تمثل روسيا بقيادة فلاديمير بوتين والصين وإيران قيوداً أمام المحافظين الجدد في الولاياتالمتحدة لتنفيذ أجندتهم في الهيمنة على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق واختفائه عن خريطة العالم. كما جعلت التكنولوجيا العسكرية والصواريخ النووية روسيا أكبر عقبة عسكرية أمام الهيمنة الأميركية التي تهدف ضمن أمور عدة إلى اجتذاب جورجياوأوكرانيا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي. وكان من الغباء وقصر النظر أن سمحت حكومتا روسياوأوكرانيا لعدد من المنظمات التي تمولها اميركا بالعمل بحرية في أراضيهما كوكيلة لها تحت غطاء مسميات «حقوق الإنسان» و«بناء الديمقراطية»، ولكن الهدف الحقيقي كان وضع روسيا بوتين في موقف صعب ووضع الشبهة والاتهام. وتلعب وسائل الإعلام الاميركية دور وزارة الدعاية والترويج لمصلحة حكومة اميركا والمؤسسات التي تساعدها على رسم صورة سلبية لروسيا بألوان سيئة. وفي السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، سمحت الحكومة لخمس تكتلات اعلامية عملاقة بالتركيز على إضعاف وسائل الاعلام المستقلة او استمالتها إليها أو ضمان عدم توجيه نشاطها ضد الحكومة. ولا يدير هذه التكتلات والشركات العملاقة صحافيون كما هو مفترض، وإنما مسؤولون حكوميون أميركيون سابقون وخبراء في الترويج والدعاية والاعلان بأسلوب لا يركز على الخبر أو المعلومات الصحيحة، وإنما على عائدات الإعلانات التجارية والترويج. كما تستغل الحكومة الأميركية الإعلام لتهيئة الشعب الأميركي للدخول في مواجهة وحالة عداء مع روسيا، والتأثير في شعبها وعلى الشعوب الأخرى في العالم، وتأليبها ضد بوتين. ولا تخفي واشنطن رغبتها في وجود قيادة أكثر ضعفاً ومرونة من بوتين على رأس روسيا، بحيث يمكنها التلاعب بها. وقد جرب الروس حكم الشيوعيين وحالة الفوضى التي اعقبت تفكك الاتحاد السوفييتي، لكن قسماً كبيراً منهم مازال يتسم بالسذاجة ويعتقد أن أميركا هي أفضل بلد في العالم يمكن تصديقها والثقة بما تفعله وتقوله. كما انتقل هذا الاعتقاد الساذج وغير الذكي إلى أوكرانيا التي تتعرض للفوضى بتحريك وتحريض من الأميركيين الذين يحاولون استغلال ذلك لتقويض استقرار روسيا التي هي باختصار وبساطة تحت الهجوم من أميركا. وحذر خبراء عسكريون من أن استغلال الغرب للتظاهرات والاحتجاجات المطالبة بالرجوع عن قرار عدم انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي قد ولد حالة استعداد لقيام انقلاب تقوم به عناصر فاشية، مما قد يشعل حرباً أهلية في أوكرانيا تهدد الاتحاد الروسي. وإذا نجحت اميركا في ما تريده من أوكرانيا، أي تحجيمها لروسيا كعقبة كبيرة في وجه سياسة الهيمنة الأميركية، وإذا ما اكتفى الروس بالبقاء متفرجين ومكتوفي الأيدي إزاء ما يحدث في أوكرانيا، فإن الوضع سيصبح غير محتمل بالنسبة لهم لأن تحركات الأوكرانيين ستستمر نحو عضوية حلف شمال الأطلسي في وقت تعكف الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، في مكتبها على اختيار اعضاء الحكومة الجديدة في كييف. وفي حال نشوب نزاع داخلي مسلح في أوكرانيا، فإن روسيا قد تلجأ إلى الأسلوب الأميركي في شن غارات جوية بطائرات من غير طيار لاغتيال القادة والنشطاء الموالين لواشنطن. وثمة خيار آخر وهو قيام موسكو بإرسال قواتها الخاصة لتهميش وإضعاف العناصر التي تنشط ضد روسيا، التي قد تقدم على قطع امدادات النفط والغاز عن الاتحاد الأوروبي. بول كريغ روبرتس الامارات اليوم