حامل جواز دبلوماسي يمني سيسأل في المطار عن مهمته.. سيجيب أمي ألفت الدبعي    مدير مكتب البحسني يحذر: حضرموت على حافة انحدار خطير    "أغلى من الذهب والألماس".. حجر نادر يباع بملايين الدولارات للقيراط الواحد    النصر يطير إلى النمسا.. والعروض أمام المبعدين    المرة 18.. كلوب بروج بطل السوبر البلجيكي    بعد اعتذار الهلال.. الاتحاد السعودي: نؤكد احترام الأنظمة وحماية المصالح    وزير الشؤون الاجتماعية والعمل يلتقي رئيس بعثة منظمة الهجرة الدولية ويبحثان سُبل تعزيز التنسيق المشترك    دّشن مركز معلومات المغتربين بوزارة الخارجية..الرهوي يحث على مواجهة أي طارئ لضمان استقرار الوضع التمويني للمشتقات النفطية    وزير الثقافة: المحتل هو من جلب المآسي والأوجاع للمحافظات المحتلة وأبنائها    عدن.. خزانات مياه صلاح الدين مهددة بالانهيار بسبب أعمال إنشائية أسفلها    الطناجر الفارغة تصرخ.. غزة تحت الحصار والجوع    الرباعي والحوثي يناقشان أوجه التعاون في مجال مكافحة التهريب    اخر مستجدات إعادة فتح طريق حيوي يربط بين جنوب ووسط اليمن    تعز .. قوة عسكرية تختطف ضابط أمن من وسط مدينة التربة    الفخ الذي نصبه العرب لأنفسهم!!    وزيرا التربية والصحة ورئتيس مصلحة الجمارك يفتتحون معمل الحاسوب بثانوية عبدالناصر للمتفوقين بصنعاء    أمريكا عجز مكلّل بالهزيمة    في كلمته بذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام .. قائد الثورة : موقفنا ثابت في نصرة الشعب الفلسطيني    تعز تشكو المدخل و صنعاء تشكو المخرج !    من فهم منطلقات العدو إلى بناء الوعي السياسي.. مقاربة تحليلية من فكر الشهيد القائد رضوان الله عليه (2)    الأنظمة المأزومة إلى أين..؟ّ!    البحر الأحمر مغلق    جوهر الجنيد من الصراري إلى كربلاء.. شهيدٌ على خَطِّ الإمام زيد    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (5)    غزه تموت جوعاً    فتى المتارس في طفِّ شمهان .. الشهيد الحسن الجنيد    مرض الفشل الكلوي (13)    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة النقيب ناصر السعيدي قائد قوات الحزام الأمني قطاع دثينة    تقرير حقوقي يكشف عن انتهاكات فضيعة لحقوق الانسان في السويداء    الحكومة: مليشيا الحوثي تستغل تجارة المشتقات النفطية لتمويل أنشطتها الإرهابية    السيد القائد: نحيي ذكرى استشهاد الامام زيد كرمز تصدى للطاغوت    المحمدي يطمئن على صحة الكابتن أحمد معنوز ويشيد بعطائه الرياضي والنضالي    عدن ستدفع التعويض المالي للبنوك المفلسة في صنعاء(وثيقة)    توقيع اتفاقية لتنفيذ برنامج شبكة الأمان الغذائي في حضرموت    عدن تعيش مجاعة غير مسبوقة في تاريخها    إب.. عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في مديرية السدة    ميسي يواصل الإبداع في خماسية إنتر ميامي بالدوري الأميركي    عمليات بحث لصيادين فقدوا في خليج عدن ومناشدات بتحرك رسمي    هيئة المواصفات تعلن رفض شحنات مستوردة من الدجاج المجمد    عودة خدمة الإنترنت بعد انقطاع مؤقت جراء خلل فني    مجلس عزاء في نيويورك بوفاة البرلماني زيد أبو علي    ريال مدريد يجدد عقد حارسه كورتوا    رغم التجاهل وعدم الاهتمام.. أطباء يمنيون يوجهون مناشدة عاجلة إلى الشرعية لحل أزمتهم مع السلطات السعودية    توجيه من النائب المحرمي بضبط مقطورات الوقود والغاز غير المرخصة    صدفة تكشف عن أحد أندر معادن الأرض في صندوق قديم بألمانيا    حروب اليمن على الجنوب ليست وليدة اليوم بل منذ ما قبل ميلاد المسيح (ع س)    سهول دكسم.. في الجزيرة العذراء سقطرى    عناصر مسلحة تطرد المنتخب الأولمبي من معسكره التدريبي بمأرب    أغرب قصة تزوير في لحج.. زوجوه أخته ليستولوا على راتبه    رئيس الوزراء يشيد بجهود وزارة الصحة في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية    سقوط جزء من السقف يُدخل الفنانة رزان مغربي غرفة العمليات    زائر يلتهم «الموزة المليونية» في المتحف    برشلونة يتخلى عن خطته للعودة إلى ملعب "كامب نو"    هل فعلاً الإفطار أهم وجبة في اليوم؟    الإسلاموية السياسية طائفية بالضرورة بغض النظر عن مذهبها    تعز .. إرتفاع حالات الاصابة بالامراض الوبائية وتسجيل حالات وفيات    اسباب وعلاج الذبحة الصدرية    فتاوى الذكاء الاصطناعي تهدد عرش رجال الدين في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من فهم منطلقات العدو إلى بناء الوعي السياسي.. مقاربة تحليلية من فكر الشهيد القائد رضوان الله عليه (2)
نشر في 26 سبتمبر يوم 21 - 07 - 2025

حين يكون وعيُ العدو متقدماً على وعي الأمة، فإن المعركة تكون خاسرة منذ بدايتها، ويكون الإذعان والخضوع نتيجة طبيعية، مهما تظاهرت بعض الأنظمة أو الشعوب بالصمود اللفظي والشعاراتي.
وحين يكون للعدو مشروع متكامل، يبدأ من استهداف الوعي وينتهي بإخضاع القرار السياسي والسيادي للأمة، فإن أي مقاومة لا تقوم على وعي بحقيقة هذا المشروع لن تكون أكثر من رد فعلٍ عاطفي محدود التأثير.
وقد كان من أبرز ما قدّمه الشهيد القائد السيّد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، هو هذا الفهم العميق لمنطلقات العدو، والإدراك الاستباقي لطبيعة معركته مع الأمة. لم يكن حديثه عن "أمريكا وإسرائيل" حديثاً دعائياً ولا ترديداً لشعارات عامة، بل كان نتاج قراءة دقيقة لمصادر العدو وخطابه السياسي والفكري والإعلامي، ونتيجة لتأملٍ واسع في الآيات القرآنية التي تحدّثت عن طبيعة اليهود والنصارى ومواقفهم من الأمة.
كان رضوان الله عليه يرى أن أعظم خدمة يمكن أن تُقدَّم للعدو هي أن نبقى في حالة غفلة عن مشروعه، وأن نعيش أوهام "السلام"، و"الحوار"، و"الشرعية الدولية"، بينما هو يبني خطواته على أساسٍ عدائي واضح. ولذلك كان يركّز على كشف طبيعة الصراع، وتسليط الضوء على المفاهيم التي يخدع بها العدو الشعوب، ويقدّمها بلبوس إنساني وحقوقي وأخلاقي.
إن أول ما عمل عليه الشهيد القائد هو كشف الغطاء الديني والثقافي الزائف الذي يتستّر به العدو، وإسقاط الهالة الأخلاقية التي تُصوِّر أمريكا على أنها "راعٍ للسلام" أو "حامية للديمقراطية". وكان يدرك أن من لا يفقه منطلقات العدو، لا يمكنه أن يتخذ الموقف الصحيح، لأن موقفه سيكون مبنياً على تصورات خاطئة أو منقوصة.
ومن هنا جاءت أهمية دروسه القرآنية التي لم تكن مجرد دروسٍ وعظية أو معرفية، بل كانت أدوات لبناء وعي سياسي استراتيجي، تستند إلى القرآن باعتباره المصدر الأول لفهم الواقع وتشخيص العدو وتحديد الاتجاه.
ولذلك، فإن الشهيد القائد حين قال إن "القرآن يعطينا نظرة تفصيلية عن اليهود والنصارى"، كان يعني أن من لا ينطلق من هذه الرؤية سيظل في حالة تخبّط، وقد يقع في شراك العدو، مهما حسنت نواياه أو صدقت نزعته التحررية.
لقد شكّل هذا الفهم أساساً للوعي المقاوم، وأعاد بناء الموقف السياسي من أمريكا وإسرائيل بشكلٍ صريح، وجعل من "البراءة من أعداء الله" مرتكزاً أساسياً لأي تحرك سياسي أو ثقافي أو شعبي. ومن هنا جاءت أهمية "الشعار" الذي لم يكن مجرد تعبير احتجاجي، بل تلخيص دقيق لموقف قرآني شامل، يربط بين عداوة أمريكا وإسرائيل من جهة، ووجوب مواجهتهما بالموقف والكلمة والفعل من جهة أخرى.
اليوم، ونحن نعيش مرحلة انكشاف كامل لأوراق العدو، خصوصاً في عدوانه الوحشي على غزة، يتبيّن لنا كم كان هذا الوعي الذي أسسه الشهيد القائد سابقاً لزمانه، وكم أن الكثير من النخب التي كانت تتهمه "بالتسرع" أو "بإثارة العداوات" لم تكن تفقه طبيعة الصراع، ولم تكن ترى أبعد من حدود الخطاب الإعلامي الغربي أو مصالح الأنظمة الحاكمة.
ومن اللافت أن كل الأطراف التي اختارت أن تُساير العدو، أو تراهن على الحماية الأمريكية، هي اليوم أكثر من يدفع ثمن هذا الرهان، سواءً من خلال الارتهان الكامل، أو من خلال الانكشاف السياسي والأخلاقي.
في المقابل، فإن المحور الذي تأسس على هذا الوعي القرآني، وعلى فهمٍ دقيق لمنطلقات العدو، هو اليوم المحور الأكثر تأثيراً في الساحة، والأكثر صموداً، والأكثر قدرة على إرباك الحسابات الصهيونية والأمريكية. ومن هنا نفهم لماذا كان استهداف الشهيد القائد، ولماذا لا تزال الحرب مستعرة على كل من يحمل مشروعه ويواصل خطه.
لقد كان من أبرز ما ركز عليه الشهيد القائد رضوان الله عليه، هو هذا البُعد القرآني في بناء الوعي السياسي والفكري، حيث كانت محاضراته ودروسه تنطلق من القرآن، وتغوص في أعماق مفاهيمه، لتصوغ منهجية واعية تضع الأمة في مواجهة مكشوفة مع العدو. لقد عمّق رضوان الله عليه الوعي بخطر المشروع الأمريكي والإسرائيلي من خلال تسليط الضوء على الآيات التي تفضح مكرهم وتوثق تاريخهم الأسود، ليصبح القرآن في مشروعه ليس مجرد مصدر للهداية الروحية، بل قاعدة صلبة لبناء موقف سياسي وفكري ناضج وصلب.
ومن هذا المنطلق، فإن الخطاب المقاوم اليوم لا يعبّر عن مجرد ردة فعل ظرفية، بل هو امتداد لمدرسة قرآنية متجذّرة. يتجلّى ذلك بشكل واضح في خطابات السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي يحفظه الله، التي تُعد أنموذجاً راقياً للخطاب القرآني المعاصر، القادر على كشف العدو وتسمية الأشياء بمسمياتها، دون مداهنة أو التباس. إن حديثه عن إسرائيل وأمريكا والأنظمة المطبعة، واستحضاره المتواصل للآيات القرآنية التي تكشف طبيعة الصراع، يجسّد عملياً الرؤية التي أسس لها الشهيد القائد، ويعكس حالة الارتباط العميق بالمنهج الإلهي.
كما يُمثل محور الجهاد والمقاومة اليوم التطبيق العملي لهذا الفهم القرآني العميق، حيث تمكن من أن يتحرك من منطلق الوعي لا العاطفة، ومن موقع الإدراك الواعي لمكائد العدو وأساليبه لا من ردود الأفعال المؤقتة. فقد استطاع هذا المحور، من طهران إلى بغداد، ومن الضاحية إلى صنعاء وغزة، أن يتجاوز الحسابات الضيقة والمواقف المائعة، ليصوغ جبهة متقدمة، تشكل اليوم أبرز تهديد حقيقي للعدو الصهيوني والمشروع الأمريكي في المنطقة، ليس فقط بما تملكه من قوة السلاح، بل بما تستند إليه من قوة الوعي المستمدة من كتاب الله.
القرآن الكريم لم يكتفِ بتحديد هوية العدو، بل قدّم توصيفاً دقيقاً لنفسيته وسلوكه ومخططاته وأدواته، فقال تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾، وكشف طموحه في السيطرة فقال: ﴿وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾، وبين وسائله التضليلية فقال: ﴿وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾. وحين شخص الله سبحانه وتعالى نفسيات العدو الإسرائيلي بهذه الدقة، وقدّم لنا أهدافهم ووسائلهم وأساليبهم، فإنه في ذات الوقت أرشدنا إلى طريقة المواجهة، وأسس لنا منهجية قرآنية متكاملة تقوم على الفهم الواعي والعميق للقرآن، كأساسٍ للتحرك العملي في مواجهتهم والانتصار عليهم، وهو المنطلق الذي انطلق منه الشهيد القائد رضوان الله عليه.
يقدم هذا المقال امتدادًا عمليًا وفكريًا لما أسسه الشهيد القائد رضوان الله عليه من فهم قرآني عميق لطبيعة العدو الإسرائيلي الأمريكي ومنطلقات سلوكه، حيث أرسى منهجية متكاملة لبناء الوعي السياسي المقاوم، مستندة إلى القرآن الكريم كمرجعية أساسية. ويأتي خطاب السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي يحفظه الله نموذجًا حيًا يترجم هذا المنهج إلى واقع سياسي واستراتيجي واضح، يعزز دور محور الجهاد والمقاومة كخط دفاع متين وفاعل في مواجهة المشروع العدائي.
إن مواجهة العدو ليست مجرد معركة ميدانية، بل هي معركة فكرية وثقافية تبدأ بفهم دقيق ومتجذر في كتاب الله، يتجاوز ردود الفعل السطحية، ويؤسس لمشروع مقاومة واعٍ يستند إلى الوعي والهوية والإرادة المستقلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.