تشهد بلدية باريس بعد شهرين انتخابات تتميز بمنافسة نسائية حامية الوطيس، بين وزيرة يمينية لا تخفي تعطشها للسلطة وناشطة يسارية بقيت في الظل طويلًا. كانت ناتالي كوشيسكو موريزيه وزيرة للبيئة في عهد نيكولا ساركوزي، ثم اصبحت نائبة في البرلمان، وهي تترشح اليوم على لائحة حزب التجمع من أجل حركة شعبية، وسط خلافات داخلية شهدت انشقاقات لرفاقها في القائمة. وتشتهر كوشيسكو، او ان.كا.ام، بأنها المراة الأربعينية ذات الشعر الاحمر والطموح الشديد، وهي تصف نفسها صراحة ب"القاتلة" حين يتعلق الامر بالسياسة. وفي وجهها، تسعى آن هيدالغو (54 سنة)، التي امضت 12 عامًا مساعدةً لرئيس البلدية الاشتراكي الحالي برتران ديلانوي، إلى كسب قلوب الناخبين من خلال نأيها بنفسها عن سياسة حكومة يسارية مغضوب عليها شعبيًا. وقد اتسمت المنافسة بين المرشحتين بانتقادات لاذعة متبادلة لصورة كل منهما اكثر من رؤية كل منهما لمستقبل المدينة، التي تضم 2,2 مليون نسمة. نجمة وحارسة بناء نشرت الصحف الفرنسية في كانون الثاني (يناير) الجاري تصريحات لفريق كوشيسكو-موريزيه تصف المنافسة بأنها "معركة بين النجمة وحارسة البناء"، فيما شكت هيدالغو بتعرضها لعقاب طبقي، بسبب تحدرها من عائلة إسبانية مهاجرة. ولا تخفي موريزيه طموحها في الترشح للانتخابات التمهيدية لحزبها في العام 2016، تمهيدا للانتخابات الرئاسية في العام التالي، وعندما يتهمها خصومها بالرغبة في استخدام بلدية باريس وسيلة لتحقيق هذا الطموح، تؤكد أن شاغلها الوحيد اليوم هو المعركة على باريس. اما هيدالغو، المستشارة السابقة في حكومة ليونيل جوسبان بين 1997 و2002، فتراهن على العمل الميداني لاقناع الناخبين. وبحسب أكثر من استطلاع، حققت هيدالغو تقدمًا على منافستها، احتلت أن.كا.أم للمرة الاولى الصدارة في استطلاع جرى في اول كانون الثاني (يناير) الجاري، في الجولة الاولى من الانتخابات البلدية المقررة في 23 اذار (مارس) المقبل. معركة أرقام وتخوض المتنافستان معركة أرقام كي تحافظ باريس على صورتها كأجمل مدينة في العالم. فهيدالغو تقدم برنامج استثمارات بمبلغ 8,5 مليار يورو، وتطرح في رأس اولوياتها تسهيل الحصول على مسكن وتوفير وسائل مواصلات اكثر راحة والاهتمام بالطبيعة في المدينة. من جانبها، اعلنت موريزيه رغبتها في خفض عدد موظفي باريس، لتوفير 225 مليون يورو قبل العام 2020. كما تريد ان يكون وسط المدينة كله "منطقة مشاة" فقط، مع تعزيز سياسة الامن. ويتنافس في هذه الانتخابات اربعة مرشحين اخرين، هم نائب بيئي والسكرتيرة الوطنية للحزب اليساري ومحامي في الجبهة الوطنية ومنشق عن فريق أن.كا.أم، وهو مهدد بالطرد من حزبه. ايلاف