د. عبد العزيز حسين الصويغ يمتعني أحد الأصدقاء على صفحتي في الفيس بوك بنقاش؛ يتحوّل مع الوقت إلى شبه نطاح بين تيسين، لا يستقر مزاج أحدهما حتى يرى الدماء تسيل من رأس خصمه.. فيوقف النطاح في انتظار لقاء جديد.. فعلاوة على مصارعة الثيران، أو (corrida de toros) بالإسبانية، وهي رياضة إسبانية قديمة تتم فيها المواجهة بين المصارع والثور في حلبة على مرأى ومسمع من الناس الذين يحضرون لمشاهدة تغلب الإنسان على الحيوان.. هناك رياضات تناح أخرى في بلدان أخرى من العالم. ففي الجزائر أصبحت ‹›مباريات›› مناطحات الكباش تمارس على مدار أشهر السنة وتجتذب الشباب بنفس درجة اجتذاب «مباريات» التفحيط لشبابنا في المملكة، حيث يقطع الشباب الجزائري من أجلها المسافات، ويتنقلون بين الأحياء المعروفة للمشاهدة والإثارة والحماس، بحسب ما ذكرته صحيفة «الخبر» الجزائرية. *** وهناك مثل معروف في منطقتنا العربية، وستجد بلا شك له مرادف في مناطق أخرى في العالم، وهو «عنز ولو طارت». ويبدو أن تأثير هذا المثل وصل إلى حد اقتباسه لفكرة برنامج ناقد يُسلِّط الضوء على صفحات من مذكرات الثورة السورية تحت اسم (عنزة ولو طارت)، يرتدي فيه مقدمي البرنامج قناع لإخفاء وجوههم تخوّفًا من سطوة النظام السوري وما يمكن أن يُنزله بهم لو عُرفت شخصياتهم. حيث يقول معدو البرنامج: «إن القناع هو نتيجة طبيعية للتعامل مع نظام سيقبض على ثلاثة من أقربائنا في سورية كثمن لوجودنا خارجها» وجعلوا سياسة البرنامج «لم ولن ننتقد شخصًا ما لانتمائه لطائفة معينة.. بل لأنه خذلنا وكان طائفيا معنا.. نرجوكم لا تردّوا على الطائفية بطائفية.. يرجى الابتعاد عن التعليقات الطائفية وعدم إهانة أي مذهب». *** وقصة هذا المثل لها أكثر من تخريج وفق المنطقة التي خرج منها أو اقتبسها، وأحدها يقول إن اثنين من الأصدقاء كانا يسيران ويتحدّثان وبينما هما كذلك إذ أشار أحدهما إلي شيء أسود فوق قمة جبل. قال لصديقه: هل ترى ذلك الغراب الذي فوق الجبل؟! أجابه صديقه: نعم لكنه ليس غرابًا بل عنزة. أخذا يتجادلان في كون الشيء الأسود غرابًا أم عنزة، وبعد قليل طار ذلك الشيء من فوق الجبل فقال الصديق: أرأيت، ألم أقل لك إنه غراب.. لو كان عنزة ما طارت! قال الآخر بإصرار (عنزة.. ولو طارت)، وصار مثلًا في المعاندة والتمسك بالرأي.. حتى لو كان رأيا خاطئا؟! *** وسيجد المتصفح لمواقع التواصل الاجتماعي في الشبكة العنكبوتية أشكال وأنواع وأمثلة لا حصر لها للحوار بين مرتادي هذه المواقع، التي تحتوي على الغث والسمين.. فهناك حوارات لا ثُثري ولا يستفيد منها المتحاورين إلا في إثارة بعضهم البعض، وهناك في المقابل حوارات جميلة ومفيدة تثري أصحابها ومتابعيها. وأدعي أن حواري ومناقشاتي مع صديقي في صفحتي على الفيس بوك هو أحدها. فأنا أستمتع باختلافي معه في الرأي أكثر من استمتاعي باتفاقنا على رأي واحد. ففي الاختلاف تتولد الرغبة في المعرفة. ولا يمكن أن يُثرَى الفكر إلا بفكر مقابل. وفى كل الأحوال علينا احترام الشخص الذي عبّر عن رأيه، لأنه استخدم حقه في مشاركه الآخرين برأيه وكان إيجابيًا. وليس من المستساغ أن نقول لشخص يُعبِّر عن رأيه إنه مُخطئ، لأن أي خطأ في الحوار قابل للأخذ والرد، أما الهجوم فهو أمر غير مقبول. فالحجة لا تُواجَه إلا بالحجة، والعقل لا يُخاطبه إلا عقل آخر. * نافذة صغيرة: (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب).. الإمام الشافعي. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain صحيفة المدينة