قال المهندس حمد بوعميم، مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي عضو مجلس إدارة المصرف المركزي ل "البيان الاقتصادي"، إن المصرف يبحث حالياً حض البنوك المحلية والأجنبية العاملة في الدولة على المساهمة في دفع عجلة النمو من خلال تحريك ما يسمى ب "الأصول المجمدة"، أو النائمة مشيراً إلى أن بعض البنوك قد حافظت على نسب عالية من الودائع على القروض، وذلك من خلال تطبيقها لسياسة صارمة في آليات التمويل. وأضاف "نتفهم تحفظ البنوك عن التمويل خلال المرحلة السابقة، خصوصاً في السنتين اللتين أعقبتا الأزمة المالية العالمية، لكن اليوم الدولة مقبلة على مشاريع عملاقة، ونتوقع نسب نمو عالية، والطفرة الاقتصادية مستمرة، وعليه، نحض البنوك على رفع القيود وتسهيل تسييل الأصول والودائع، هذا ضروري في المرحلة الحالية والمستقبلية". وتوقع بوعميم أن يتجه المصرف المركزي لرفع أسعار الفائدة الرئيسة خلال النصف الثاني من العام الجاري، وذلك مواكبة منه للطفرة التي يشهدها اقتصاد الدولة خلال الوقت الراهن، مشيراً إلى أن أداء القطاع المصرفي خلال العام الماضي شكل دافعاً قوياً لاتخاذ هذا القرار. وأشار إلى أن رفع أسعار الفائدة لا يرجع لأسباب محلية فقط، بل مواكبة للتطورات العالمية أيضاً، خصوصاً وأن اقتصاد الإمارات منفتح على الاقتصادات الغربية، مشيراً إلى أن الإمارات سترفع سعر الفائدة الرئيسة بالتزامن مع الخطوة ذاتها سيقوم بها البنك الفدرالي الأميركي، "نتوقع أن تقوم أميركا برفع أسعار الفائدة مع انخفاض معدل البطالة بأقل من 7 %". وتالياً نص الحوار: إنجازات قوية كيف كان العام الماضي بالنسبة لاقتصاد الدولة ؟ شهدت الإمارات عموماً خلال 2013 عاماً مميزاً، تخلله الكثير من الإنجازات القوية، إذ تجاوز الناتج المحلي الإجمالي 1,4 تريليون درهم، بنسبة نمو بلغت 4 %، وفق بيانات صندوق النقد الدولي. وهي نسبة نمو كبيرة، نسبة النمو في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المتقلبة، ومقارنة مع باقي الاقتصادات العالمية. كما حققت الدولة انتعاشاً سريعاً بعد الأزمة المالية العالمية، وجميع المؤشرات تؤكد على أن الإمارات تجاوزت الأزمة بنجاح، وستواصل مسيرتها في النمو، خصوصاً في ظل الاستحقاقات التي تنتظرها في المستقبل، ومن ضمنها الإكسبو. من جهة أخرى، اعترف العالم بتقدم الإمارات على كافة الأصعدة، والأدلة كثيرة، منها تقرير التنافسية العالمي 2013-2014 الذي احتلت فيه الإمارات المركز 19 بين 148 اقتصاداً عالمياً، بعد أن كانت تحتل المركز 24 في التقرير السابق، كما حصلت الإمارات على المرتبة 23 عالمياً والأولى عربياً في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية لعام 2014. ما تصوراتكم للعام الحالي بصفة خاصة، والمستقبل عموماً؟ تشير توقعاتنا إلى استمرار النمو القوي للاقتصاد الوطني خلال العام الحالي، ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة بنسبة تقارب 5 %، وذلك بدفعة قوية من النتائج التي تحققت في السنوات السابقة، مع توقع بقاء أسعار النفط عند معدلات مرتفعة، وذلك في ظل التوقعات الخاصة بتعافي الاقتصاد العالمي. أيضاً، يجب ألا ننسى دور المبادرات التي تطرحها القيادة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وعلى رأسها الأجندة الحكومية التي ترسم معالم الازدهار الاقتصادي والاجتماعي لدولة الإمارات في المستقبل. عقار وسياحة ما القطاعات التي تتوقع لها النمو، وما القطاعات التي ترى أن الدولة يجب أن توليها اهتماماً أكبر؟ بشكل رئيس، ستكون القطاعات المحركة لعجلة النمو هي ذاتها التي قادت الاقتصاد خلال السنوات القليلة الماضية، وهي على التوالي، القطاع التجاري الذي نتوقع له النمو بشكل قوي، خصوصاً في ظل حرص الدولة على فتح خطوط مع أسواق جديدة، بالإضافة طبعاً إلى قطاعي السياحة والطيران، اللذين يشكلان أحد أهم أعمدة الاقتصاد الوطني. حيث نتوقع استمرار نموهما بشكل متسارع، خاصة في ظل تحول الإمارات لوجهة سياحية دولية، وفوز دبي باستضافة معرض إكسبو 2020. من جهة أخرى، هناك بعض القطاعات التي يجب علينا التركيز أكثر عليها خلال المرحلة المقبلة، ومنها قطاعا الصحة والتعليم والطاقة الخضراء، وطبعاً بدأت الإمارات بالفعل التحرك إلى تحقيق هذه الأهداف، عن طريق، مثلاً، مبادرة سمو الشيخ محمد بن راشد لتطوير القطاع التعليمي من خلال مبادرة العصف الذهني، ومن جهة أخرى، زيارة وفد غرفة دبي إلى هامبورغ الألمانية خلال أيام للتعرف إلى التجربة الألمانية في قطاعي الطاقة الخضراء والصحة. تحقيق الأرباح كيف ترى دور القطاع المصرفي في هذه المنظومة الاقتصادية؟ الأكيد أن أي اقتصاد يسير نحو النمو والتطور يحتاج إلى قطاع مصرفي قوي يدعمه، وهذا ما لاحظناه خلال سنوات الأزمة، عندما لعب القطاع المصرفي دوراً محورياً في سرعة تعافي المنظومة الاقتصادية الكلية للدولة من تبيعات الأزمة. إجراءات مرحلية هناك اتهامات توجه نحو المصارف الإماراتية بتجميد الأصول وفرض قيود على التمويل، ما رأيك في ذلك؟ نتفهم تحفظ البنوك عن التمويل خلال المرحلة السابقة، خصوصاً في السنتين اللتين أعقبتا الأزمة المالية العالمية، لكن اليوم الدولة مقبلة على مشاريع عملاقة، ونتوقع نسب نمو عالية، والطفرة الاقتصادية مستمرة، وعليه، نحض البنوك على رفع القيود وتسهيل تسييل الأصول والودائع، هذا ضروري في المرحلة الحالية والمستقبلية. حالياً يبحث المصرف المركزي حض البنوك المحلية والأجنبية العاملة في الدولة على المساهمة في دفع عجلة النمو من خلال تحريك ما يسمى ب "الأصول المجمدة"، وتشجيعها على المشاركة الفعالة في النهضة الاقتصادية التي تعيشها الدولة حالياً. نعرف أن بعض البنوك تحافظ على نسب عالية من الودائع على القروض، وذلك من خلال تطبيقها لسياسة صارمة في آليات التمويل، اليوم ما نملكه كأصول نقدية لدى البنوك أكثر من المطلوب، ويجب تحريك هذه الأصول لتدوير عجلة النمو، ونفهم أن هذه السياسات كانت كردة فعل لما حدث خلال الأزمة المالية. مؤشراتنا تؤكد أنه خلال الستة الأشهر القادمة سنبدأ في ملاحظة تغيير كبير في هذه السياسات، خصوصاً في ظل المشاريع الكبيرة التي يطرحها القطاعان العام والخاص، وبالطبع سيكون للقطاع المصرفي الدور الأهم في تنفيذ هذه المشاريع من خلال توفير التمويلات اللازمة. اتهامات أخرى توجه نحو البنوك، أنها تقتصر في تمويلها على القطاع العقاري، فأين القطاعات الأخرى من هذا التوجه؟ نعم، نظراً لما شهده قطاعا العقار والإنشاءات خلال الفترة الماضية، وما يشهده حالياً، تركزت أنظار واهتمامات البنوك حول هذا القطاع، حيث لمسنا بعض التساهل في تقديم قروض وتمويلات للمطورين العقاريين في مقابل الاحتفاظ بنفس السياسة الصارمة مع باقي القطاعات، خصوصاً في ظل القوانين الجديدة المتعلقة بتنظيم القطاع العقاري وانخفاض أسعار الفائدة، وهذا الأمر يجب أن يتغير خلال الفترة القادمة، فالقطاعات الأخرى تحتاج إلى اهتمام بنفس الحجم من طرف البنوك والمصارف. مواكبة التطورات هل ترى أن أسعار الفائدة الرئيسة حالياً مناسبة للنمو الاقتصادي الراهن؟ إذا عدنا إلى فترة ما بعد الأزمة المالية، فسنجد أن الحكومات العالمية قد اتجهت نحو تخفيض أسعار الفائدة، في محاولة منها للتقليل من الأضرار الناجمة عن الأزمة، وهذا ينطبق على دولة الإمارات أيضاً، صحيح أن التخفيض لم يكن بنفس الحجم مقارنة بدول مثل اليابان وبريطانيا اللتين خفضتا أسعار الفائدة إلى ما يقرب 0 %. لكن يجب التأكيد هنا أن هذه الدول خفضت الأسعار، لكنها شددت على منح القروض، وهو ما لم ينفع المستثمرين في شيء. في المقابل، اعتمدت الإمارات على سياسية متوازنة في التعامل مع الأزمة. أما بالحديث عن الفترة الحالية، فإن المصرف المركزي سيتجه لرفع أسعار الفائدة الرئيسة خلال النصف الثاني من العام الحالي، وذلك مواكبة منه للطفرة التي يشهدها اقتصاد الدولة خلال الوقت الراهن. وهذا الرفع لا يرجع لأسباب محلية فقط، بل مواكبة للتطورات العالمية أيضاً، خصوصاً وأن اقتصاد الإمارات منفتح على الاقتصادات الغربية، مشيراً إلى أن الإمارات سترفع سعر الفائدة الرئيسة بالتزامن مع الخطوة ذاتها سيقوم بها البنك الفدرالي الأميركي "نتوقع أن تقوم أميركا برفع أسعار الفائدة مع انخفاض معدل البطالة بأقل من 7 %". قانون الشركات ما القوانين التي ترى أن الوقت قد حان لإصدارها؟ ننتظر بفارغ الصبر صدور قانون الشركات الاتحادي الجديد، والذي سيمثل نقلة نوعية في مستقبل المنظومة التشريعية للاقتصاد الوطني، وسيسهم بشكل مباشر وفعال في تسهيل تأسيس الشركات، وحماية حقوق المستثمرين. ويهدف القانون إلى تعزيز مرونة وقوة الاقتصاد الوطني ومواكبة التغيرات الاقتصادية العالمية، بما يحافظ على نمو مستمر ومتوازن في جميع القطاعات الاقتصادية في الدولة، فإن أهمية مشروع قانون الشركات تأتي من كونه يواكب التطورات الاقتصادية المحلية والعالمية، ويدعم سياسة التنوع والانفتاح الاقتصادي للدولة. القوانين الجديدة تحمي العقار من المضاربات رداً على سؤال حول قدرة القوانين التي أطلقت مؤخراً لتنظيم القطاع العقاري على الحد من المضاربات قال حمد بو عميم: "طبعاً ستسهم هذه القوانين في ذلك وتجنيب الدولة من حدوث فقاعة جديدة كالتي حدثت في عام 2008، والأكيد أن إصدار المصرف المركزي لنظام "قروض الرهن العقاري" أدى بشكل مبدئي إلى ضبط إيقاع سوق التمويل العقاري مجدداً. وأنهى الجدل والترقب في القطاع المصرفي، ما جعل العديد من البنوك يحجم عن الإقراض العقاري للأفراد منذ صدور إشعار المصرف المركزي في الثلاثين من ديسمبر 2012، والذي وضع حداً أقصى لنسب قروض الرهن العقاري الممنوحة من البنوك وشركات التمويل للأفراد. لكننا لا نستطيع الحد من المضاربات بشكل تام، كما لا يستطيع أحد فعل ذلك في العالم ككل، المضاربات جزء من المنظومة العقارية، حتى لو كان تأثيرها سلبياً في بعض الأحيان، وهو ما تحاول الدولة القيام به من خلال تقليص المساحات الممنوحة للمضاربين من خلال الحد من آليات البيع على الخريطة، ورفع سقف التمويل قبل الشراء إلى 70 %. وأضاف أن ارتفاع أسعار العقارات، سواءً للبيع أو الإيجار، يأتي دائماً كإجراء موازٍ للازدهار الاقتصادي لأي دولة، وهو ما حدث في الإمارات خلال الفترة ما بين 2012-2013، حيث قام بعض الملاك بزيادة الإيجارات بمستويات غير منطقية، وخاصة بعد الإعلان عن الفوز باستضافة إكسبو، وهو الأمر الذي انعكس سلباً على باقي القطاعات. لكن المرسوم الذي أصدرته الحكومة بشأن تحديد الزيادة في بدل إيجار العقارات في إمارة دبي، حيث لعب دوراً هاماً في ضبط ارتفاع الإيجارات وحركة السوق العقارية، ومن المتوقع أن تحذو باقي إمارات الدولة حذو دبي، خصوصاً بعد أن انتهت أبو ظبي من إعداد منظومة متكاملة من التشريعات التي تنظم القطاع العقاري. أما عن التوقعات المستقبلية، فشخصياً أعتقد أن الأسعار ستسمر في الارتفاع بشكل طبيعي، خلال الفترة القادمة، تماشياً مع الطفرة الاقتصادية وفي حدود القوانين المنظمة. تبعيات رفع الفائدة رفع الفائدة يعني كبح عمليات الاقتراض وبالتالي تقليل نسبة السيولة في السوق مما يؤدي إلى خفض نسبة التضخم. كما يعني تغييراً في أسعار الفائدة لدى البنوك سواءً على القروض أو الودائع، حيث يمثل سعر فائدة المصرف المركزي مؤشرا لأسعار الفائدة لدى البنوك التجارية التي ينبغي ألا تقل عن سعر البنك المركزي، كما يساعد سعر الفائدة البنك المركزي في التحكم في عرض النقد في التداول من خلال تغيير هذا السعر صعودا ونزولا على المدى المتوسط. ويساهم تغيير سعر الفائدة في التحكم والسيطرة على درجات نمو الاقتصاد ليتوافق مع معدلات النمو السنوية وضمان عدم تسارعها وتجاوز تلك المعدلات، بغرض السيطرة على التضخم الذي يجعل من توافر السيولة سببا في خفض قيمتها الشرائية، ويؤدي ذلك إلى ارتفاع حاد في الأسعار وبذلك تقل الاستفادة من توافر تلك السيولة بالشكل المطلوب. البيان الاماراتية