محليات تغليظ العقوبات ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 20/12/2013 بكل برودة أعصاب، وفي غياب تام للضمير الأخلاقي والوازع الديني، وبلا أي خوف من عقوبة المجتمع أو القانون، دأب أحد المطاعم على ارتكاب مخالفات جسيمة تعرض حياة الناس للخطر، ولدى مداهمة السلطات الصحية البلدية والأمنية للمكان، ضبطت 400 كيلوغرام من اللحوم الفاسدة، كان يجري إعدادها على شكل سندويتشات، لبيعها في أحد أماكن التجمع الجماهيري التراثية الترفيهية . هكذا هي قيمة حياة الإنسان في نظر المجرمين، الذين تطغى المصلحة الخاصة بهم على كل ما عداها، فحياة الإنسان لديهم رخيصة، وعلى الأقل معاناته وآلامه في حال تم إنقاذه إثر تلقيه العلاج اللازم، وفي الوقت المناسب . وبطبيعة الحال، تتحمل الدولة علاج حالات التسمم الطارئة التي تنتج عن تناول اللحوم الفاسدة، لأنها غالباً تفد إلى أقسام الطوارئ التي تعالج الحالات المرضية المستعجلة مجاناً، ولا مانع لدى أمثال هؤلاء أن تتحمل الدولة وتنفق، في مقابل أن يتربحوا ويجمعوا ثروات ليست حلالاً . مرتكب هذه الجريمة، هو وغيره ممن يستهترون بحياة الآخرين، بل ويجعلونها هدفهم، ليحققوا دخلاً عالياً بلا إنفاق مناسب له، هؤلاء جميعاً يرتكبون أفعالاً قد تؤدي إلى القتل، حتى لو لم يكن مقصوداً، ولو تم بشكل غير مباشر، إلا أن النتيجة واحدة، تضر بحياة الناس في سبيل أن ينعم هؤلاء بأرباحهم غير المبررة . الجمهور مطالب أن يكون عين السلطات التي تحميه من شرور هؤلاء الفاسدين وأمثالهم، بالإبلاغ عن أية ملاحظات سلبية، أو حتى تصرفات غامضة وسلوكيات مشبوهة، وكل سلطة مختصة لها ألف طريقة وطريقة لتحق الحق وتكشف زيف الباطل وتبطل مفعوله، وهو شبه مستحيل إن تم الاعتماد عليها وحدها، فالناس هم الأكثر عدداً وانتشاراً وعيوناً وقدرة على الملاحظة، وهم خير عون للسلطة التي تعمل على حمايتهم من شرور الآخرين إذا وجدت عوناً صادقاً منهم . والقانون يجب أن يرتقي إلى مستوى الفعل، الجرم، الاعتداء على حياة الآخرين، فالسندويتش يباع بثمن معقول ويحقق ربحاً محترماً للبائع، لكنه الطمع غير المشروع في تقديم الخدمة بثمن بخس، والحصول على ثمن مرتفع مقابلها، وهذا أمر لا يجوز أخلاقياً ولا دينياً ولا قانونياً . وهنا نتوقع أن يكون العقاب بحجم الجرم الناتج عن الفعل، أو الذي كان سينتج عنه، فالذي يطلق الرصاص على شخص ويرديه قتيلاً، يرتكب الجرم نفسه عندما يطلقه على آخر ويتم إنقاذه سريعاً، ففي الحالتين كان يقتل مع سبق الإصرار ومعرفته بنتائج إطلاق النار . وهذا البائع يعرف تمام المعرفة أنه يبيع السموم إلى الناس، فمنهم من لديه القدرة على المقاومة إلى أن يتلقى العلاج، وآخرون أطفال أو نساء أقل قدرة فيتعرضون لخطر الموت، الذي يستحقه هو لا الآخرون .