كتب - المحرر السياسي: تستحق تونس التهنئة، لأنها اجتازت أزمة كادت تعصف بها وتحيلها إلى أنقاض، كما دول أخرى اجتاحها "ربيع عربي" حوّلها إلى مستنقعات للدم والحقد والدمار، والصراعات المفتوحة على أرضها، والتدخلات الخبيثة من كل حدب وصوب . إن رياح التغيير التي انطلقت من تونس قبل ثلاث سنوات، حملت معها نذراً مشؤومة، تحمل في أحشائها كل أسباب الصراع والاقتتال، حيث برز التدخل الخارجي الفج، ومعه مظاهر التعصب والاغتيال والعنف والتكفير، ومحاولات الإقصاء والتهميش، وفرض المفاهيم الأحادية المتماهية مع الفكر "الإخواني" الظلامي، من خلال حركة "النهضة" والجماعات الإرهابية الأخرى . لكن صمود الشعب التونسي وقواه الوطنية والتقدمية ومنظماته العمالية في مواجهة مَن حاولوا السطو على ثورته، وتثبيت وجودهم وبسط نفوذهم والتمكن من السلطة وفرض نظامهم، أفشل هذه المخططات واضطرهم إلى التراجع والرضوخ، بعدما رأوا بأم العين ولمسوا لمس اليد المصير الذي آل إليه "إخوانهم" في مصر جراء سلوكهم المجافي للديمقراطية والحرية والتعددية، بل نكثهم بكل العهود والوعود التي قطعوها للثوار، بعدما ركبوا قطار الثورة متأخرين واستولوا عليه بالخداع . المهم، أن صمود وصبر الشعب التونسي أثمرا دستوراً جديداً يستحقه ويلبي تطلعاته في الأهداف والشعارات التي رفعها بعد إطاحة نظام الاستبداد والفساد والمحسوبية . لقد قطع الشعب التونسي المرحلة الأولى على طريق استكمال ثورته، من خلال إقرار الدستور وتشكيل الحكومة، بانتظار الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستكون صناديق الاقتراع هي الفيصل في تحديد اتجاهات الثورة . لقد أنقذت "حركة النهضة" نفسها في اللحظات الأخيرة من مصير مشابه لمصير إخوان "مصر" واضطرت أن تنحني لريح الإرادة الشعبية وتسلم بمطالب الجماهير وإرادتها . الشعب التونسي يدرك أن "النهضة" لم تستسلم، إنما عمدت إلى تكتيك الهرب من المواجهة والمصير المحتوم وهو يدرك أيضاً أن اختياره "النهضة" قبل 3 سنوات كقوة تمثيل شعبية أساسية لم يكن صحيحاً، فاستمر في ثورته التي أخرجت دستوراً لمستقبل تونس . الخليج الامارتية