صحا المشهد في أوكرانيا على ملامح مغايرة وتبدّل في الوجوه، غُيّب على إثره الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وقفزت إلى الواجهة زعيمة المعارضة يوليا تيموشينكو، وتغيّر في الأوضاع صوّت فيه البرلمان على تعيين زعيمه رئيساً مؤقّتاً إلى حين انتخابات مبكّرة في 25 مايو المقبل، فيما أمهل ربّان السفينة النواب يومين لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وبينما كشفت تيموشينكو عن عدم نيتها الترشّح لرئاسة الحكومة من المقرّر أن تلتقي قريباً المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وصوّت نواب البرلمان على تولي رئيسه الكسندر تورتشينوف رئاسة البلاد مؤقّتاً إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكّرة في 25 مايو المقبل، فضلاً عن موافقة 324 نائباً على استعادة الدولة المنزل الفخم للرئيس فيكتور يانوكوفيتش في ضاحية كييف، والذي تحوّل في نظر المعارضة رمزاً لفساد النظام. وأمهل رئيس البرلمان الأوكراني النواب حتى الثلاثاء لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وذلك خلال جلسة في البرلمان. وقال رئيس البرلمان الكسندر تورتشينوف: «أطلب من النواب أن يبدأوا فوراً عملية تأليف غالبية برلمانية جديدة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ينبغي القيام بهذا الأمر قبل الثلاثاء، يجب إعطاء الأولوية لهذه المهمة». إفراج وفيما عاد الهدوء إلى ميدان الاستقلال، أمس، بعد أسابيع من التوتّر والدماء، لا يزال مكان الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش مجهولاً، فيما أصدر وزير الداخلية الجديد آرسين افاكوف أمس أوامره بالإفراج عن 64 متظاهراً تمّ احتجازهم خلال المظاهرات التي شهدتها كييف. وذكرت وكالة «ريا نوفوستى» الروسية للأنباء، أنّ «النائب المعارض افاكوف، الذي تولى حقيبة الداخلية طالب بإجراء تحقيق في أعمال الشرطة خلال التظاهرات». اعتراف حزب بدوره، لم يجد حزب المناطق الذي يتزعمه الرئيس الأوكراني المعزول بدّاً من الإقرار بمسؤولية يانوكوفيتش عن الأحداث المأسوية التي شهدتها أوكرانيا، مندداً ب«خيانته». وقال الحزب في بيان: «لقد تعرضت أوكرانيا للخيانة، ودفع الأوكرانيين الواحد في وجه الآخر ملقياً المسؤولية على يانوكوفيتش والمقربين منه». لا ترشّح وبعيد الإفراج عنها بعد سنوات قضتها في السجن، أعلنت زعيمة حزب الوطن الأوكراني رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو أنّها لا تعتزم الترشح لمنصب رئيس الحكومة. ونقلت وسائل إعلام روسية عن تيموشينكو، قولها في بيان، إنّ «المعلومات عن ترشيحها لهذا المنصب كانت مفاجأة بالنسبة إليها»، موضحة أنّ «هذه المسألة لم ينسقها أو يناقشها أحد معي». وشكرت مناصريها على الاحترام، غير أنها رجتهم عدم النظر في ترشيحها لرئاسة الحكومة. لقاء ميركل على الصعيد، أعلن حزب تيموشنكو أمس في بيان أنّها «ستلتقي قريبا جدا المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل»، لافتاً إلى حدوث اتصال هاتفي بين تيموشنكو وميركل». وقال حزب الوطن: «لقد اتفقتا على اللقاء قريبا جدا». وأضاف بيان الحزب أن "ميركل أشادت بالإفراج عن تيموشنكو، وشددت على أنّ عودتها الى الساحة السياسية ستكون عاملاً مهماً لضمان استقرار الوضع في أوكرانيا والحفاظ على الوحدة ووضعها مجدداً على طريق الإصلاحات الأوروبية». وأفاد مصدر حكومي في برلين أنّ «المستشارة حضت تيموشنكو على العمل من أجل وحدة أوكرانيا». على صعيد متصل، أكّدت ناطقة باسم حزب الوطن أنّ «تيموشنكو تنوي تخصيص يومها الأول بعد الإفراج عنها للقاء سفراء غربيين قبل أن تزور أمها في شرق البلاد». استمرار احتجاج وحضّت زعيمة المعارضة في أوكرانيا يوليا تيموشينكو معارضي يانوكوفتش على استمرار الاحتجاجات في وسط كييف. وقالت تيموشينكو في كلمة عاطفية ألقتها أمام آلاف المحتجين في ميدان الاستقلال في كييف بعد أن حملت إلى المنصة على مقعد متحرك: «ليس من الصواب أن تغادروا الميدان... الأمر لم ينته بعد». وحدة أراض وفي سياق ردود الأفعال الدولية على تطوّرات المشهد، قالت سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأميركي، إن روسيا سترتكب خطأ جسيماً إذا أرسلت قوات عسكرية الى أوكرانيا، وإن انقسام أوكرانيا لن يكون في مصلحة روسيا أو أوروبا أو الولاياتالمتحدة. في الأثناء، توافقت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي أوكرانيا، وفق ما أعلن الناطق باسم الحكومة الألمانية. وقال شتيفن سايبرت إنّ «ميركل أجرت اتصالاً هاتفياً بالرئيس الروسي وتوافقا على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة في أوكرانيا قادرة على التحرّك مع وجوب الحفاظ على وحدة أراضيها». أوامر قبض أبلغ مسؤولو البرلمان الأوكراني أمس، أنّ «أمراً صدر بالقبض على وزير الداخلية السابق اوليكسندر كليمنكو والنائب العام السابق فيكتور بشونكا». وقال اوليه ماخنيتسكي القائم بأعمال النائب العام: فتح تحقيق ويسعى فريق تحقيق لاعتقال الرجلين لمحاكمتهما. وأبلغ أرسين أفاكوف القائم بأعمال وزير الداخلية البرلمان أن الشرطة تتعاون مع أمن الدولة ومكتب النائب العام في التحقيق في جرائم خطيرة ضد الشعب الأوكراني، بما في ذلك جرائم ارتكبها مسؤولون كبار سابقون بالدولة. حدث وحديث تأييد طموحات دعت وزارة الخارجية البولندية أمس إلى احترام استقلال وسيادة أوكرانيا وأمن حدودها، مؤيدة الطموحات الأوروبية لهذا البلد. وقالت الخارجية البولندية في بيان: «ندعو إلى أن تحصل كل التغييرات ضمن احترام استقلال وسلامة أراضي أوكرانيا»، معربة عن أملها في أن «تجري عملية التغييرات في روح من التسوية من دون اللجوء إلى أعمال عنف»، مرحبة بالإفراج عن المعارضة يوليا تيموشنكو. مساعدة عاجلة أعلن ناطق باسم الوكالة اليهودية أمس أنّ هذه الهيئة شبه الحكومية الإسرائيلية أرسلت مساعدة تهدف إلى تمويل حماية اليهود الأوكرانيين. وقال الناطق افي ماير: «أرسلنا مساعدة أولى بطلب من قادة المجموعة اليهودية الأوكرانية لتمويل شراء أنظمة مراقبة وحماية للمؤسسات اليهودية وخصوصا المدارس والكنس». وأضاف أنّ الوكالة اليهودية لا يمكنها إرسال عناصر أمن. وتابع ماير: «نقدم مساعدات إلى المجموعات التي تعتبر نفسها في خطر». إعادة ديمقراطية نقل مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية عن وزير الخزانة جاك لو قوله أمس، إنّ «الولاياتالمتحدة مستعدة للعمل مع روسيا ودول أخرى لإعادة الديمقراطية إلى أوكرانيا». وأضاف المسؤول أنّ «الوزير لو شدّد على أنّ الولاياتالمتحدة بالعمل مع دول أخرى من بينها روسيا مستعدة لمساعدة أوكرانيا مع تنفيذها إصلاحات لإعادة الاستقرار الاقتصادي وسعيها للعودة إلى مسار الديمقراطية والنمو». عواصم العالم ترحب بالتطورات في كييف أجمعت عواصم القرار العالمي على الترحيب بالإفراج عن زعيمة المعارضة في أوكرانيا يوليا تيموشينكو، مشدّدة على ضرورة الحفظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها، مع تأكيد على أن يقرّر الأوكرانيون مستقبلهم بأنفسهم في صياغة التطلعات الديمقراطية المشروعة. ودعت منسّقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون السياسيين في أوكرانيا إلى التصرف بطريقة مسؤولة من أجل الحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها، عبر مواصلة الانخراط في الحوار بما يحقّق التطلّعات الديمقراطية المشروعة للشعب الأوكراني. وقالت أشتون في بيان، إنّ «الاتحاد الأوروبي يتابع الوضع السياسي المتغيّر بسرعة في أوكرانيا دقيقة بدقيقة»، مشدّدة على ضرورة التوصّل إلى حل دائم للأزمة السياسية بإصلاح دستوري وتشكيل حكومة جديدة شاملة وتهيئة الظروف لإجراء انتخابات ديمقراطية»، مرحّبة بإطلاق سراح رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيموشنكو. من جهته، رحب البيت الأبيض السبت بالإفراج عن تيموشينكو، لافتاً إلى أنّه يعود للأوكرانيين أن يقرروا مستقبلهم. وقال الناطق باسم الرئاسة الأميركية في بيان إنّ «المبدأ الذي لا يمكن المساس به والذي يوجه الأحداث يجب أن يتمثّل في أن يقرر الأوكرانيون مستقبلهم بأنفسهم، نرحب بالعمل البناء للبرلمان الاوكراني ونواصل الدعوة إلى تشكيل سريع لحكومة وحدة وطنية موسعة ومن التكنوقراط». بدوره، دعا وليم هيج وزير الخارجية البريطاني روسيا إلى ضبط النفس إزاء الأزمة السياسية في أوكرانيا. وفي مقابلة مع محطة إذاعة «بي بي سي» البريطانية، قال هيج في رده على سؤال حول ما إذا كان من الممكن أن تتدخل روسيا عسكرياً في الأزمة السياسية الأوكرانية: «لا نعرف كيف سيكون رد فعل روسيا كجارة مباشرة لأوكرانيا لكننا نرى أن هذه الخطوة ليست في صالح الناس في روسيا». وحول الوضع الحالي في أوكرانيا رأى الوزير البريطاني أنه ثمة فرص عظيمة في الجمهورية السوفيتية السابقة لكن المخاطر لا تزال هائلة، مشيراً إلى أنّ «الموقف السياسي حتى داخل المعارضة معقّد للغاية». في السياق، رحّب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس بالإفراج المفاجئ عن الزعيمة الأوكرانية المعارضة يوليا تيموشينكو، داعياً إلى تجنّب العنف في والحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها. وأضاف الوزير الفرنسي الموجود حالياً في زيارة رسمية إلى الصين: «نأمل أن يتم احترام الدستور وتشكيل حكومة جديدة والإعداد لإجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن». البيان الاماراتية