05 January, 2014 07:26:00 الهيئة الإعلامية - تاج - خاص عبدالله احمد السياري في هذا المقال احاول ان اتناول شئين: (1) مركزيه خصوصيه الهوية الوطنية و الاجماع الشعبي في الاستحقاقات السياسية في تقرير مصيرها. (2) اثبات وجود هما في مكونات شعب الجنوب العربي الملفت حقاً في تاريخ الشعوب ان المحك في تقييم مدى صلابة تجانسها وخصوصيه هويتها ينجلي في وقت الازمات والمحن الاجتماعية فيزداد التقارب والتعاضد والتسامح في ظل وجودهما و يتفاقم التفتيت وتظهر الشروخ وتتسع الهوة بين فئات الشعب في غياب التجانس والهوية المشتركة. وسنطلق على هذه الظاهرة اسم " الفحص المحك لصلابه التجانس وخصوصيه الهوية" وذلك لتسهيل الإشارة اليه لاحقا. ماذا نستشف من ذلك حول شعب الجنوب العربي من حيث صلابه تجانسه وخصوصيه هويته؟ قبل ان احاول الإجابة على ذلك دعوني اسرد مثلين من التاريخ الحديث لإثبات هذه النظرية: خلال الحرب العالمية الثانية قام الالمان بغارات متتاليه لقصف المدن البريطانية خاصه لندن التي استمر القصف فيها لمده 57 يوماً متتابعة وقيل ان اكثر من مليون مبنى هُدم فيها. وابرزت هذه الاحداث مدى التلاحم الشديد وسمات الايثار بين كافه الطبقات المكونة لبريطانيا تأكيدا لتجانسهم وخصوصيه هويتهم. وفي المقابل ما ان بدأت الخلافات بين مكونات المجتمع اليوغسلافي السابق تظهر على السطح ( وخاصةً في البوسنه والهرسك) حتى بدأت في التفتيت والتشرذم نتيجة لعدم وجود التجانس والهوية الوطنية المشتركة. ولا بد من التنويه-هنا-وللأهمية- اننا عندما نتحدث عن الهوية فإننا نعني الهوية الوطنية - التي لها علاقه وطيده بالدولة والحكم والنظام السياسي- وليس الهوية الاثنيه او الهوية الثقافيه التراثية – التي تتكون نتيجة لعوامل التاريخ والجغرافيا ولا تعكس-بالضرورة- هويةً وطنيه ذات ابعاد سياسيه. فنيوزلندا-مثلاً- تتجانس هويتها الأثنية والثقافية التراثية مع بريطانيا الا انها دوله مستقله ذات سياده. وفي المقابل تتكون سويسرا من ثلاث مكونات ذات هويات اثنيه تراثيه مختلفه ولكن تبقى بلداً ذا هويه وطنيه مشتركه. حتى انها لم تتشرذم الى دويلات متحاربه اثناء الحرب العالميه الثانيه رغم مكوناتها الألمانية الفرنسيه الايطاليه. ماذا عن اسقاط هذه النظريه على حال الجنوب العربي؟ ما حصل للجنوب وللجنوبيين منذ 1994 وخلال سنين الحراك المتتاليه- من تاّخيٍ وتسامح وتعاضد أّخذأ في الاتساع- بالرغم من المحاولات الحثيثه لتفريق شملهم -والمحن التي حلٌت بهم-- لهو علامه فارقه لاثبات صلابه تجانسهم وخصوصيه هويتهم الى جانب اسباب اخرى التي ساّتي عليها لاحقاً ضمن شرح مختصرحول تعريف مفهوم "الهويه الوطنيه" من منظور علم الاجتماع والعلوم السياسيه. وعوده الى مختلف انواع الهويات وثقلها النسبي في امور الحكم والسياسه: كثير من الكتاب يوردون ما يعقدونه براهين دامغه-وهي ليست بذلك في نظري- مبنيه على جزئيات من التاريخ او من الجغرافيا كمقدمات لإثبات –حسب نظرهم-حتميه او (قل منطقيه) الوحدة بين الجنوب والشمال مما حدا البعض- عطفاً على ذلك- الى المبالغة في التصور فقالوا ان للوحدة قدسيه وكانه كتاب منٌزل ومنهم من قال ان الوحدة التي حصلت في نهاية القرن الماضي هي بمثابه عوده الفرع ( ويقصدون الجنوب) الى الاصل (ويقصدون الشمال) وفي ذلك -لو يدركون- انتقاص كبير للجنوب واهله. فشتان بين اصل الشى وفرعه في القيمة والأهمية والسؤدد وهم بهذه المقولة- يحرمون اهل الجنوب-جوراً –وعلى اقل تقدير- من حقوق متأصله ناشئة من كونهم كانوا ملاكاً لدوله مستقله ذات سياده اكبر مساحه واغنى موارداً من الشمال. اقول حتى وان غضينا الطرف عن الضعف المعرفي والهون المنطقي الذي يعتري تلك الجزئيات التاريخية/الجغرافية التي يركنون اليها في استدلالاتهم تلك فلا ينسينا ذلك ان الاصل في استحقاق الاستقلال يبنى ويتأصل قانونياً واخلاقياً على " خصوصيه الهوية الوطنيه" التي يدين بها شعب ما وعلى اجماعهم على نمطيه واسلوب الحكم الذي يريدونه لأنفسهم وليس على اساس جغرافي او ظروف تاريخيه . اجزم ان اهل الجنوب لا يلتحمون حول هويه واحده وحسب بل هم ايضاً لديهم تجانس وتلاحم وطني اشتد عوداً وارتقاءً مع استمراريه الحراك من دون وهن والمفارقة العجيبة ان هذا التلاحم ازداد صلابه وعزماُ بعد الوحدة في 1990 –اكثر ما كان عليه قبلها-وتزامن هذا التجانس ونما تصاعدياً مع تفاقم الظلم عليهم ومع زياده نكران وتجاهل العالم حقوقهم ومطالبهم وكأنهم بذلك يضربون مثلا اخر لمقوله المتنبي الحكيمة على قدر اهل العزم تأتي العزائم**** وتاتي على قدر الكرام المكارم وفي سياق الكلام عن المظالم المتراكمة من المفيد التنويه على ان من الاسباب التي قيل انها وراء انفصال سوريا عن مصر وانفراط عقد "الجمهوريه العربيه المتحده" هو شعور السوريين بالغبن ومعاملتهم كانهم مواطنين اقل شاناً وابخس قيمه من قرنائهم في مصر وابقاء مفاصل الحكم والقوه في القاهره دون دمشق وارسال اعداد كبيره من المصريين للعمل والاستقرار في سوريا. ولم يطق اهل سوريا ذلك كثيرا فتاقوا الى الانفصال في خلال سنوات ثلاث خلت بعد الوحده. اما اهل الجنوب العربي فقد عانوا معاناه مماثله واكثر في الوحده مع الشمال. اقول اكثر فالمعانات سبعه اضعاف زمناً والتهميش اشد وطئه ولا اظن ان اهل مصر احتلوا الارض واستغلوا موارد. سوريا بنفس مقدار ما حصل وعوده الى موضوع الهويه: جزيره الفولكلند وكذا اهل جبل طارق يحسون بانتمائهم لبريطانيا برغم البون في المسافه –وفي الحاله الثانيه- بالرغم ايضاً من الفروق االاثنيه (حيث ان 27% من سكان جبل طارق فقط هم من اصول بريطانيه و27% هم من اصول اسبانيه) . ومثل على ذلك أخر ان السويسريين يهيمون حباً في سوسيرا فوق أي بلد اخر بالرغم من اصولهم الفرنسيه والالمانيه والايطاليه. واهل تايوان –الذين هم في غالبيتهم من اصول صينيه لا يريدون ان يكونوا في اطار " جمهوريه الصين الشعبيه". ومن هذا نرى ان الهويه والشعور بالانتماء لا يعني بالضروره الى اثنيه موحده بعينها اقول هذا لاسد الطريق على من قد يقول ان هناك اصول مترابطه بين اهل الجنوب واهل الشمال ويبني على ذلك حتميه او قدسيه الوحده. مفهوم الهوية الوطنية ينبع أصلا من علم الاجتماع والعلوم السياسية، ( ولو ان للموضوع ابعاداً في علم النفس والفلسفة والجغرافيا ايضاً). وعلماء الاجتماع والعلوم السياسية يرون ان مفهوم الهويه الاجتماعيه تُبنى في الاساس على تعريف الشخص لذاته ولنفسه بالنسبه للاخرين وعليه فان هويه اي مجتمع مؤسسه على كيف يرى المجتمع نفسه وليس كيف يراه او يرسمه الاخرون واستمرار الهويه الاجتماعية يتأصل من خلال عقد اجتماعي يمزج بين الشمولية ( ليشمل كل افراد مجموعه بعينها ) مع الحصريه و الخصوصية ( اي استثناء غيرهم الذين هم ليسوا ضمن تلك المجموعة) وفقا لانتوني .د. سميث استاذ الاجتماع في جامعه لندن "مفهوم الهوية الوطنية لا يستوجب- بالضرورة- ان تكون مكوناته من افراد ذي نمطيه وسلوكيات واحده غير انه يستوجب ان افراده يشعرون بتلاحم ومسانده قويين يربطا بين مكونات المجتمع فيما بينهم وكذلك بوطنهم" اذا حسب التعريفات المجمع عليها وحسب ظاهره " الفحص المحك لصلابه التجانس وخصوصيه الهويه" التي اشرت اليها سابقاً فاهل الجنوب اثبتوا دون شك انهم ذوو تجانس صلب وذوو هويه وطنيه مشتركه. وان بلٌغت اهل الجنوب بذلك لقالوا لك " ما كان هناك داع لبحث ذلك واثباته فالأمر – بالنسبة لنا- واضح جلي منبعه فطري لا يخُفى على ذي فراسه" بقي الكلام حول الاجماع وهذا الركن الاخر من المكونات الاخلاقيه والقانونية لاستحقاق الانفصال للجنوب العربي واقصد بهذا ان اسأل التالي " هل هناك اجماع لكل – او قل اغلب- اهل الجنوب بكل مكوناتهم في انهم يريدون -وهم في ذلك مصممون على نيل الاستقلال؟" واجزم ان الجواب على هذا السؤال هو بالإيجاب المدوي كيف؟ لا توجد لدي احصائيات مباشره حول مدى الاجماع ولكن هناك دلالات معتبره – ان روعيت في مجملها -- تر في الى مستوى الجزم للاعتقاد بذلك: 1. كتابات الجنوبين حول هذا الموضوع والتعليقات عليها في مجملها تؤيد الاستقلال –او على اقل تقدير- ترى الحاجه الى فدرالية يليها تقرير المصير. 2. تاريخ ما بات يُعرف ب"الحراك الجنوبي" من حيث: a. استمراريته والاصرار على ذلك مع وجود التهديدات والمغريات لصد هذه الاستمرارية. b. انتشار نشاط الحراك في كل اجزاء الجنوب. c. بقاءه الحرك سلمياً ( وهذا له اهميه بالغه في اثبات الاجماع) d. بقاءه حياً بالرغم من تعدد مكوناته. اقول ما كل هذا الا شواهد واضحه للأجماع . اذ انه من المعروف في تاريخ الامم ان الدوام للحركات الاحتجاجية السلمية ( ونجاحها في أخر المطاف) لا يتأتى الا بحضور شيئين اساسيين i. اجماع الشعب على مؤازرتها ii. الايمان العميق لدي الشعب بشرعيه وعدالة هذه الحركة 3. هذه الاستمرارية لم تتهاون او تقل اثر خلع علي عبدالله صالح عن الحكم ومجيء عبدربه منصور هادي (الجنوبي) الى الحكم ويستُدل من ذلك وجود اجماع ك يقول " هدفنا اكبر من ابدال حاكم بحاكم ( وان كان جنوبياً )، هدفنا هو الاستقلال" 4. قله الناخبين المشاركين في التصويت لعبدربه منصور هادي من الجنوبيين هو الاخر دلاله اخرى على هذا الاجماع حتى مع ما قيل عن منع الناخبين من الادلاء بأصواتهم بالقوة او التخويف (الذي كنت اتمنى ان لم يحصل). اقول انه بالرغم من ذلك فالشواهد تشير الى ان القلة هم الذين شاركوا في التصويت حتى في الاماكن التي لم يكن فيها تصدي لهم. اذا كان الاجماع من ناحيه والتجانس و خصوصيه الهويه الوطنيه من ناحيه اخرى متوفرين- كما ارى انني بينت- فاحسب ان هذا يؤسس لخلفيه قانونيه اخلاقيه متينه للانفصال بقي شئ يلزم ذكره وهو ان وجود الاجماع والتجانس لا يكفيان – في ذاتهما- في القانون الدولي وعالم السياسه لانفصال جزء من بلد عن بقيته والٌا لارينا كثير من بلدان العلم تتفكك وتشظى (الاستثنا لهذه القاعده –ولو انه استثناء انتقائي حسب مزاج الدول العظمى-هو ان كان جزء او اثنيه من بلد ما تقع تحت قهر من حكومه البلد اومن الغالبيه فيها ومن لامثله على ذلك انفصال كوسوفو عن سربيا وتيمور الشرقيه عن اندونيسيا) الا انه في حالتنا يختلف هناك اعتبارات وجب الاخذ بها واللفت اليها ا : 1. الجنوب العربي – حتى الماضي القريب- كان بلداَ مستقلاً بذاته ذو سياده على اراضيه و على مقدراته و كان له حدوده الاقليميه المعترف بها دوليا وموارده الذاتيه.الكافيه. 2. الجنوب العربي لم يكن جزءأً من اليمن خلال الخمس مائه السنه السابقه للوحده - على اقل تقدير. 3. حسب القانون الدولي فان الحرب التي جرت في 1994 لم تكن حربا اهليه-بالمعنى القانوني- بل كانت حرباً بين دولتين وجيشين مختلفين وعليه فالحرب تجٌب ما حصل قبلها والبقاء في الوحده بعد تلك الحرب الضروس من ضروب الاكراه الذي لا يستفيم مع الرضاء الذي يجب ان يكون اساساَ لاي شراكه ذات ابعاد اخلاقيه مستديمه. 4. ولا ننسى ايضاً قراري الاممالمتحده 931 و 924 لعام 1994 وسأكتفي بما قال في ذلك الدكتور محمد السقاف- الخبير في القانون الدولي "... ونحن مستعدون للتفاوض مع الطرف الشمالي خارج اليمن بأرض محايدة وبموجب قراري مجلس الأمن 924، 931 لعام 1994م... ولتعلموا إن القرار 2014 لا ينقض قراري مجلس الأمن 924، 931 لعام 1994م أتعرفون لماذا؟؟ لان القرار الأخير لم يذكر الجنوب وأيضا أكد على موضوع الوحدة، في حين القرار الصادر في العام 1994م لم يشر إلى أي موضوع عن وحدة اليمن.. هذه نقطة أساسية وجوهرية في الموضوع" واضاف : " ...بالنسبة لقراراي مجلس الأمن رقمي 924 و931 لعام 1994م أشار احدهما إلى إن على طرفي النزاع إن يتفاوضا لحل مشاكلهم السياسية وتكلم عن طرفي دولة(وليس عن دوله واحده)". تاج