عدن فري|العرب|لندن: استطاعت ثورات الربيع العربي في مرحلة أولى، أن تهدم حاجز الخوف الذي عانت منه الشعوب العربية طول سنوات عديدة، وهو الذي مكنها من التخلص من الديكتاتوريات الحاكمة، ولكن تلك الثورات، لم تكمل مسارها الصحيح بوصول ديكتاتوريات جديدة من تيارات الإسلام السياسي وصعودها إلى الحكم في تونس و مصر، وفي ليبيا حيث لا يزال الإسلاميون يصارعون للظفر بالسلطة. ورغم ذلك، يمكن القول إن مصر، غيّرت النمط السائد الذي خلّفته ثورات الربيع العربي، بعد ثورتها الثانية على جماعة الإخوان المسلمين، وتمكنت من قلب حكمهم، وإسقاط الرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي، في انتفاضة شعبية كبيرة في ال30 من يونيو، شملت كل مكونات الشعب المصري على اختلاف توجّهاتهم السياسية. وأثمرت هذه العملية خارطة طريق واضحة، تُوّجت بدستور توافقي حاز على موافقة أغلبية المصريين، تمهيدا للانتخابات الرئاسية التي تنتظرها كافة أطياف المجتمع المصري السياسية والشعبية، للخروج بالبلاد من مرحلتها الانتقالية بسلام. أما في تونس وبعد ثلاث سنوات طويلة من المساومات السياسية الشاقة بين الإسلاميين والعلمانيين، تمت المصادقة على الدستور الذي انتظره التونسيون كثيرا بالتزامن مع تشكل حكومة رئيس الوزراء مهدي جمعة. ويتوقع المراقبون نتيجة مرضية مشابهة للحالة المصرية، خاصة وأن شعبية الائتلاف الحاكم في تونس والتي يهيمن عليها حزب حركة النهضة الإسلامية باتت متدنّية جدا، في ظل غضب شعبي وسياسي كبيرين من ضعف أدائها السياسي الذي انعكس سلبا على البلاد، إضافة إلى الانفلات الأمني الكبير، والتراجع الاقتصادي، وهو ما دفع بالإسلاميين إلى الاستقالة من الحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ وطني خوفا من أن يلقوا نفس مصير أسلافهم في مصر. وقد تأكد جليّا أن أداء مصر وتونس أفضل بكثير من ليبيا، ورغم أن الليبيين حققوا ما يقرب من مهمّة مستحيلة لإسقاط نظام معمر القذافي، الذي استمر في السلطة لمدة أربعين عاما، لكن كانت لديهم انتخابات تاريخية في يوليو 2012. وكانت هذه أول انتخابات حرة في البلاد منذ أكثر من 52 عاما من تاريخ ليبيا، ومنذ ذلك الحين توقع الجميع أن تكون ليبيا دولة ديمقراطية، لكنها سرعان ما انهارت بسبب المليشيات والكتائب المسلحة، التي ترفض العمل تحت سلطة الدولة، مشكلة تنظيما خاصا غذاه إخوان ليبيا، وهو ما شكل ضغطا سياسيا مباشرا على حكومة علي زيدان التي اصطدمت بمخطط الإخوان والتيارات الإسلامية للسيطرة على الحكم، ولو كان الثمن إغراق البلاد في فوضى سياسية، وهو ما تقوم به ميليشياتها حاليا بهدف إضعاف الحكومة. أما اليمن فيعيش أجواء من التوافق السياسي مع انتهاء الحوار وطني، بعد فترة صدامات وصراعات سياسية حول العديد من القضايا ولكن رغم ذلك يبقى تهديد القاعدة يخيّم على المشهد اليمني، الذي لم يتمكن من التخلص من ذلك العبء الثقيل الذي ترعرع في فترة حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، قبل أن يتنحى عن الحكم في أعقاب انتفاضة شعبية ضده في عام 2011. لكن المخاطر التي تواجهها المنطقة هي سوريا؛ التي انجرفت بشكل أعمق في الفوضى التي خطط لها النظام السوري، وتحولت البلاد إلى ساحة حرب للعديد من الأطراف الخارجية، إضافة إلى صراع المجموعات المتشدّدة، فيما يجتمع السياسيون من المعارضة السورية والنظام في مؤتمر جنيف 2 للسلام، لإيجاد حل للأزمة السورية التي شارفت على إتمام عامها الثالث والتي حصدت مئات الآلاف من الضحايا بين قتلى وجرحى ومهجّرين. عدن فري