بارماك أكرم، مخرج افغاني، مقيم في فرنسا، فيلمه الأخير "وجما: قصة حب أفغانية"، رشح لتمثيل أفغانستان رسمياً لفئة أفضل فيلم أجنبي في جائزة الأوسكار، وفاز عنه بجائزة السيناريو في مهرجان صندانس السينمائي عام 2013، وخلال عرضه على هامش مهرجان "أجيال" السينمائي بالدوحة إلتقته "أرى"، وواجهته بأسئلة كثيرة حول عمله السينمائي الجديد، وخرج عن هدوءه وانفعل كثيرا وهو يحاول الدفاع عن نمط اختياراته لمواضيع أفلامه، وخصوصا تلك التي تتعرض لقضايا الطفل والمرأة في أفغانستان، نافيا أن تكون بابا لمغازلة المهرجانات السينمائية الدولية، وللحصول على تمويل من جهات أوربية. وفيما يلي تفاصيل الحوار: قال بارماك أكرم: إن قضيتي الأولى هي حقوق الإنسان في بلدي، خصوصا حقوق الطفل والمرأة، وهي على حد تأكيده "أرقاما مهولة وحكايات تفتح ملفات كثيرة"، وصرح إلي أن واقع الحياة في أفغانستان لايزال يحتاج إلي تسليط الضوء عليه، ولا يمكن بأي حال أن تكون إقامتي في باريس أو وجودي في أوروبا "حسبما أشار"، "تأتي على حساب طرحي بصراحه للمشاكل التي تحتاج إلي قوانين قويه للحد مما يحدث للطفل والمرأة في أفغانستان". صعوبات وتوقف أكرم، عند فيلمه "واجما" مؤكدا أنه انجزه بحيوية الشباب، وإنه لاقى تجاوبا كبيرا في الدول التي عرض فيها، لافتا إلى أنه في نهاية العرض لاحظ أن العديد ذرفوا دموعا تأثرا بالفيلم وبقصته الواقعية، وأشار كذلك إلى أن فيلمه سبق أن افتتح مهرجان أفلام حقوق الإنسان الدولي الثاني في العاصمة الأفغانية كابل، لافتا إلى أنه لاقى صعوبات جمة في وجود فتاة ذات 17 ربيعا من أجل لعب دور في الفيلم، وحيا واجما وأمها التي قبلت بالتمثيل في فيلمه، مشيرا إلى أن كل الممثلين محليون، وأم واجما وجه كوميدي مألوف على التلفزيون الأفغاني، وكان البعض يناديها ب "العاهرة" في الشارع لمخالفتها بعض الأعراف التي لا علاقة لها بالدين مطلقا. و وصف أكرم "أم واجما" بالسيدة الثورية، وأنها لا تهاب ولا تخشى أحدا، بفضل شخصيتها القوية، فضلا عن كونها شرطية في كابل، وهي التي مات زوجها في إحدى المعارك مع طالبان، إذ بمجرد أن وافته المنية، طلب شقيقه الزواج من أرملة أخيه، إلا أنها رفضته، مما ترتب على ذلك رفض عائلة زوجها المتوفى استقبالها، ولم تجد مأوى غير بيت أبيها، وكشف المخرج أنه استخدم بيت عائلة واجما من أجل تصوير فيلمه بدون علم الجهات المختصة، بدعوى أنه يسجل فيلما وثائقيا. الواقع اعترف أكرم أن فيلمه "وجما" تزداد فيه الجرعة الميلودرامية وقال: هذا من متطلبات التعبير عن القسوة والمعاناة، والعمل ببساطه يعرى بشكل أكثر واقع المجتمعات التى كلما تطرفت دينيا كلما انهارت أخلاقيا، وواجما امرأة شابة تتعرض للعديد من المشاكل والأزمات بسبب دخولها فى علاقة سرية مع رجل تحبه، مما يؤدى إلى حملها، ومن هنا تنهال عليها الكوارث من عائلتها ومن المجتمع الذى تعيش فيه، وتتعرض للضرب، وتحبس فى بيتها، ويحاول والدها الحصول على فتوى بقتلها وفى النهاية لا تجد من الحبيب سوى الغدر والاتهام بأنها إذا حملت بهذه السرعة فمن المؤكد أنها لم تكن عذراء، وأوضح المخرج الأفغاني أنه لا ينتصر لأي أحد من الجنسين في فيلمه باعتباره ليس محكما، وإنما الجمهور هو الذي يمكن أن يجيب عن الأسئلة إن كانت هناك أسئلة على حد تعبيره. السينما وحول السينما الأفغانية توقف بارماك أكرم قائلا: رغم جميع أشكال الدمار التي خلفتها آلة الحرب في أفغانستان، استطاعت بعض القدرات السينمائية البزوغ من ذلك المستنقع، وإيصال أفكار الشعب الأفغاني إلى العالم أجمع، للتعبير عن وجهة نظرهم حول ما يجري في بلادهم، لتصبح بذلك الحقيقة الأقرب للواقع، والأفغانيون في الخارج لا يتعرضون لنفس المخاوف الموجودة لدى الأفغانيين الذين يعيشون في البلاد، لذا فبإمكانهم الحديث عن المشاكل وطرح القضايا التي تهم الشارع الأفغاني، وإذا كانت السينما الأفغانية اليوم تشهد نشاطا واسعا يقوم عليه عدد من المخرجين الذين درسوا السينما في الخارج، إلا أن الماضي القريب شهد قطع أرجل نساء كن سيمثلن في أفلام على يد حكومة طالبان، وقبل طالبان بكثير لم يكن للسينما الأفغانية تاريخ مضيء بشأن المرأة أو الطفل. متفائل وعندما قلت له "ألبير كامو يقول إن فكر الإنسان هو قبل كل شيء نابع من حنينه، فهل تحن لأفغانستان رغم اقامتك في فرنسا"، فأجاب بارماك أكرم قائلا: الحنين هو الشعور الذي لا يمكن لأحد أن يتخلص منه، وأنا أزور أفغانستان باستمرار، وكنت هناك قبل شهور قليلة بمناسبة مهرجان السينما، وكانت لي لقاءات مع شباب مثقفين جعلوني أعيش دهشة حقيقية، وخصوصا الفتيات القويات والمتعلمات اللواتي يعرفن في الأدب والسينما والموسيقى، وأنا متفائل جدا بمستقبل أفغانستان في ظل وجود مثل هؤلاء الشباب المتميزين، وأعتقد أنهم هم ثورة أفغانستان الحقيقية. البيان الاماراتية