وإنما في المنطقة العربية فضلا عن مداها الزمني الطويل نسبيا قياسا لتجارب المنطقة فهي بدأت في ستينيات القرن الفائت ولعل السمة الرئيسية في انتخابات الأمس تتمثل في مقاطعة قوي وتيارات معارضة لها لأول مرة منذ بدء المسار الديمقراطي وهو مايلقي بظلال من الغموض علي فعالية مجلس الأمة القادم نظرا لغياب هذه القوي وربما هيمنة تيارات محافظة أقرب للسلطة مما يعني أن يفتقر المجلس لحيويته التي كان يتسم بها علي مدي العقود الست الأخيرة وإن كان ثمة من يري أن حالة من الاستقرار قد تسود العلاقة بين الحكومة والبرلمان خاصة أن هناك قوي أخري لاتتسم بطابع أيديولوجي ومستقلين قرروا المشاركة بشكل واسع في هذه الانتخابات وأبرز الحركات السياسية التي أعلنت مقاطعة الانتخابات هي الحركة الدستورية الإسلامية, وهي مجموعة منبثقة عن الإخوان المسلمين, تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية وبتعزيز الضوابط الاجتماعية, والتجمع السلفي الإسلامي, وهو مرتبط بجمعية إحياء التراث, المجموعة السنية ذات المواقف المتشددة في المواضيع الأخلاقية. ويقاطع أيضا حزب الأمة الإسلامي الانتخابات, وهو الحزب الوحيد في الكويت,الذي لم يحصل علي ترخيص من قبل السلطة.وهو ويطالب بحكومة منتخبة وإصلاحات جذرية, وسبق أن قاطع الحزب الانتخابات السابقة. كما أعلنت كتلة العمل الشعبي, التي تضم نوابا سابقين بقيادة رئيس مجلس الأمة السابق والزعيم المعارض المخضرم أحمد السعدون, مقاطعة الانتخابات. وتركز الكتلة علي مواضيع شعبوية مثل السكن وتحسين الرواتب إضافة إلي دعم الإصلاحات عموما. ودعت الكتلة بقوة لمقاطعة الانتخابات. وهناك مجموعتان ليبراليتان هما كتلة العمل الوطني والمنبر الديمقراطي في الكويت أعلنتا مقاطعة هذه الانتخابات, ويدافع المنبر عن أفكار تقدمية تتعلق بحقوق المرأة والدولة المدنية وأولوية التنمية. وقررت الغالبية الساحقة من القبائل مقاطعة الانتخابات, وطلب شيخا قبيلتي العوازم والعجمان الكبريين علنا من أبناء قبيلتيهما مقاطعة الانتخابات. وتتفاوت وجهات النظر بشأن تداعيات هذه المقاطعة علي مستقبل العمل البرلماني في الكويت فثمة من يري أنها لا تخلو من' الكذب والنفاق' لدي بعض التيارات التي تجاهر بذلك علي المنابر الإعلامية وتمارس النقيض في عملها السياسي, بينما قدمت الدعم لبعض المرشحين في الخفاء. وفي هذا السياق يلفت الناشط السياسي عبد الله زمان الي أن بعض من دعا إلي المقاطعة' تحت عنوان: نقاطع من أجل مبدأ عدم السماح للأمير بتحديد آلية الانتخاب', طلبوا من الأمير نفسه خلال لقائهم به قبل التعديل الأخير بأن يعدل النظام لكي يسمح للناخب بالاقتراع لمرشحين بدلا من واحد. ويقول: إن بعض التيارات الليبرالية والوطنية غير متفقة فيما بينها علي المقاطعة,وهنالك شخصيات مفصلية في القوي المعارضة دعمت مرشحين ليبراليين ووطنيين حضورا وانتخابا وإعلاميا'. وعن شكل البرلمان المقبل, يشدد زمان أن' هناك شخصيات مرشحة للانتخابات ومعروفة بمعارضتها الشديدة للفساد منذ عقود', مشيرا إلي أن نجاح هؤلاء يؤكد بشكل قاطع أن مجلس الأمة' لن يكون دمية بيد الحكومة'معربا عن اعتقاده بأنه' ليس من الحصافة السياسية أن تضع الحكومة نفسها في مأزق, وبالتالي ليس من مصلحتها أن يكون البرلمان المقبل صديقا للنظام.. خاصة مع المتغيرات التي شهدها العالم العربي وفي ظل المعطيات الإقليمية'. ويشير الي إن المقاطعة ترشيحا ربما تفيد العمل البرلماني, حيث ستتيح لوجوه جديدة الدخول إلي المعترك البرلماني وتطيح' برموز' حافظت علي كرسيها في مجلس الأمة طيلة السنوات الماضية. لكن في المقابل وفق رؤية الكاتب السياسي, داهم القحطاني فإن نتائج الانتخابات'لن تكون مؤثرة علي العمل السياسي في الكويت بسبب مقاطعة أبرز التيارات السياسية', مشيرا إلي أن' القوي المقاطعة ستصبح أكثر قوة بعد الانتخابات لا سيما أنها ستمارس المعارضة بوسائل جديدة وبعيدا عن العمل البرلماني' الذي كان يقيد حركتها معتبرا أن المقاطعة ستضع الحكومة في ورطة وتزيد من الأزمة السياسية في البلاد, خاصة أن من يقود تلك المقاطعة قوي وصفها بالفاعلة, ك'كتلة العمل الشعبي' و'الحركة الدستورية الإسلامية' و'التحالف الوطني الديمقراطي' و'المنبر الديمقراطي'. وعن الدور الذي ستلعبه تلك القوي بعد الانتخابات, يؤكد القحطاني أنها' ستمارس معارضتها عبر الحراك الشبابي ووسائل الإعلام وتجمعات ساحة الإدارة' لتحقيق كافة مطالبها وأبرزها الوصول إلي' حكومة برلمانية مع الإبقاء علي الصلاحيات الدستورية لأمير البلاد'. وفي ظل هذا التجاذب بين المقاطعين والمؤيدين يتخوف المراقبون من أن تزداد حدة الأزمة السياسية التي تشهدها الكويت لاسيما أن البلاد تعرضت لأزمات سياسية كثيرة وحل البرلمان الكويتي6 مرات منذ.2006