وإنما تصاحبها وتسابقها في هزل مخيف العديد من الأميات الأخري: كالأمية الثقافية والأمية السياسية والأمية القانونية.. الي آخر هذه الاميات التي تتسارع وتستحوذ علي مساحات شاسعة في مساحات العقل العربي اليوم. وتظل من أهم هذه الاميات واكثرها تأثيرا في الوجدان العربي هذه الأمية المخيفة التي نلاحظها لدي العديد من الكتاب والمثقفين والمشايخ والمتحدثين, وهي منتشرة ليس في الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور وحسب وانما يمكن ان نعثر عليها لدي الكثير من سادتنا المتعلمين والمتحدثين باسم الشرع, كأن نسمع من يدافع دفاعا شديدا عن' الختان'; لماذا يا سادة؟ يأتينا الجواب بسرعة مدهشة ان ختان البنات من الدين الصحيح لأنه وهو ما يرددونه في وسائل الإعلام والتوك شو- لأنه السبب الأول والأخير في الحفاظ علي العفة في حين أن الدراسات العلمية والميدانية اكدت من وقت بعيد ان ذلك العنف الذي تعانيه الأنثي في فترة مبكرة من حياتها ليست له أية علاقة بالعفة.. ومن القضايا الإشكالية أيضا ما يتردد في المادة الثالثة التي تتضمن المسيحيين واليهود, فالي جانب انها تسعي للتفرقة بين الاسلام والمسيحية وكانهما عقائد متباينة فان اضافة اليهودية هنا لا تشير- مع مايحدث في المنطقة العربية- إلي أية عقيدة, هل هي يهودية اسرائيل الآن أم هي' الصهيونية' السياسية؟ وهو ما يحيلنا إلي المفهوم السائد اليوم من تحول اليهودية التاريخية إلي شيء مضاد للعقيدة ورموزها; فاليهودية التي نعرفها اليوم امامنا لاتمثل بالضرورة- اليهودية كما يعرفها اسلافنا.. ان من يعادوننا في فلسطين صهاينة ليست لهم علاقة بيهود التاريخ, وهو المفهوم الذي يتردد بيننا أيضا; إنها الأمية التي تواجهنا بشكل يجب التنبه معه إلي خطورتها. وبعد, إذا كان قد أعلن في روسيا أخيرا حزب جديد يحمل اسم' حزب الانترنت', فلماذا لا نعلن هنا حزبا جديدا يسمي بحزب الأمية, فقد تأخرنا كثيرا ليس في محو الأمية الرقمية وحسب وإنما الأميات الأخري.. هنا, والآن.. [email protected]