في العدد الأول من مجلة (المكلا) التي أصدرها مكتب الثقافة بالمكلاحضرموت يوليو أغسطس 2008م كتب الأخ العزيز والصحفي المتميز عزيز صالح محمد (عزيز الثعالبي) مقالاً بعنوان (عصر من التميز المسرحي للأندية الرياضية والمدارس بحضرموت ) أستعرض فيه بإيجاز الأنشطة المسرحية في فترة تأثر فيها الجميع بالثورة الناصرية في مصر العربية وتطرق للنشاط المسرحي خلال تلك الفترة الماضية وهو مقال يحتاج إلى كتاب وليس إلى عدة صفحات في مجلة فصلية .. ولكن وكما هو معروف عن الأستاذ عزيز صالح فقد جاء الموضوع مفيداً للغاية وان اختصر الزمن والنشاط إختصاراً شديداً .. وقد شدني في ماكتبه عن نشاط نادي شباب الجنوببالشحر وهو نشاط متميز حقاً كما وصفه الأخ عزيز .. .. وحتى تصف هذا النادي والقائمين على نشاطه في تلك الحقبة من الزمن ولاني كنت في وسط ذلك النشاط ومشاركاً فيه وأحدى ركائزه .. وجدت لزاماً علي ان اكتب عن النشاط المسرحي لهذا النادي لتميزه فقط .. كما جاء في موضوع الأخ عزيز ولعلي بهذا أقدم شيئاً يسيراً لمن يريد ان يعرف بعض من نشاط الأندية الرياضية في زمن مضى ليكون حافزاً للشباب الذين يتولون الآن دفة نشاط الأندية الرياضية في الوقت الراهن شباب الجنوب ومسرحية .. انتصار الحق هذه المسرحية مأخوذة عن نسخة مترجمة عن القصة الانجليزية (الجريمة والعقاب) وهي أول مسرحية قدمها شباب الجنوب في عام 1967م في مدينة الشحر وتم عرضها أيضاً في المكلا وعدن .. وهي باكورة نشاط النادي الثقافي في تلك الفترة .. ولقد بذل القائمون عليها جهوداً جبارة أثمرت هذه الجهود عن تقديم عملا مسرحياً رائعاً حاز على إعجاب كل من شاهدوه في الشحروالمكلا وعدن .. وقام بالتمثيل فيه نخبة من الممثلين بعضهم يقف على خشبة المسرح لأول مرة ولكنهم أجادوا الأدوار التي تقمصوها إجادة عالية وبرز منهم ممثلون أشير إليهم بالبنان فيما بعد كممثلين على مستوى رفيع منهم .. عبود أحمد بن جميل ، عبد القادر علي رويشد ، عوض سعيد مقطوف ، سعيد محمد بابقي ، عمر عبد الرحمن بازرقان ، عمر سبتي ، عبد الرحمن الملاحي ، وأخرون .. ومن تقاليد المسرح في تلك الأيام ان تبدأ المسرحية بإنشودة تسمى نشيد الافتتاح .. أي افتتاح الحفل الفني .. ذلك لأن المسرحية هي جزء من برنامج ليلة ساهرة تحتوي على عدة فعاليات فنية في آن واحد .. مسرحية تراجيدية باللغة العربية الفصحى أغاني ومنولوجات جديدة ، ومسرحية كوميدية .. والذي قد يستغربه القارئ العزيز إن الانشودة التي بدأ بها هذا الحفل هي من تأليف الأديب الشاعر عبد الله عبد الكريم الملاحي رئيس نادي كوكب الصباح بالشحر يقول فيها : بدماء الشباب تستنير الشعوب نفحات الحياة في شباب الجنوب وقد قام بأدائها اللاعب المعروف ناصر صلاح البطاطي مع مجموعة من الرياضيين والممثلين .. وإن دل هذا على شئ فانه دليلاً واضحاً لا يحتمل اللبس ان شباب هذه المدينة جميعاً في الشباب أو الكوكب كانوا يتحلون بروح خلاقة وتعاون فيما بينهم الى أبعد الحدود .. وماهذا التعاون ومشاركة رئيس نادي الكوكب في نشاط نادي شباب الجنوب الا تجسيداً حياً لهذه الروح والتسامح والود الذي كان سائداً .. ويبقى التنافس الرياضي وإحراز البطولات حقاً مشروعاً لكلا الناديين ومشجعيهم وأنصارهم بعيداً عن الحقد والكراهية .. التي لا وجود لها أصلاً كما قد يعتقد البعض .. وقد أخرج المسرحية الفنان محمد علي مخارش وساعده عدداً من شباب النادي . ثورة .. في عهد الثورة بعد الاستقلال قدم شباب الجنوب مسرحية ثورة في عام 1969م كتبها وأخرجها الاستاذ الفنان محمد علي مخارش رئيس النادي وساعده في ذلك مجموعة من شباب النادي وهي ثورة بمعنى الكلمة فكرةً وتأليفاً وإخراجاً حيث مثلت نقلة نوعية في المسرح في ذلك الوقت .. تحكي المسرحية نضال الشعب في جنوب الوطن والتضحيات التي قدمها الثوار لنيل الاستقلال والصراع الذي بدأ يطل برأسه بين الثوار رفاق السلاح بالامس بسبب تطلع البعض منهم الى السلطة ومحاولة التفرد بها على حساب إخوانهم في النضال وهو مابدأ واضحاً بعد الاستقلال مباشرة ربما لاختلاف الرؤى وعدم إمتلاك رؤية واضحة لتسيير شئون الحكم للدولة الجديدة .. ووضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار .. وقد نبهت المسرحية لهذا مبكراً ، وهو ماحصل فيما بعد حيث شهد الوطن الكثير من الويلات والمآسي بداية بالانقلاب على الرئيس قحطان الشعبي ومروراً بالقضاء على جناح سالمين وحتى أحداث 13 يناير المشؤومة .. وقد اشترك في تمثيلها كل من ، احمد سالم بن شيخان ، عمر عبدالرحمن بازرقان ، محمد حسين الجحوشي ، أحمد يسلم بخضر ، صالح بازهير، عمر سالم برعية ، شيخ عمر باشراحيل ، سعيد بن دحمان وآخرون .. وقد تم عرضها في كل من الشحروالمكلا .. ولاقت إقبالاً كبيراً .. مسرحيات شكسبير .. لها الحظ الأوفر قدم شباب الجنوب ثلاث من مسرحيات شكسبير هي على التوالي : تاجر البندقية (النهاية) عام 1971م هاملت عام 1975م يوليوس قيصر (المصير) عام 1973م قدمت مسرحية (النهاية) في عيد الاضحى المبارك وأعيد عرضها في زيارة الشحر (زيارة سالم بن عمر السنوية) وكذا عرضت في كل من سيئون وتريم وشبام وتوفرت لها إمكانيات أكثر من غيرها في الاعداد من ممثلين وملابس وديكور .. وبرز ممثلون جدد الى جانب الممثلين القدامى منهم سالم حسين الجحوشي ويسلم بازهير اللذان أجادوا الادوار التي تقمصاها .. وقد قام الفنان سالم أبو بكر باذيب برسم بعض اللوحات الخلفية للمسرحية (الديكور) ويعد هذا أول مشاركة له في عمل مسرحي .. بعدها قام بتصميم ورسم الكثير من الخلفيات والديكورات لمسرحيات كثيرة .. وقد أعد هذه المسرحية وأخرجها محمد عوض باصالح بمساعدة جملة من شباب النادي . هاملت .. وتألق الجحوشي .. بعد نجاح مسرحية ( النهاية ) كان علينا أن نبحث عن نص أكثر قوة وإثارة وجمالاً ونخطوا به خطوة الى الامام .. فوقع الاختيار على مسرحية (مأساة هملت ) وهي مسرحية شهيرة فيها من المواقف الانسانية النبيلة والمفارقات العجيبة والتضحية .. وأسند دور البطولة للمثل الصاعد سالم حسين الجحوشي بعد النجاح الذي حققه في مسرحية النهاية .. مع كل من الممثلين عمر بازرقان ،عوض مقطوف ، محمد باسيف ، عبد القادر بلعفيف ، صالح المشعلي ، أحمد عرم ، شيخ باشراحيل ، سعيد مخارش ، سالم عبد الرب البكري وآخرون ، وقد نجحت المسرحية نجاحاً باهراً وأذكر إننا لأول مرة نخيط ملابس كثيرة خاصة بالعمل نظراً لكثرة الممثلين وخصوصا نوع الملابس بما يتوافق والزمن الذي حدثت فيه وقد كلفنا هذا كثيراً من الجهد والمال .. أعد المسرحية وأخرجها محمد عوض باصالح ، وتم عرضها في عيد الاضحى المبارك .. ولم تعاد في زيارة الشحر لأن الزيارة ألغيت في يومها الثاني بسبب حادثة حلفون التي ذهب ضحيتها محمد عمر باشراحيل ومحمد شماخ . المصير .. والقصر والرصاص آخر الأعمال أصبح تقديم الأعمال المسرحية من قبل نادي شباب الجنوب شيئاً محبباً للجمهور ، والزمنا أنفسنا من حيث لاندري بنشاط مسرحي سنوي .. وبدأ الناس في الشحر وخارجها يسألون عما سيقدم في العام القادم بعد مشاهدتهم العمل في العام الحالي ، وكان البحث عن نصوص مسرحية يعد مشكلة لا نجد لها حلاً .. وقد يستغرب القاري العزيز لماذا نقدم نصوصاً تاريخية لشكسبير من الادب الانجليزي وكأننا لا توجد لدينا في المكتبة العربية نصوصاً صالحة للتمثيل ؟ ..والحقيقة إن المرحلة التي قدمت فيها هذه النصوص كانت شديدة الحساسية من الناحية السياسية (مرحلة السبعينيات) وقد نأينا بأنفسنا عن أي تأويل قد يفكر فيه البعض فقدمنا هذه النصوص التي ربما تبعدنا عن المساءلة السياسية في تلك الفترة .. وما أكثرها .. وفعلاً تم لنا ذلك .. قدمت مسرحية المصير المأخوذة عن قصة يوليوس قيصر في عام 1973م في عيد الاضحى وأعيد عرضها في زيارة الشحر (سالم بن عمر) وقد نجحت المسرحية نجاحاً منقطع النظير .. وأذكر إن كثيراً من المهتمين بالمسرح بالشحروالمكلا وغيل باوزير كانوا الى جانبنا على المسرح ليلة العرض يشدون من أزرنا منبهرين بما أعددناه للمسرحية من ملابس وديكور وغيره ومنهم الفنان سالم عوض باوزير وآخرون .. وتمنوا لها النجاح والتوفيق في أعمالنا القادمة .. وقد قام ، بالتمثيل فيها سالم الجحوشي ، عمر بازرقان ، عمر سالم برعية ، صالح لحمر ، عبد الحكيم باذيب ، سعيد بن دحمان وآخرون ، وتأتي ذكرى حادثة القصر المعروفة بالمكلا ويتم تكليف فرقة النادي بعمل مسرحي من قبل منظمة الحزب بالشحر بمناسبة هذه الذكرى في إحتفال ذلك العام 1973م ويتم عرض مسرحية (القصر والرصاص ) التي تحكي حادثة القصر بالمكلا وقام بالتمثيل فيها محمد عبد الله باسيف ، عمر بازرقان ، هاشم عيديد ، عبد القادر الحدادي ، حسن باوزير، عبد الله بن فاجع ، عبد الله باصميدي ، وعدد آخر من الممثلين .. وهي من تأليف وإخراج محمد عوض باصالح .. وتعتبر هذه المسرحية هي آخر ما قدمه نادي شباب الجنوب من مسرحيات نالت شهرة واسعة وتحدث عنها ال الراقي رغم شحة الامكانيات .. كما ذكر ذلك الكاتب المعروف الاستاذ علي عبد الله البيتي في عدد صحيفة المسيلة رقم (483) بتاريخ 25 نوفمبر 2006 وهو يروي ذكريات عن الشحر التي عاش فيها عام 7173م بعنوان (في الشحر كانت البداية) حيث قال : ( تلك الفترة كانت حافلة بالانشطة الفنية والمسرحية وكانت تعرض مسرحيات على مستوى إبداعي رفيع باشراف المخرج محمد عوض باصالح .. ويشارك فيها الطالب سالم حسين الجحوشي منها مسرحية هاملت لشكسبير ..) وفي الختام أرجو أن يعذرني الأخ العزيز عزيز صالح محمد إذا إختلفت معه في تاريخ عرض بعض تلك المسرحيات .. الذي أورده في مقاله الأخير .. وما ورد في هذا المقال هو التاريخ الحقيقي لتلك العروض المسرحية وهو ما أحتفظ به في بعض من أوراقي الخاصة بذلك .. ويتفق مع ما اورده هو نفسه في مقال سابق كتبه في مجلة الفن العدنية العدد الرابع والعشرون الصادر في إبريل عام 1973م تحت عنوان (كلام في المسرح) ويظهر أن الأخ عزيز كتبه بعد حضوره ومشاهدته مسرحية (المصير) عند إعادتها في زيارة سالم بن عمر بالشحر مساء يوم 16/2/1973م واعجب بالعمل .. وكيف لا .. وهو الصحفي والفنان المرهف الاحساس . العصرية نت