GMT 1:42 2014 الخميس 30 يناير GMT 1:45 2014 الخميس 30 يناير :آخر تحديث لندن – "الحياة": إذا كان افتتاح مؤتمر «جنيف 2» حفل بالكم الأكبر من «ابتكارات وتقليعات» العاملين في التلفزيونات السورية التابعة لنظام الأسد بشقّيها الحكومي والخاص، فإن الأيام اللاحقة شهدت انفجاراً في القريحة الابتكارية، وتنوعاً في التقليعات، وكماً هائلاً من التخوينات والتهم. فالإعلام السوري بث كلمة رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا لتكون المرة الأولى التي نتابع فيها كلمة لأحد أطراف المعارضة على التلفزيونات الداعمة للأسد، وأرفقها بصور لجرائم الإرهابيين كما وصفها. في حين شهد افتتاح المؤتمر أيضاً تقليعات جديدة للإعلام السوري، عبر شريط الخبر العاجل، فتلاعب بالألفاظ على طريقة طلاب المدارس، بحيث تابعنا في أحد التعليقات «نبيل العربي يتحدث بلسان البترودولار السعودي القطري، المسيطر عليه وعلى الجامعة العربية»، أو في تعليق آخر «كيري يكرر سيناريو واشنطن للأضاليل في سورية»، أما أبرز تلك التعليقات فكان ذاك الذي تعلق بوزير الخارجية السعودي إذ كتب التلفزيون السوري «وزير خارجية أسرته». هذه التعليقات إن كانت بالنسبة الى بعض مؤيدي نظام الأسد انتصاراً، فإنها تعكس حجم التخبط وغياب المنهجية في عمل هذه المؤسسات الإعلامية، كما تبرز غياب الديبلوماسية السياسية، بخاصة أن بعض هذه التلفزيونات يعبر وفي شكل مباشر عن المؤسسة السياسية، ولسان حالها. الأيام اللاحقة لم تغب عنها طرافة الإعلام السوري، ولم يتوقف العاملون فيه عن تقديم التقليعات المثيرة للسخرية والتندر، ما دفع معظم التلفزيونات والوسائل الإعلامية العربية والعالمية، لإعداد تقارير خاصة، ترصد طريقة تغطية الإعلام السوري لأحداث مؤتمر «جنيف 2». في المقابل، شهد بعض المؤتمرات الصحافية لوفد النظام السوري أحداثاً غريبة، ومثيرة للضحك والسخرية، ففي أحد مؤتمرات نائب الوزير فيصل مقداد، أحصي وجود عدد هائل من إعلاميي التلفزيونات الحكومية، ولم يترك هؤلاء المجال لأحد من الوسائل الأخرى لطرح الأسئلة أو الاستفسارات، وكأن القضية هي سباق أو منافسة على «الميكروفون». وبما أن نظام المؤتمر يمنع أن يوجه مندوب مؤسسة واحدة أكثر من سؤال، لجأ العاملون في تلفزيونات النظام إلى ابتكار أسماء وسائل إعلامية. فبعد سؤال من مندوب التلفزيون السوري، جاء سؤال لمندوبة أخرى من التلفزيون ذاته، عرّفت عن نفسها بأنها مندوبة التلفزيون الوطني. سياسة التسميات واللعب على الألفاظ استمرت مع استمرار المؤتمر، فبعدما اعتاد الإعلام السوري تسمية ائتلاف المعارضة ب «إتلاف الدوحة»، والمجلس الوطني ب «مجلس اسطنبول»، شهد جنيف تغيراً في هذه التسميات، إذ استخدم التلفزيون السوري وفد الائتلاف المسمى بالمعارضة، فيما استخدم تلفزيونا «سما» و «الدنيا» لفظ الوفد الآخر، من دون الإشارة إلى ماهيته أو تشكيلاته. تنافضات الإعلام السوري توالت عبر نشرات الأخبار والأحاديث السياسية والبرامج المتلاحقة على مدار الساعة، ففي حين يروّج هذا الإعلام لسعي نظام الأسد الى حل الأزمة «سياسياً» عبر مؤتمر جنيف، يطلق أحكام الفشل على المؤتمر في شكل يومي ومنذ اللحظة الأولى لعقده، ويعتبر كل الأطراف إرهابية وداعمة للإرهاب، لتتكرر أسطوانة المؤامرة الكونية التي يرددها منذ ثلاثة أعوام. كما يصرّ الإعلام السوري ومن ورائه وفد النظام في جنيف، على أن الوفد الآخر أو ما يسمى المعارضة «كما يسمى وفد الائتلاف»، لا يمثل أحداً. ولم يكتف الإعلام السوري بمهاجمة وفد المعارضة والدول الداعمة له، بل امتد الأمر ليشمل مبعوث الأممالمتحدة الأخضر الابراهيمي، إذ اتهمه بالتزوير والتلفيق، فيما وجه هذا الإعلام محلليه ومتحدثيه إلى قذف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعبارات التحريض. أما أكثر المواقف التي أطلقت عبارات السخرية والتندر وساهمت في نقل الإعلام السوري إلى درجة جديدة من الابتكار، فكانت صورة مراسل أحد التلفزيونات الرسمية وهو يشرب «المتة» في القاعة الإعلامية وكأن لا شيء يحدث في جنيف أو سورية. ايلاف