الدوحة: وصل وزراء حوالى مئة دولة وكذلك الامين العام للامم المتحدة امس الثلاثاء الى الدوحة للتوقيع مع نهاية الاسبوع على اتفاق عالمي بشأن التغير المناخي واختتام مفاوضات ما زالت تصطدم بمسألتي المساعدة المالية لدول الجنوب والمرحلة الثانية من بروتوكول كيوتو. واكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان العالم يشهد 'ازمة مناخية تهدد اقتصاداتنا وامننا ورفاه اطفالنا' داعيا الدول المشاركة في المؤتمر المناخي الى 'التزام قوي' للتوصل الى اتفاق. وقال بان للوفود ووزراء البيئة والطاقة ورؤساء الدول او الحكومات الموجودين في الدوحة 'انها ازمة، خطر يهددنا جميعا، اقتصاداتنا، امننا ورفاه اطفالنا وكل من سيأتي بعدهم'. واضاف 'مؤشرات الخطر في كل مكان (...) هذا العام شهدنا مانهاتن وبكين تحت المياه'. وتابع ان 'انبعاثات غازات الدفيئة بلغت مستويات قياسية'. ودعا بان الى تعلم الدروس بعد العاصفة المدمرة ساندي التي ضربت مناطق واسعة من شرق الاولايات المتحدة، وقال 'لقد كانت (العاصفة ساندي) مأسوية جدا ومدمرة. لقد وجهت لنا نداء باليقظة ..نداء بأنه يتعين علينا التحرك قبل فوات الاوان. الدوحة معلم مهم جدا باتجاه 2015 عندما نتمكن في آخر الامر من الاتفاق على اتفاق المناخ هذا'. وقال بان 'توقعي في اجتماع الدوحة هذا هو ان نخرج اولا بالتزام قوي تجاه فترة التزام ثانية ببروتوكول كيوتو والتزام قوي بالاطار القانوني الملزم عالميا بشأن التغير المناخي بحلول 2015 على ان يدخل حيز التنفيذ في 2020 وبجمع هذه الاموال..اعرف ان هناك بعض المشاعر المتضاربة ..تفاؤل وتشاؤم لكن علينا العمل على اساس من التفاوؤل. اذا لم يكن هناك تفاؤل فلن تكون هناك نتيجة'. واعرب بان عن امله في ان تتوصل الاطراف المشاركة الى اتفاق بشان تأمين تمويل التغير المناخي.وتريد الدول النامية تأكيدات بزيادة المساعدات في السنوات المقبلة لمساعدتها في خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتكيف مع الاضرار التي يسببها التغير المناخي.ويشارك عدد من رؤساء الدول او الحكومات على غرار الغابوني علي بونغو والجيبوتي اسماعيل عمر غله ورئيسا وزراء اثيوبيا وجزر ساموا. وقال رئيس المؤتمر القطري عبد الله بن حمد العطية 'أرحب بجميع الوزراء الذين وصلوا لحضور الجزء الرفيع المستوى والنهائي من مؤتمر الدوحة المعني بتغير المناخ. وسوف تواصل رئاسة قطر للمؤتمر السعي مع جميع البلدان في عملية علنية وشفافة وشاملة من أجل الوصول إلى نتائج ناجحة وفي الوقت المناسب'. وقال مصدر بالمؤتمر إنه قد تم إصدار النصوص المنقحة الواردة من جميع أطراف التفاوض وبدأ الوزراء في تقديم توجيهاتهم من أجل خفض عدد الخيارات المتعلقة بالقضايا السياسية العالقة. وأضاف أنه، وفي اجتماع المراجعة العامة يوم الاثنين، أعلن رئيس المؤتمر عن سلسلة من المشاورات الوزارية للتواصل والمساعدة في إيجاد مساحة سياسية تسمح للبلدان بالوصول إلى أرضية مشتركة بشأن القضايا الرئيسية المتبقية. ودعت رئاسة المؤتمر الوزراء ورؤساء الوفود للمشاركة في اجتماع طاولة مستديرة وزارية بشأن الكيفية التي يمكن بها الآن وفي المستقبل تعزيز التخفيف والتكيف ووسائل التنفيذ.'' كما أعلنت رئاسة المؤتمر عن سلسلة من الجلسات العامة العادية وغير الرسمية والمفتوحة حتى يتمكن المفاوضون من تقييم التقدم الشامل ، وتقوم الرئاسة بشكل منتظم بتقديم معلومات عن آخر تطورات المفاوضات على موقع'المؤتمر وذلك لتحقيق الشفافية في إدارة أعمال المؤتمر. وبدأت بعد ظهر الثلاثاء جلسة عامة تطلق اعمال المرحلة الاخيرة من المفاوضات الاممية التي بدأتها في 26 تشرين الثاني/نوفمبر فرق مفاوضين من اكثر من 190 دولة، بحضور امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وقال امير قطر في كلمة القاها امام الوفود المشاركة 'ليس بوسع اي دولة ان تجد ملاذا في نظريات التنمية الانعزالية لان المسببات والاضرار البيئية لا تعرف الحدود وعدم مواجهتها بشكل جدي وجماعي يعرض جميع شعوب الارض للخطر'. ودعا 'الدول المتقدمة للوفاء بالتزاماتها الدولية طبقا للاتفاقية بشان تقديم المساعدات للدول النامية' مع 'ايجاد المعادلة المناسبة بين احتياجات الدول والمجتمعات للطاقة وبين متطلبات تقليص الانبعاث الحراري...وهنا يمكن الاستعانة بالتكنولوجيا لتحقيق ذلك ونحن في قطر مستعدون للمساهمة في هذا المجال لاننا شركاء في هذا الكوكب'. وينتهي مؤتمر الاممالمتحدة لمكافحة تغير المناخ الجمعة. ويحاول الوزراء المشاركون في الاجتماع تمديد بروتوكول كيوتو الذي يلزم ما يقرب من 40 من الدول المتطورة بالحد من انبعاثاتها من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بما يصل إلى 5.2 في المئة على الاقل عن مستويات 1990 خلال الفترة بين عامي 2008 و2012.ويؤيد اغلب الدول تمديدا للبروتوكول إذ ان كيوتو هو الاتفاقية الوحيدة للامم المتحدة الملزمة قانونا التي تتصدى للاحتباس الحراري. من بين نقاط الخلاف الرئيسية قضية المساعدة المالية لدول الجنوب المعرضة اكثر من غيرها لعواقب التغير المناخي. وتقول الدول المتقدمة التي تواجه تخفيضات في الميزانية في الداخل انها ملتزمة بالتعهدات التي قطعتها على نفسها في قمة كوبنهاغن في 2009 لتقديم عشرة مليارات دولار سنويا في اطار برنامج مساعدات يمثل 'بداية سريعة' بين عامي 2010 و 2012. ويتعهد اغلب الدول 'بمواصلة' المساعدات دون اعطاء تأكيدات بتقديم اموال اكثر.وبعد الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة رفضت سويسرا امس الالتزام بتقديم مبلغ اضافي. وصرح السفير السوبسري للمناخ فرانز بيريز 'من السابق لاوانه اتخاذ التزامات ملموسة. ينبغي البدء بتقييم ما انجز'. وتطالب الدول النامية بمبلغ 60 مليار دولار مع حلول العام 2015 لضمان مرحلة انتقالية بين المساعدة العاجلة التي اقرت عام 2009 بقيمة 30 مليار دولار لفترة 2010-2012 ووعد بتزويدها ب100 مليار دولار سنويا حتى العام 2020. واعتبر تيم غور ممثل منظمة اوكسفام للاغاثة والتنمية بالدول الفقيرة ان هذه المسألة 'قد تحدد نجاح او فشل' مؤتمر الدوحة محذرا من 'تكتيكات محتملة لتحويل الانتباه' تجريها الدول الغربية في هذا الملف. واعتبرت المنظمة في بيان ان 'البعض سيدلون بتصريحات حول نواياهم الخاصة الطوعية. وهذه ستلقى الترحيب لكن لا يمكنها باي شكل كان ان تحل محل التزامات جماعية لجميع الدول المتطورة في اطار اتفاق في الدوحة'. اما الملف الكبير الآخر في الدوحة فهو المرحلة الثانية من بروتوكول كيوتو والتي ما زالت موضوع مفاوضات شاقة قبل ايام على اختتام المؤتمر. ويتوقع ابرام اتفاق حول تمديد البروتوكول الذي يشكل الاداة الوحيدة الملزمة قانونيا للدول الصناعية وغيرها باستثناء الولاياتالمتحدة التي لم تصادق عليه، بتقليص انبعاثاتها من غازات الدفيئة. لكن أثره سيكون رمزيا لا غير نظرا الى ان الالتزامات التي اعلنها الاتحاد الاوروبي واستراليا بعد تراجع اليابان وروسيا وكندا لا تتجاوز 15' من غازات الدفيئة العالمية. لكن الدول النامية تصر على ابقاء هذه الاداة على قيد الحياة لانها تجبر دول الشمال على التحرك باسم 'مسؤولياتها التاريخية' عن تغير المناخ. وما زالت المفاوضات تصطدم بمدة مرحلة الالتزام الثانية بعد انتهاء مهلة الاولى في اواخر كانون الاول/ديسمبر. وتشدد دول كثيرة من الجنوب وفي طليعتها الجزر الصغيرة على اقتصار مدة المرحلة الثانية على خمس سنوات لتجنب جمود مطول في طموحات الحد من انبعاثات غازات الدفيئة الضعيفة. ويطالب الاتحاد الاوروبي بمدة 8 سنوات وهي مدة التزامات تقليص الانبعاثات بنسبة 20' مع حلول 2020 التي اتخذتها في اطار تشريع داخلي. وتبقى مسألة فائض حصص الانبعاثات الباقي من مرحلة الالتزامات الاولى والتي تسعى دول على غرار دول اوروبا الشرقية كبولندا الى مواصلة استخدامها. لكن هذا الخيار قد يشوه النتائج المتوقعة من المرحلة الثانية على ما تؤكد دول الجنوب.