أ. د. عبدالله مصطفى مهرجي نعيش حياتنا بين عظات وعبر نعايشها أو نسمع عنها أو نلحظها من حولنا والسعيد من اتعظ بها واستفاد منها . أعظم نعمة وحق وفضل على الإنسان بعد ربه هو حق الوالدين وفضلهم ونعمتهم على أبنائهم ، ولذا جعلها الله علاقة مقدسة قرنها بعد حقه وعبادته سبحانه. وقد بدأ يظهر في هذا الزمن ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم «لا تقوم الساعة حتى يكون الولد غيظا» !، ولذا وجب معرفة مدى عظمة حق الوالدين وفضلهم . وباختصار فإن حقهم بعد حق الله مباشرة، إلى درجة أنك لو كنت في صلاة النفل وطلبك أحد الوالدين فاقطع صلاتك وأجب ، وهذا مستفاد من قصة جريج الراهب المتعبد الذي جاءته أمه ونادته فلم يجبها انشغالاً بصلاته ، وليس انشغالاً بلعب أو غيره !، فدعت عليه ألا يموت حتى يرى وجوه الزانيات ، فوقعت عليه الدعوة وهدمت صومعته وامتحن رغم أنه كان من أولياء الله الصالحين !. وكان ابن عمر جالساً في صحن المطاف ورجل يطوف حاملاً أمه على ظهره ، فسأل ابن عمر هل أديت حقها ؟ قال: لا ، ولا بزفرة من زفراتها في الولادة !، فرضا الرب في رضاهما وسخطه في سخطهما، والسعادة والهناء في برهم والتعاسة والشقاء في عقوقهم . ولذا وجب على كل عاقل حصيف أن يراقب نفسه ولا يتمنى على الله الأماني ،وإن من أجمل التجارب الإنسانية التي بلغتنا وتتناقلها الألسن وتعيها العقول الواعية :- من خطورة العيش بين الطاعة والمعصية أنك لا تدري في أي فترة منهما ستكون الخاتمة . افعل الطاعة إخلاصاً لا تخلصاً ، وحافظ على النفل تقرباً لا تكرماً .. فأنت والله أحوج للطاعة وربُك سُبحانه غنيٌ عنها . لا تجعل همَّك هو حب الناس لك فالناس قلوبهم متقلبة ، قد تحبك اليوم وتكرهك غداً وليكن همُّك كيف يُحبك ربَّ الناس فإنه إن أحبك جعل أفئدة الناس تهواك . الحرام يبقى حراماً ، حتى لو كان الجميع يفعله ، لا تتنازل عن مبادئك ودعك منهم، فسوف تحاسب وحدك !. لذا . .. استقم كما أُمرت.. لا كما رغبت . أنت ستعيش مرة واحدة على هذه الأرض، إذا أخطأت اعتذر وإذا اشتقت تكلم، وإذا أحببت فعبّر، ولا تكن صامتاً. اجعل من يراك يتمنى أن يكون مثلك، ومن يعرفك يدعو لك بالخير، ومن يسمع عنك يتمنى مقابلتك. فمن تعطر بأخلاقه لن يجف عطره ، حتى لو كان تحت التراب. وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعدلها منزلة، فجعل برهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرضاً عظيماً، وذكره بعد الأمر بعبادته، فقال جلَّ شأنه: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ). وليحذر كل عاقل من التقصير في حق والديه، فإن عاقبة ذلك وخيمة، ولينشط في برهما فإنهما عن قريب راحلين وحينئذ يعض أصابع الندم. إن بر الوالدين من شيم النفوس الكريمة والخلال الجميلة، ولو لم تأمر به الشريعة لكان مِدْحَةً بين الناس لجليل قدره، كيف لا وهو علاوة على ذلك تُكفَّر به السيئات، وتجاب الدعوات، وبه تنشرح الصدور وتطيب الحياة ويبقى الذكر الحسن بعد الممات. اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربونا صغاراً، واجزهم عنا خير ما جزيت به عبادك الصالحين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. يقول تعالى: (فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)، ولا يدخل عليهما الحزن ولو بأي سبب؛ لأن إدخال الحزن على الوالدين عقوق لهما، وقد قال الإمام علي رضي الله عنه: مَنْ أحزن والديه فقد عَقَّهُمَا. جعلنا الله وإياكم من البارين . [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (63) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain صحيفة المدينة