارولين جافني، أن «تكوين الشبكات الاجتماعية عبر الإنترنت يتصل باستخدام كل شخص لشبكة علاقاته وأدوات الإنترنت، بهدف تحسين مهاراته، فيما يُجيد القيام به». وأضافت أن «الاستخدام الجيد يتضمن إنشاء ملف شخص جيد يُمكن الآخرين من العثور عليه، وتذكره حين يبحثون عن شخص له المؤهلات نفسها، وأيضاً تطوير شبكة جيدة من العلاقات تُساعد في الوصول إلى الوظائف المستقبلية، كما تتضمن المساهمة والمشاركة مع الآخرين». وأشارت إلى أن حقيقة موقع «لينكد إن» تتعلق بأن يكون الشخص أفضل في المجال الذي يعمل فيه، وكذلك أن يُعد نفسه للوظيفة المقبلة. وفي ما يخص كيفية تكوين شبكة جيدة من الصلات المهنية، وعموماً يُشكل تأسيس الصلات أساس فكرة الشبكات الاجتماعية، قال المهندس في «لينكد إن»، إران بيرغر: «نعلم أن الرقم (50) هو العدد السري للعلاقات»، باعتبار أن توافر 50 صلة مهنية لدى مستخدم الموقع أساسي للانتشار. وشرح بيرغر مثالاً على كيفية تكوين مستخدم «لينكد إن» شبكة علاقاته المهنية في الموقع، فبافتراض تواصله مع زميلة في العمل تُدعى آن، ضمن العلاقات من الدرجة الأولى، وإذا كان لدى آن عشرات العلاقات، فحينها تتسع شبكته لتشمل صلات من الدرجة الثانية تضم عدداً كبيراً جداً من الأشخاص. وتابع أنه «في حال تضمنت شبكة علاقات آن شخصاً آخر، يُدعى جيم مثلاً، ويعمل في شركة أحلم بالعمل فيها، يُمكن أن أطلب إلى آن أن تقدمني إليه لأسأله عما ينبغي عليّ القيام به للحصول على فرصة عمل في شركته». ومع أهمية الصلات المهنية على الإنترنت، تُطرح أسئلة حول الآداب والقواعد غير المكتوبة للتواصل؛ فالمعتاد أن من غير الملائم إجراء اتصالات مع غرباء، ولو كانوا من زملاء العمل، للحديث معهم بخصوص وظائف، لكن طبيعة الإنترنت جعلت من السهل رعاية ومتابعة العلاقات المهنية الجديدة، بدلاً من الاكتفاء بالاحتفاظ ببطاقات العمل الخاصة بالمعارف الجدد، كما جعلت الشبكات الاجتماعية من الناس أكثر انفتاحاً وقبولاً لتلقي رسائل ممن لا يعرفونهم. وقالت جافني: «القاعدة المتعارف عليها للتواصل مع الآخرين على (لينكد إن) هي الاتصال بالأشخاص الذين تعرفهم، أو يُحتمل أن تلتقي بهم لاحقاً، في مؤتمر أو حدث». لكن البعض يرافق شعوره بالخجل من الحياة الحقيقية إلى الإنترنت، وقد يشعر بعدم الارتياح أو التطفل عند التواصل مع غرباء بشأن العمل، واقترحت جافني طرقاً بسيطة للتفاعل مع الآخرين بهدوء، من بينها الإشارة بعلامة الإعجاب «لايك» أو كتابة تعليق على مادة شاركها شخصٌ آخر؛ ففعل كهذا مع بساطته وسهولته يُذكر الآخرين بوجودك. ورأت جافني أنه مع اكتساب الشخص مزيداً من الثقة، وتبينه أن الأمر ليس بالصعوبة التي توقعها، يُمكن أن ينتقل إلى كتابة تعليق على مقال نشره شخص آخر، ثم المرحلة التالية بنشر مقالاته الخاصة، مشيرة إلى أن الفوائد القيمة لذلك على تكوين اتصالات المستقبل وعلاقات مع أشخاص يساعدون في العثور على فرص عمل. ونقل تقرير «بي بي سي» عن مدير مجموعة المنتجات في «لينكد إن»، ساشين ريكهي، بعض النصائح للنجاح في استخدام الموقع، من بينها تضمين صورة شخصية مهنية في الملف الشخصي، وعرض التاريخ المهني والمنصب الحالي والوظائف السابقة، إضافة إلى كتابة ملخص عن الوظيفة الحالية وما يتطلع الشخص للقيام به، وإدراج توصيات من الأصدقاء والزملاء، إلى جانب إضافة ما أنجزه الشخص من مقالات وصور ومقاطع فيديو تُظهر مهاراته المختلفة.