مقالات مَن يطرق، بعد اليوم، نافذتي، آخر الليل؟ ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 31/01/2014 "أعرف أن الكتابة، كتابتي أنا بالذات عنك، فيك بالذات، صعبة . أعرف أنني قد لا أتحمل حتى النهاية، لكنني يا سيدي ووالدي وأخي وصديقي وأستاذي يجب أن أبدأ . لا يمكن إلا أن أكتب عنك الآن، ولا يمكن إلا أن أكتب ما يعجبك، كعهدنا منذ كنا معاً . في غيابي والحضور تصفني ب"الكاتب الكبير" أو تصل بالوصف أحياناً إلى تخوم العبقرية، ولست إلا تلميذك . تلميذك يا سيدي في الحقيقة والمجاز . لقد "تعاملت معك" يا أبا خالد وأنا تلميذ في المدرسة الإعدادية، مدرسة جابر بن حيان الإعدادية الثانوية في أبوظبي وأنت يومئذ وزير التربية والتعليم . كأنما مهنة العلم منذورة لك ومفصلة على قياسك . كنت معلماً حقيقياً في كل مراحل العمر يا دكتور . معلم وأنت معلم . معلم وأنت وزير التربية والتعليم . معلم وأنت الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات . معلم وأنت وزير العدل . معلم وأنت رئيسي في "الخليج" . وكنت تلميذك وسوف أظل . على يديك تدربت ببصيرة المثابر، وعندما عدت من دراستي العليا في لندن بعد عمر من التعب والعمل في وزارة الإعلام وصحيفة الاتحاد، وبعد شوق وقبل شوق، وبي حنين واحتدام مشاعر . عدت إلى "الخليج" بيتنا الأول جميعاً، نحن كتّاب وصحفيي الإمارات . فرح الأستاذ تريم، رحمه الله بي، وفي المساء قال لي غسان طهبوب إنه تفاجأ كثيراً بفرحك أنت بي . لماذا؟ قال غسان: ذوق عبدالله عمران مختلف وصعب . وكان عليّ في كل المواقف والأوقات أن أفرحك، وأن أكون في خدمة "الخليج" المنارة ومركز الإشعاع، ومركز المحبة أيضاً . كنت أكتب وأكتب . أتميز بالانفرادات المحلية والعربية، وكنت أفرح كلما أعجبتك، وتفرح بي على الدوام، ولا تخفي ذلك خصوصاً أمام أصدقائك وضيوفك من كل جهات الأرض، وعندما أتأخر في كتابة أخباري ومقالاتي إلى آخر الليل كعادتي، ويأتي مَن يلوم أو يتذمر، كنت تردد مقولتك الشهيرة داخل بيت "الخليج": حبيب الصايغ حزمة واحدة أو "بكج" ولا بد من أن يقبل كما هو . هل أقول لك كم تعلمت على يديك؟ لن أقول يا دكتور، والسبب بسيط: أنت تعرف أكثر مني . وتعرف أكثر مني، منا، أننا سنفتقدك كثيراً ونشتاق إليك . لكن غيابك يا دكتور، وبهذا الشكل المفاجئ وضعنا أمام المسؤولية وجهاً لوجه، وعلينا منذ الآن أن نشتغل أكثر، وأن نتعب أكثر، وأن ننحت أبعد في الصخر، حتى نحافظ على مستوى "الخليج"، وحتى نفرحك . ونظل محل إعجابك . كل سنة في "الخليج" بسنوات في غيرها، وكل يوم معك يا أبا خالد بزمن غيرك، وفي "الخليج" على يديك تعلمت الصحافة المغموسة بحبر المحبة وطاقة المحبة . تعلمت الأخلاق والمهنة والاحتراف، وتعلمت، أنا الشاعر، السياسة . ترى، بعد اليوم، إلى من ألجأ في أمور الحياة والمهنة، ومن أستشير؟ من يطرق، بعد اليوم، نافذتي، آخر الليل، يشير علي ويوجهني؟ من يؤجل لي بعد اليوم خبراً، فأنام متذمراً نكداً، ثم تثبت الأيام أنه على حق؟ من يأخذ بيدي، بعد اليوم، إلى حيث المجد والانتصار؟ من سواك؟ لا أحد يا سيدي سواك أو غيرك، ومن قال لك إنني أستغني عنك بهذه السهولة؟ لسوف تظل يا دكتور في كل كلمة وحرف، في كل رؤية وطريق، ولسوف أظل أكتب وطيفك بين القلم والورقة، وظلك الظليل . فلماذا تركتنا يا دكتور هكذا، فجأة، وذهبت؟ ما زلنا نحتاج إليك، إلى حبك ونصائحك وروحك الحلوة . وإلى تلك القوة التي تسيل، وكأنها وشوشة المعنى العذب، من عينيك على شفاهك، ومن قلبك إلى قلوب محبيك . الخليج الامارتية