GMT 0:05 2014 الجمعة 7 فبراير GMT 0:47 2014 الجمعة 7 فبراير :آخر تحديث يوسف الكويليت القاعدة العامة في المفاهيم والمعلومات السياسية، أن لا ثبات في هذه المعاملات لأنها تخضع للظرف الزمني المتغير، وأمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، تسيدت العالم كقوة مطلقة حتى بوجود الاتحاد السوفيتي وكانت منطقتنا العربية ساحة تنافس مثلما كان زمن القوتين البريطانية والفرنسية، وقد ظلت أمريكا أكثر قابلية لعدم تورطها في أحداث المنطقة مثل دول الاستعمار التقليدي وليس لها تاريخ مأساوي معها، غير أن حداثة التجربة في بداياتها لهذه الدولة العظمى واعتمادها على أدبيات مستشرقيها ورحالتها، غابت الحقيقة في ضبابية عدم الخبرة، لكن بعد سنوات من التشابك التلاقي والتضاد بدأت تكيف تجربتها وتغنيها من خلال مراكز دراساتها وتخصيص سفراء جاءوا بأفكار أخرى ليست تلك التي لا تفهم من العرب إلاّ كتاب «ألف ليلة وليلة» أو الأساطير التي حكيت بانطباعات غلب عليها الاستشراق الديني بمحاولات تشويه العربي وعقيدته بروح نمط ذلك التفكير والانطباع الساذج.. حالياً أمريكا تريد أن تخرج من المنطقة بقناعات ترى أنها تخدم مصالحها، وهذا أمر تقرره دوائر صناع القرار غير أن هذا التطور ربط بفشل سياساتها في المنطقة وأن عقدة احتلال العراق والنزيف الذي أحدثه مادياً وبشرياً، غير المفاهيم والقناعات بأن إصلاح دول المنطقة مستحيل لكن ذلك لم يكن بعجز عربي وإنما برؤية أمريكا الأحادية بأن تحاول طبع هذه الدول بتقاليدها وسياساتها ونموذجها الاجتماعي متناسية الفوارق التاريخية والتقاليد، والموروث العام بين الطرفين وأن المشكل في عدم قراءة ما خلف السطور ورؤية الأشياء بحيادية دون الاعتماد فقط على تقارير سفاراتها أو مراسليها أو العيون التي بثتها بلا فهم منطقي يخدم سياساتها ويخلصها من حالات الانطباع إلى التحليل والتدقيق في مجريات حياة الشعب العربي كله.. السؤال المفتوح على كل الاتجاهات، هل فشلت أمريكا فعلاً في إدارات سياساتها في المنطقة، ولماذا وهل كان راسمو خططها بعيدين عن هذه التنبؤات والتطورات، أم أن الصدمات التي حدثت جعلتها تنقلب تسعين درجة على أساليبها وتطلعاتها؟.. لنأخذ النموذج العراقي، ثم السوري، وكيف تحولا إلى أزمة أمريكية أولاً وعربية ثانياً، أي أن غزو العراق لم يكن بلا أهداف استراتيجية عليا قدمتها بيوت الخبرة لمنفذ القرار، فتغيرت الحسابات من خانات الأرقام الصحيحة إلى الهامشية، فأصبح العراق زمن صدام أكثر أمناً وانضباطاً من أيام المالكي مما فتح الباب لعناصر إرهابية متطورة تنظيماً وتدعيماً مادياً وبشرياً لأن من وضعوه على كرسي الحكم جاء بتفكير طائفي مقنن ومتأصل في تربيته وثقافته ولذلك أصبح نظام العراق يدار بروح الطائفة، فجاء رد الفعل نمو جبهات مضادة لا تبالي أن تتحالف مع أي عدو من القاعدة ضد أمريكا ونظام العراق معاً، وهذا ما استدعى أن يجأر برلمانيون أمريكيون بأن المالكي بدلاً من تنفيذ أجندة بلدهم تحول إلى سبب في نمو التطرف وتناميه طائفياً وقبلياً، ونفس الأمر بمجريات المعارك في سورية حيث تحولت السياسة الأمريكية إلى ساعٍ لتعاون روسيا معها في حل مشاكل السلاح الكيماوي الذي يماطل الأسد بتسليمه، وممرات آمنة لإيصال المعونات الإنسانية لمن شردتهم الحرب، وهذا الضعف بالمواقف رأته أوساط قريبة من أوباما أنه تراجع في سياسة أمريكا أفرز رأياً عاماً عالمياً بضعفها أمام خصومها، وفي العموم صار من لا يثق بهذه الدولة من العرب كبيراً وهو ما لم تشهده عصور علاقاتها جميعاً مع دول المنطقة.. ايلاف