شكا مستهلكون مبالغة تجار ذهب في تحديد رسوم مصنعية المشغولات الذهبية في أسواق دبي والشارقة، ليضمنوا عدم انخفاض هامش أرباحهم، في ظل تسجيل المعدن الأصفر تراجعات كبيرة منذ بداية نوفمبر الماضي، مطالبين بتدخل الجهات المسؤولة، للرقابة على المصنعية ووضع معايير معلنة لها. وأفاد مسؤولو محال لتجارة المشغولات الذهبية، بأن أسعار المصنعية تخضع لهوامش الأرباح المستهدفة من التجار، كل على حدة، وتختلف وفقاً لنوعية المشغولات، وكلفة التشغيل، وفئات المستهلكين في الأسواق الشعبية أو المراكز التجارية. أرباح التجار قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «داماس» للمجوهرات والساعات الفاخرة في المنطقة، عنان فخر الدين، إن «أسعار المصنعية لا تتعلق بزيادة أرباح التجار، كما يشاع لدى بعض المتعاملين، وإنما ترتبط بشكل مباشر بتكاليف التشغيل وتصنيع المشغولات، إضافة إلى نسبة الربح المستهدفة للتجار» وأضاف أن «دبي تشتهر بين أسواق المنطقة بأنها الأقل سعراً بالنسبة للمشغولات الذهبية، وهو ما ينفي مسألة تلاعب التجار برسوم المصنعية، التي تؤثر في صدقية أي تاجر يثبت تورطه في تلك الممارسات». من جانبها، أقرت مجموعة دبي للذهب والمجوهرات بأن أسعار المصنعية لا تخضع لأي رقابة، لكنها تحدد وفقاً للمنافسة بين التجار، وكلفة التشغيل. يأتي ذلك، فيما نفت كل من دائرتي التنمية الاقتصادية في دبي والشارقة مسؤوليتيهما عن الرقابة على مصنعية الذهب، وتركيز عملهما في حماية حقوق المستهلك المتعلقة بالجوانب الأخرى لتجارة المشغولات في الأسواق. مبالغات في السعر وتفصيلاً، قال المستهلك محمد عبدالرحيم، إن «تجار ذهب في دبي والشارقة فرضوا رسوماً مبالغاً فيها على مصنعية المشغولات الذهبية بمختلف أنواعها، لتعويض انخفاض أسعار الذهب بمعدلات كبيرة منذ بداية الشهر الماضي، والحفاظ على مستويات أرباحهم، في ظل استفادتهم من مجموعة من العوامل، أهمها: زيادة إقبال المتعاملين على الشراء في الفترة الحالية، وغياب الرقابة، وعدم وجود معايير واضحة لتحديد المصنعية»، لافتاً إلى أن «بعض المشغولات في الأسواق تباع بأسعار تصل إلى 4000 درهم، منها 1900 درهم للمصنعية فقط». وأشار المستهلك إبراهيم حجاب، إلى أن «محال المشغولات، تحدد أسعار المصنعية وفقاً لأهوائها، وترفعها وتخفضها مع تغير أسعار الذهب، للحفاظ على مستوى الربحية»، مشيراً إلى أنه رصد تبايناً كبيراً في أسعار مشغولات مقاربة في الشكل بين المنافذ، وتغيير البائعين للأسعار المعلنة حسب مهارة المستهلك في المساومة، مبيناً أن «بعض المحال تدعي تقديم تخفيضات لزيادة مبيعاتها، مستغلة جهل المستهلكين بأسس احتساب المصنعية». وأفاد المستهلك هشام داود، بأن «هناك تبايناً كبيراً في أسعار مصنعية الذهب بين المنافذ، التي يحددها التجار بشكل منفصل، لعدم وجود معايير تمكّن المستهلكين من معرفة الكلفة الحقيقية لصناعة الذهب، وهو ما يعرض حقوقهم للضياع، من خلال شرائهم مشغولات بأسعار مصنعية مبالغ فيها، خصوصاً خلال الفترة الأخيرة، التي تراجع فيها سعر الذهب بشكل كبير، مع ملاحظة وجود ثبات نسبي في أسعار المشغولات خلال فترة ما قبل انخفاض الذهب وما بعده». معايير المصنعية إلى ذلك، قال مسؤول المبيعات في محل «الرميزان للذهب والمجوهرات»، عبدالعزيز طالب، إن «أسعار المصنعية تختلف من محل لآخر، وتحددها بعض المحال وفقاً لفئات المتعاملين، وقدرتهم على المساومة في الأسعار، إضافة إلى الأرباح التي يستهدفها التجار»، مضيفاً أن «متوسط أسعار المصنعية في الأسواق يراوح بين 15 و45 درهماً للغرام». من ناحيته، ذكر مدير محل «مجوهرات ريكيش»، ريكيش جيه داهناك، أنه «لا توجد جهة تحدد أو تراقب أسعار مصنعية الذهب سوى التجار أنفسهم، إذ يضمون عادة إلى المصنعية هوامش الربح وكلفة التشغيل للمحال، إضافة لسعر تصنيع المشغولات الحقيقي في الشركات، وهو ما يصعب من إمكانية فرض معايير محددة لها في الأسواق». بدوره، اعتبر مدير محل «جوهرة بغداد»، حكمت ورد، أن «اختلاف أسعار المصنعية بين المشغولات المتشابهة نسبياً من الأمور المنطقية في الأسواق، مع لجوء التجار لتحميل كلفة الإيجارات والتشغيل على رسوم المصنعية، وهي تختلف من منطقة لأخرى، وتتباين وفقاً لموقع المحل، سواء في الأسواق الشعبية أو في المولات التجارية»، لافتاً إلى أن «أسعار المصنعية تبدأ من 10 دراهم وصولاً إلى 70 درهماً للغرام، وفقاً لنوعية المشغولات». وأشار إلى أن «رسوم المصنعية ترتفع في المشغولات من عياري (18)، و(21) قيراطاً، إذ تتزايد نسب التصنيع فيهما مقارنة بعياري (22)، أو (24) قيراطاً، فيما تعد المشغولات المصنعة في الشركات الإيطالية الأعلى في رسوم المصنعية، تليها المشغولات التركية، ثم المنتجات من دول شرق آسيا، والمشغولات العربية». من ناحيته، أكد المدير العام لمجموعة «دبي للذهب والمجوهرات»، تومي جوزيف، أنه «لا توجد أي معايير رقابية على مصنعية المشغولات الذهبية، لكنها في النهاية تخضع لضوابط المنافسة بين التجار، ما يجعلهم في سبيل سعيهم لاستقطاب المتعاملين وزيادة المبيعات لا يبالغون في تحديد قيمتها، وهذا الأمر مطبق في السوق منذ زمن، إذ يتم البيع وفق مبدأ (العرض والطلب)، والمجال أمام المستهلكين للمقارنة بين أسعار المحال مفتوح على الدوام». اختصاصات الرقابة من جهته، أوضح مدير أول توعية المستهلك في دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، عادل الحلو، أن «الدائرة تطبق معايير حماية المستهلك في أسواق الذهب، من حيث رصد شكاوى المستهلكين والنظر فيها في ما يتعلق بالتصدي لأي محاولة للتحايل أو بيع مشغولات مخالفة للمعايير، أو مخالفة لما تم الاتفاق عليه مع المستهلك، أو حتى في الحالات التي يثبت فيها التمييز بين المتعاملين، أي منح بعضهم سعراً أقل أو أعلى من الآخرين، بحسب اعتبارات شخصية من التاجر نفسه، لكنها لا تتدخل في الرقابة على تحديد رسوم المصنعية للمشغولات، التي تخضع للتجار وأسس المنافسة في الأسواق». من جانبه، أفاد رئيس قسم الحماية التجارية في دائرة التنمية الاقتصادية في الشارقة، علي فاضل، بأن «معايير الرقابة على مصنعية الذهب ومعرفة أسسها لا تقع ضمن اختصاصات الدائرة، التي تحرص على حماية حقوق المستهلك في الأسواق بموجب قانون حماية المستهلك رقم (24) لعام 2006». وأشار إلى أن «حقوق المستهلك، وفقاً للقانون، تتضمن الحق في الحماية من المنتجات وعمليات الإنتاج والخدمات التي تشكل ضرراً على الصحة والسلامة، والحق في تزويده بالحقائق التي تساعده على الشراء والاستهلاك السليم، إضافة إلى الحق في الاختيار بين بدائل عدة من السلع والخدمات بأسعار تنافسية مع ضمان الجودة، فضلاً عن حقه في الاستماع إلى آرائه، وأن تمثل مصالحه لدى الجهات الرسمية وغير الرسمية، والحق في التعويض وفي التسوية العادلة لمطالبه المشروعة، بما في ذلك التعويض عن السلع الرديئة أو الخدمة غير المرضية أو أي ممارسات تضر بالمستهلك».