صنعاء.. إنشاء محكمة للزكاة وتعيين رئيس لها    ناشيونال إنترست": حزب الإصلاح بوابة الإرهاب داخل المجلس الرئاسي    فعالية بالسجن الحربي بذكرى استشهاد الإمام الحسين    عدن.. البنك المركزي يحذر من التعامل مع العملة الحوثية المزورة    أزمة مياه خانقة في تعز.. غضب شعبي وعجز حكومي    من الاستهداف إلى الإغراق .. قواتنا المسلحة تقدم تجربة باليستية ناجحة في أعالي البحار    فرنسا وبريطانيا.. إخفاء خطة الحرب تحت عنوان السلام    مجلس الوزراء يُقر لائحة ب9 عقوبات جديدة للدراجات النارية .. قائمة    سوريا توقع اتفاقا ب800 مليون دولار لدعم البنية التحتية للموانئ    وزارة الشباب تمنح نادي وحدة ذي السُفال باب شهادة الاعتراف النهائي    "فيفا" يصدر قرارات جديدة بشأن صحة وراحة اللاعبين    أكبر 20 انتصارا لبرشلونة بالقرن ال21 وريال مدريد من ضحاياه    300 ريال سعر البيضة الواحدة في عدن    رئيس جامعة صنعاء يؤكد أن الاعتماد الدولي لكلية الطب هدف استراتيجي    مع التصعيد الحوثي.. وزير النقل يدعو لحماية خليج عدن من التلوث البحري    علاج حساسية الأنف    أعمال إزالة وتسوية ورفع مخلفات الحرب تمهيدا لاعادة فتح طريق رئيسي يربط بين جنوب ووسط اليمن    انطلاق مهرجان أرخبيل سقطرى للتمور بمشاركة واسعة ومنافسات مميزة    الوزير البكري يشدّد على أهمية التخطيط الاستراتيجي وتحسين بيئة العمل    تظاهرة في العاصمة السويدية احتجاجا على تواصل جرائم إسرائيل في غزة    وزارة التربية تعلن موعد انطلاق العام الدراسي الجديد 2026/2025م    الرئيس الزُبيدي يعزي البيض بوفاة شقيقه أبو بكر    مليشيا الحوثي تُصفي شيخا قبليا بارزا في عمران وغليان قبلي يستنفر المنطقة    إب.. العثور على جثة فتاة جرفتها السيول معلّقة في شجرة    سوق الصرف الموازية خلال يومين.. ثبات في صنعاء وتذبذب في عدن    للتخلص من حصوات الكلى... 5 علاجات طبيعية يمكنك اتباعها في المنزل    التغيرات المناخية تجتاح العالم.. كوارث طبيعية مدمرة تدق ناقوس الخطر    إب تسجل اعلى نسبة في كمية الامطار ب 40.3ملم    40.6 مليون نسمة سكان اليمن في 2030    خلايا جذعية لعلاج أمراض الكبد دون جراحة    الانهيار الكارثي للريال اليمني: أزمة تهدد وجود المواطنين    مبعوث أمريكا يهدد لبنان: تسليم سلاح حزب الله أو ضمكم لسوريا    سلطة شبوة تفتقد للوفاء والإنسانية ... مات الدكتور الصالح دون اهتمام    حقيبة "بيركين" الأصلية تسجل أغلى حقيبة يد تباع في التاريخ، فكم بلغت قيمتها؟    إيجا تُدخل بولندا قوائم أبطال ويمبلدون    تاريخ مواجهات تشلسي وسان جيرمان قبل مواجهتهما بنهائي كأس العالم للأندية    السكان يضربون 5 لصوص حتى الموت    بعد 98 عاما.. بريطانيا تكسب «زوجي» ويمبلدون    عقوبات تنتظر الهلال حال الانسحاب من السوبر    - جريمة مروعة في محافظة إب: طفلة بريئة تتعرض للتعذيب على يد خالتها وزوجة أبيها    ما وراء الكواليس: تفكيك لغز الصراع اليمني    يا بن بريك.. من لا يملك حلاً فعليه أن يتنحّى    عُهرٌ سياسيٌ بذاكرةٍ مثقوبة.. من الذي لم يَفعل..!    مودريتش لريال مدريد: إلى لقاء قريب    خاطرة عن الفضول في ذكراه    شيرين وفضل شاكر في دويتو غنائي جديد    وسط تحذيرات من انهيار الوضع الصحي.. تزايد حالات الإصابة بالأوبئة في ساحل حضرموت    الضالع.. عناصر أمنية تعبث بموقع أثري وتطلق النار على فريق من مكتب الآثار بالمحافظة وتمنعه من الدخول    "الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    العثور على نوع جديد من الديناصورات    العثور على كنز أثري مذهل يكشف أسرار ملوك مصر قبل الأهرامات    عن بُعد..!    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«تنهد» و«احتراق».. جهود ضاعت على «الخشبة»
نشر في الجنوب ميديا يوم 20 - 01 - 2014

بدا اليوم الثالث من أيام مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما ثقيل الوقع على جمهوره. فبين عرضين الأول آتٍ من الصين بخصائصه وفرجته وأسلوبه غير المفهوم والمعروف من قبل الجميع، وبين عرض جاء من السودان، ليلقي على مسامعنا صرخة أنثوية لاذعة.
لا مكان للمقارنة بين عرضين، الأول كان احترافيا ومبهرا من حيث الانضباط والصرامة، والدقة في كل شيء، لكن لجهلنا بهذا النوع من المسرح وجدنا أنفسنا في متاهة من الإيحاءات، في الوقت الذي ذهب الثاني نحو بلاغات أدبية، وأحكام أخلاقية، وكأن كاتب هذا العمل، السوري فرحان خليل، أراد أن يضعنا أمام محاضرة وعظية في مواجع المرأة وهمومها، التي تبدأ من المثيولوجيا، مرورا بالواقع الراهن.
لا نستطيع بأي شكل من الأشكال تقديم أي محاكمة للعرض الصيني، الآتي من تراث مسرحي خاص جدا. صعوبة التفاعل معه مفادها عدم الدراية بالآليات البصرية والأدبية والأدائية التي تقوم عليها هذه العروض، خصوصاً أن المسرح الصيني بشكل عام، ورغم كل التطورات والتغيرات التي شهدها هذا الفن من تحولات وانقلاب في المفاهيم، ظل متمسكا إلى حد المبالغة أحيانا بتقاليد مسرحية عمرها مئات السنين، اعتمدت بشكل كبير وجوهري على‮ ‬الحركات الراقصة التي‮ ‬تصاحبها الموسيقي‮ ‬الصينية بآلاتها الخاصة التي‮ ‬تصنع‮ ‬يدويا‮، ‬وإن «مر بطفرات متباعدة عدة، أبرزها القرنان 13 و17، وسبعينات القرن الماضي‮، ‬صبت أكثريتها في‮ ‬الشق الدرامي والموضوع،‮ وليس على مستوى الشكل». ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
«النشوانجو»
«تنهد» تجربة فريدة وصعبة، تمثل شكلاً مصغراً لهذه النوعية من العروض، التي تستند إلى الموروث الموسيقي، والعلاقات الصوتية شديدة التعقيد بين الممثل وجوقته التي تمثل الضمير، والصدى، أو تنقلب ليصير الممثل هو الصدى لإملاءات الموسيقي. وعلى الرغم من أن هذه الفرقة تعد من التجارب الحديثة في أكاديمية شنغهاي للمسرح، إلا أن موضوع العمل الذي يروي لنا قصة ثلاث فنانات في الأوبرا الصينية المعروفة باسم «النشوانجو»، فرض شكلا لا يخلو من الصعوبة، خصوصاً أن «النشوانجو» فن يقوم أساسا على إعلاء جملة من القيم الإنسانية أهمها الهدوء، والصبر، والتكرار الذي يعبر عن الثقة بالنفس والإصرار.
هذا المسرح المتفرد بأساليبه وخصائصه كان ضيفا فريدا، وربما مستغرباً. لاشك في أن هذا العرض بدا ثقيل الوقع على الجمهور، خصوصاً أن هذا المسرح يعتمد بشكل كبير على طقوس ومعانٍ تتجسد في أبسط التفصيلات الحركية والتعبيرية، إضافة إلى أن العرض الذي حمل عنوان «تنهد» يعتمد بشكل أساسي على الشعر، وموسيقى نقرية، تبنى بتلاحم عضوي مع الحركات الإيمائية ذات الدلالات الخاصة المرتبطة بالطبيعة والذات، وهو أمر شديد البعد عن جمهور وجد نفسه في مواجهة عمل مختلف تماماً، عن كل ما شهده من عروض أو ما سيشهده لاحقاً.
هذه التجربة الفريدة والصعبة تمثل شكلا مصغرا لهذه النوعية من العروض، التي تستند إلى الموروث الموسيقي، والعلاقات الصوتية شديدة التعقيد بين الممثل وجوقته التي تمثل الضمير، والصدى، أو تنقلب ليصير الممثل هو الصدى لإملاءات الموسيقي. وعلى الرغم من أن هذه الفرقة تعد من التجارب الحديثة في أكاديمية شنغهاي للمسرح، إلا أن موضوع العمل الذي يروي لنا قصة ثلاث فنانات في الأوبرا الصينية المعروفة باسم «النشوانجو» فرض شكلا لا يخلو من الصعوبة، خصوصاً أن «النشوانجو» فن يقوم أساسا على إعلاء جملة من القيم الإنسانية، أهمها: الهدوء، والصبر، والتكرار الذي يعبر عن الثقة بالنفس والإصرار.
مسرحية «تنهد» هي شكل مونودرامي ولكن بنكهة فريدة، فالعمل يقوم على ثلاثة مقاطع أو فصول، تبدأ من فترة أسرة مينغ الحاكمة، مرورا بالثورة الثقافية الصينية، وصولا إلى الزمن الراهن. العمل أدته باقتدار المخرجة والممثلة تيان مانشا، التي قادت هذه الرحلة عبر زمن طويل وحافل بالمتغيرات، لكنها ركزت على العلاقة التي تجمع الإنسان الصيني بطقوسه وخصائصه الثقافية، البعيدة كل البعد عما يجري في أرجاء العالم. واستطاعت مؤدية العرض أن تنسجم مع منظومة كاملة من التغيرات البسيطة، وصولا إلى المراحل المفصلية بالعمل المتمثلة في الثورة الثقافية الشيوعية، مرورا بجميع التحولات الجذرية التي شهدها المجتمع الصيني لاحقا.
لاشك في أن مخرجة العرض استطاعت أن تقدم معالجات بصرية شديدة التركيز ومرتبطة عضويا بالمحتوى المنطوق الذي ينطلق من الفرقة، ويعود إليها. لا يوجد في هذا العمل الصعب أي تفصيلة مجانية، خصوصاً أنه يستند إلى أسلوبية الراوي، الذي يقص علينا الحكاية لنراها في الجانب الآخر من المسرح متجسدة وفق حركات تعبيرية شديدة الخصوصية.
لا يمكن الحديث عن هذا العرض أو انتقاده، لسبب أساسي هو جهلنا نحن بهذه النوعية من العروض وغربتنا عنها ثقافيا ولغويا، إضافة إلى عدم درايتنا بخصوصية الفنون الأدائية الصينية، التي تعرف بأن لها سياقاً زمنياً وتأثرات شديدة القدم وضاربة في التاريخ، لكن الفريد في الأمر أن هذه الخصوصية لاتزال حتى اليوم قائمة ومستمرة، في الوقت الذي خسرت فيه الكثير من حضارات العالم سماتها وفرادتها. إن إغراق هذا العرض في محليته لا يمكن اعتباره إلا حالة من الاعتزاز بالذات، ورغبة في عرض هذا الموروث للعالم. وبصورة عامة يظل هذا العرض فرصة غير متوافرة دائماً للتعرف إلى شكل آخر ومختلف من المسرح.
على الرغم من المآخذ الكثيرة، التي يمكن قولها عن العرض السوداني «احتراق»، إلا أنه لا يمكننا تجاهل الجهد البدني والنفسي، اللذين بذلتهما مخرجة وممثلة العرض هدى مأمون إبراهيم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: أين ضاع كل هذا الجهد؟ ولماذا لم يصل بنا العمل إلى حالة من الدهشة؟ رغم كل تلك الحلول والأفكار واللمسات البصرية والتعبيرية، التي بدت في كثير من الأحيان زائدة على الحاجة. لم تقدم لنا مقولة العمل ما هو جديد على صعيد المواجع النسوية العربية. فهذه المرأة التي تعيش كل هذه الظروف القاسية لم نجدها قادرة على اقتراح واقع جديد تبحث عنه. محاولة العمل الذهاب بنا بعيدا نحو عالم نسوي سوداوي الطابع والأفق، ظل على مستوى واحد من الصراع، محاولته في أن يضعنا أمام محاكمة لتاريخ طويل من القسوة ومفهوم الخطيئة وتداعياته على المرأة، أفضى بنا إلى استسلامية مضمرة، وبدت كل هذه المحاولات في كثير من الأحيان ثقيلة، وغير قادرة على أن تتسلل إلى وجدان الجمهور.
في هذا العمل الكثير من الجهد الضائع، الممثلة المخرجة هدى إبراهيم فعلت كل شيء. نوعت وأغنت عرضها، لكن في أحيان كثيرة تبدو العناية الشديدة ضارة وغير مجدية. المشكلة الكبرى في هذا العمل هي في اختيار نص خطابي، يقوم على كم هائل من المقولات والوعظيات الأخلاقية المباشرة والمتناقضة. فهو حينا يذهب إلى حق المرأة في التمرد، وأن تكون سيدة نفسها ومصيرها، ثم نراها في أحيان أخرى باحثة عن الغفران أو التوبة خصوصا الخلاصة الطهرانية في المشهد الختامي. ولا يحيلنا هذا التناقض إلى أزمة نفسية وجودية بقدر ما يضعنا أمام تناقض. وحتى إن سلمنا جدلا بأن العمل هو صرخة جريئة في عالم المرأة السوداوي، لكن هذه الصرخة بدت سوداوية إلى درجة منفرة، وبدا المنطوق في العمل خلطة بين شعرية مفرطة، ومقولات بلاغية نصحية.
خصوصية
لا يمكن الحديث عن العرض الصيني «تنهد»، أو انتقاده لسبب أساسي، هو جهلنا نحن بهذه النوعية من العروض وغربتنا عنها ثقافياً ولغويا، إضافة إلى عدم درايتنا بخصوصية الفنون الأدائية الصينية، التي تعرف بأن لها سياقاً زمنياً وتأثرات شديدة القدم وضاربة في التاريخ، لكن الفريد في الأمر أن هذه الخصوصية لاتزال حتى اليوم قائمة ومستمرة، في الوقت الذي خسرت فيه الكثير من حضارات العالم سماتها وفرادتها. إن إغراق هذا العرض في محليته لا يمكن اعتباره إلا حالة من الاعتزاز بالذات، ورغبة في عرض هذا الموروث للعالم. وبصورة عامة يظل هذا العرض فرصة غير متوافرة كثيراً، للتعرف إلى شكل آخر ومختلف من المسرح.
متاهة
أمام نص وعظي بدت الممثلة هدى إبراهيم، عالقة في متاهة من المرادفات البصرية، والحلول الفنية، لتسقط هي الأخرى في فخ المقولة والخطابية البصرية، فلم تكن تلك الرمزيات الكثيرة في العمل أكثر من حالة زائدة على الحاجة، رغم وجود اللمسات الذكية في العمل خصوصا في قطع الديكور، التي كانت قادرة على استيعاب مقولات العمل وأفكاره.
ترف العرض السوداني
وقع العرض في أزمة يمكن تسميتها بالترف، فرغبة القائمين عليه في تقديم ما هو جميل وضعتهم أمام إفراط في توظيف واستخدام هذه الجماليات بشكل زائد ومبالغ فيه، إضافة إلى الكثير من الترف الجمالي على مستوى القول والمنطوق.
لاشك في أن فريق عمل هذا العرض، خصوصا الممثلة المخرجة، بذلوا جهدا كبيرا على الخشبة، وفعلوا كل ما يمكن القيام به، لكن بشكل أو بآخر كانت هذه الجهود بحاجة إلى ضبط وتقنين وغربلة، تبدأ من ضرورة نسف هذا النص وتفتيته والتخفيف من ثقله، وصولا إلى ضبط كل تلك البلاغات البصرية، التي أضرت بإيقاعية العمل بصورة عامة.
الامارات اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.