د.بسام الشطي د.منال العنجري سعاد بوحمرا من إعداد: ليلى الشافعي الإيمان صفحة اسبوعية تصدر كل يوم جمعة لمقترحاتكم وآرائكم يرجى التواصل معنا عبر الايميل: [email protected] يرجى مراعاة عدم إلقاء الجريدة في سلة المهملات لما تحتويه من آيات قرآنية. الشطي: المحنة تجعل الدنيا في يد الممتحن لا في قلبه ومع الصبر على المحن تُكفر الذنوب العنجري: ظاهرها السوء وباطنها الرحمة ومن يراها مصيبة لا يرى إلا الوجه المظلم فقط بوحمرا: تزرع في النفس الإخلاص والتجرد لله عز وجل ويرى الدنيا ومن فيها وما فيها لا بقاء لها القليل من الناس يعرف أن في كل محنة تصيب المؤمن منحة ربانية تبدأ بتكفير الذنوب والخطايا وتنتهي برفع الدرجات للمؤمن المبتلى مرورا بتهوين البلايا وافتداء بعضها ببعض. «الإيمان» تسلط الأضواء على الوجوه المشرقة في المحن والابتلاءات التي يغفلها الكثير من الناس والذين لن يعرفوا منها سوى الجزع والهلع والشكوى والضجر من حلولها بفنائهم، بالرغم من أنهم لم ينكروا حقيقة الموت الذي هو أشد الابتلاءات لبني البشر وإدراكهم لحقيقة الدنيا والحياة فيها (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا). فما حقيقة الابتلاء؟ وهل في المحن منح؟ وكيف نحول المحنة إلى هدية ربانية لتحصيل الفضل فيها ومنها؟ هذا ما سنعرفه في اللقاءات التالية: يؤكد الداعية د.بسام الشطي أن المحنة تجعل الدنيا في يد الممتحن لا في قلبه، حيث يتيقن أن الدنيا لا ثبات لها وهي متقلبة بأهلها ولا تبقى على حال إلا ما كان لله وحده، وهنا تكون المجاهدة للصعود إلى القمم وعدم الرضا بالبقاء في حضيض الدنيا الزائلة الفانية الرخيصة رغم كل مغرياتها، وأكد أنه مع الصبر على المحن تُكفر الذنوب فإذا صبر الممتحن على ما أصابه ورضي بقضاء الله عز وجل خرج منها نقيا مأجورا لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها عن خطاياه»، ويقول الله تعالى: (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما أتاكم). الاستغفار ولفت الشطي إلى أن أفضل ما يعين على الثبات عند المحن هو ملازمة كتاب الله تعالى وتلاوة آياته تصديقا لقوله جل وعلا عن صفات أهل الإيمان «الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض) بجانب كثرة الاستغفار لقوله تعالى: (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) مؤكدا أن كثرة الاستغفار تجلب الرحمة من الله تعالى لقوله في سورة «نوح» (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا). البلاء وتضيف د.منال العنجري موضحة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشد الناس بلاء الأنبياء» وقوله صلى الله عليه وسلم: «ويبتلى المرء على قدر دينه فإن كان في دينه شدة اشتد بلاؤه وان كان في دينه رقة ابتلاه الله على حسب دينه فيما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة». واستشهدت بحديث أنس رضي الله عنه «وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم»، وفي حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: «وإن الله عز وجل يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من أحب». وقوله صلى الله عليه وسلم: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء»، ولذلك كان الابتلاء محبة من الله لمن يحب، لأنه يريد له الخير، ففي حديث أبي هريرة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خير يصب منه». وأوضحت العنجري متى تكون المحنة «منحة» إلهية؟ قائلة: إن المحن قد اقترنت في أذهان الكثيرين بالمصائب، فهم لا يرون منها إلا الوجوه المظلمة، فما أن تقع بساحة إنسان حتى يسارع الناس إلى الاسترجاع والحوقلة، وفي ظنهم أنها شر، علمها ان هذه المحنة «منحة» إلهية ظاهرها السوء وباطنها الرحمة بهذا الإنسان، لأنها تكشف له الحقائق الأزلية التي تشغله عن إدراكها مشاغل الحياة. وأوضحت أن المحنة منحة إلهية إذا خالطها العقل المفكر المراقب والمستفيد ولذلك نجد أن للمحنة وجوها مضيئة لا يعقلها إلا القليل فمن أنعم الله عليهم بنور البصيرة. وجوه مضيئة وأضافت رئيسة إدارة التنمية الأسرية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سعاد بوحمرا الوجوه المضيئة في المحنة بقولها: إن المحنة تظهر لنا الأصدقاء المزيفين فنراهم يشعرون بأن القرب من الممتحن سيضره أو انه في حاجة اليهم أو يحتمل أن يحتاج اليهم حتى ينفضوا من حوله ويتناسوا صداقته، فالمحنة هي الكاشفة لأخلاق الناس، حيث تفضح النفوس وتزيل الأقنعة وتكشف المستور ومدعي المحبة والمودة زورا، كما أن المحنة تكشف أصحاب النفوس السيئة وأصحاب المعادن الأصيلة. الصبر وتضيف بوحمرا قائلة: إن المحنة تعود الإنسان الصبر فيسارع إلى المجاهدة ليتكيف مع الواقع الجديد فيخرج من المحنة صلب العود، قوي التحمل، كما تزرع المحنة في النفس الإخلاص والتجرد لله عز وجل ولذا كانت المحنة منحة ربانية لمن يحبهم الله، لأنها تخلصهم من الرياء، وتخلص توجههم لله بعدما رأوا من واقع التجربة أن الدنيا ومن فيها وما فيها لا بقاء لها. محاسبة النفس وأكدت بوحمرا أن في ضوء المحنة تكون المراجعة والمحاسبة للنفس وترتيب الأولويات فالحياة تشغل الإنسان وتلهيه وإذا به في حضنها كحاطب ليل يجمع من هنا وهناك ويسرف هنا ويقتر هناك فتضرب به الحياة يمينا وشمالا، فإذا دخلت عليه المحنة من كل جانب لجأ إلى الله واعتصم بالإيمان فهدأت نفسه وسكنت روحه وهدأت العاصفة وصغرت المحنة، لأن كل شيء عادة يبدأ صغيرا وينتهي كبيرا إلا المحن والمصائب فإنها تبدأ كبيرة وتنتهي صغيرة إذا ما صغرت المحنة، ووقف الممتحن أمامها متأملا حياته وماضيه ومستقبله فإنه يفاجأ بالذي كان يظنه خيرا إذا به سوء، وما وجده من شر فإذا به هو الخير.