أعْمالٌ جَميلةٌ متنوِّعَةٌ بِطرُقٍ وأدواتٍ مُختلفة قراءة للوحات التشكيلية الأمازيغية زهرة صدوق بقلم : لحسن ملواني المتتبِّع لأعمال التشكيلية العصامية الأمازيغية "زهرة صدوق" ، يدهشه هذا التنوع الذي يطبع لوحاتها من حيث النوعية ، و من حيث الخامات والوسائل المستعملة في التركيب والتشكيل والتلوين ، و تعدد أعمالها دليل قاطع على موهبتها وعلى تفننها الواسع في التعاطي مع أدوات وطرائق العمل الفني . فهي بارعة في التشكيل على الأدوات المنزلية ، وعلى الزجاج، وفي النقوش الحنائية وعلي القماش ، و في الخط العربي والحرف الأمازيغي التيفيناغي ، وغير ذلك. غير أنها تظل مرتبطة بالتراث الامازيغي وبالبيئة التي نشأت ودرجت فيها فلا تخلو لوحاتها من شجرة الورد ، الشجرة التي اشتهرت بها قلعة مكونة إلى حد تلقيبها بقلعة الورود ، علاوة على اهتمامها بالقصبة على غرار كثير من فنانين المنطقة كعبد السلام بوزيان ، والحسين طالبي ، و بن حمو ، وبوزير ، والمحمودي الصدِّيق ، وغيرهم . و هي معروفة بتوظيف الرموز التراثية المجسدة للثقافة الأمازيغية مستخدمة في ذلك مواد متنوعة... فهي تبني لوحاتها انطلاقا من مرجعيات تراثية مركونة في مخيلتها ، و منها الحلي والمعمار والزخارف التزيينية ، وما يشبه ذلك. وبإمكان المشاهد لأعمالها أن يتلمس اعتزازها وتأثرها بالمحيط الذي ترعرعت فيه ، فبالرغم من فسيفسائية أعمالها ، فإن البارز فيها تعلقها بمعطيات وثقافة بيئتها ، وهي بارعة في تجسيد أثرها الفني على كل أشياء محيطها ، وحققت بذلك نجاحا ملحوظا في التأنق في صياغاتها للوحاتها المتميزة بألوانها الزاهية الممتعة في تركيبات تبتعد فيها عن التجريد والعفوية ، فهي تتفنن ببساطة في إضفاء الجمالية على اللوحات والأشياء التي لها علاقة بعالم المرأة من الأثاث إلى النقوش التزيينية إلى الحلي ، وعلب الهدايا ، وما إلى ذلك. زهرة صدوق فنانة جعلها اجتهادها ومواظبتها على فنها تكتسح كثيرا من المجالات ، مجربة ، ومغامرة ، ومتطلعة إلى الأجود ، والنتيجة أنها تمكنت من إبراز تألقها وكفاءتها في التعاطي مع التشكيل منظوراً ووسائلَ وموضوعاتٍ تختارها وفق خبرتها باللون ، وهندسة مفردات لوحاتها بالشكل الذي يروق العين بجماليته الآسرة . و يتبين حبها وتعلقها بالتشكيل والفن ، انطلاقا من مواظبتها إلى غاية تمكنها من تراكم فني يُثْري تجربتها ويجعلها تسعى دوما إلى الجديد والأفضل ، فالفن والتفنن لا حدود لجمالياتهما وكيفياتهما. وكل لوحاتها تحكمها القصدية والاستهداف الجمالي عبر التأليف الرائع لعناصر اللوحة مراعية في ذلك التجانسات اللونية وهندسة الأشكال ... ورغم تعدد وتنوع أعمالها فكل عمل من أعمالها يحمل بصمة من بصماتها الفنية مما يمنحها خصوصية تحددها عمليتها الإبداعية المتجانسة الوحدات ، هذه الخصوصية تتحدد عبر مظهرين : الأول يتعلق بدرجة و ميزة ملكتها الإبداعية . والثاني يتعلق بالإطار الجغرافي والثقافي الذي يحتضنها كمبدعة تتأثر قبل أن تؤثر وتعكس ما يعتلج في وجدانها عبر إبداعاتها. فالمبدعة تلامس بإحساسها الجمالي كل ما يقع تحت بصرها فتتفنن في الترميم و التجميل لما تراه يحتاج إلى ذلك ، وبذلك تتحول الخامات والأدوات ببساطتها بين أناملها المبدعة إلى أشكال رائقة تحمل متعة بصرية لمشاهديها ، ولاحتكاكها بعملها الفني ، فقد اكتسبت الكثير من الطرق في التعامل مع إبداعاتها استنادا إلى تخيلاتها وتصوراتها التي لا يستغني عنها أي فنان ... وهي تمتلك القدرة على المحاكاة كما تملك مهارات ابتكارية تمكنها من إخراجات رائعة لمفردات وتركيبات لوحاتها مما أكسب أعمالها حسن التأليف والتشكيل لعناصرها ضمن قوالب تشكيلية تحمل بساطتها بقدر ما تحمله من ألق و جمالية . وتظل الفنانة الأمازيغية زهرة صدوق إلى جانب الفنانة "فاطمة ملال " وغيرها ، فنانة تحاول تحدي الظروف ، وتحدي التكاليف ، و التجاهل الذي ما يزال يطال الفن التشكيلي ، وكل ذلك دليل على التآلف الروحي الكائن بينها وبين فنها الذي صار جزءا من حياتها اليومية.