في وقت جذبت التقنيات الحديثة الشباب وجعلتهم مسجونين خلف شاشات إلكترونية ليفقد الشاب الكثير من الميزات التي تتسم بها هذه المرحلة من العمر، في هذا الوقت تظهر بعد المبادرات الخلاقة التي تهدف إلى كسر هذا السجن الذي دخله الشباب بإرادتهم، وإخراجهم إلى نور الشمس لينشطوا قدراتهم الجسدية الشابة، ويعيشوا مغامرات حقيقية، بعيداً عن مغامرات العالم الافتراضي، ومن هذه المبادرات "نادي المغامرات" الذي تم تأسيسه مؤخراً في جامعة خليفة والذي يهدف إلى تحفيز الطاقة الكامنة لدى الشباب وجعل هذه المرحلة من العمر أكثر إثارة، جريدة الخليج التقت عدداً من أعضاء هذا النادي فكانت هذه المتابعة: فراس جهاد رئيس مجلس "نادي المغامرات" يقول: "يهدف النادي إلى زيادة النشاطات والرحلات الترفيهية التي يقوم بها الطلاب، ويركز على النشاطات التي تحمل صفة المغامرة، وذلك لأهمية هذه النشاطات في ظل انصراف الشباب نحو الركون خلف شاشات أجهزتهم، فهذا النادي يهدف إلى إعادة المعنى الحقيقي لكلمة الشباب من خلال إعادة اللياقة الجسمانية للطلاب"، ويؤكد جهاد الإقبال الشديد الذي لقيه النادي من قبل الطلاب حتى أصبح النادي الأكبر من حيث عدد المشتركين، ويضيف: "لقد جاءتنا طلبات من أشخاص من خارج الجامعة تريد الالتحاق بالنادي، وهذا ما يزال ضمن الدراسة، فالعدد أصبح كبيراً جداً، ويحتاج إلى الكثير من الإمكانات، ونادينا ما يزال حديثاً، وبالرغم من حداثته تمكنا من تنفيذ نشاطين سابقين ونخطط الآن لنشاط جديد وهو القفز المظلي، وهو نشاط يحتاج إلى إمكانات مادية عالية، إضافة إلى تحقيق أعلى شروط السلامة والأمان، فهذا النوع من النشاطات لا يتم إلا تحت إشراف خبراء ومختصين على درجة عالية من الكفاءة، فضلاً عن إجراء فحوص للطلاب المشاركين لكشف وجود أي مرض قد يتفاقم نتيجة هذه الألعاب، ويسبق النشاط ساعتان من التدريب حتى يكون الطالب مستعداً للقفز" . ميرا المهيري نائبة رئيس مجلس نادي المغامرات حدثتنا عن النادي قائلة: "نادي المغامرات من أحدث النوادي التي تم تأسيسها في جامعة خليفة، لقد كنت صاحبة الفكرة وعرضتها على أصدقائي فلقيت صدى إيجابياً، فقمنا بتأسيس مجلس النادي، وهو مؤلف من ستة أعضاء هم ثلاثة شباب وثلاث شابات، يهتم النادي بشكل عام بالنشاطات التي يطغى عليها طابع المغامرة والخطر لكن بطريقة قانونية، كالتزلج على الماء، القفز المظلي، تسلق الجبال، التخييم، قيادة سيارات السباق، يجلب النادي الطلاب للقيام بهذه النشاطات المثيرة في أماكن مختلفة بطريقة قانونية بعد أخذ التصاريح اللازمة وبرفقة مدربين محترفين"، وتشير المهيري إلى أن النادي لقي إقبالاً شديداً فبلغ عدد أعضائه في الأيام الأولى 360 عضواً أما اليوم فيضم ما يقارب 500 عضو والعدد في تزايد مستمر، وعن الطريقة التي تمكن النادي تنظيم فعاليات تضم هذا العدد الكبير من الأعضاء تقول المهيري: "الفعاليات تقسم إلى قسمين فهناك فعاليات للبنات وأخرى للشباب، كما أن الفعاليات تخضع إلى رغبات الأعضاء، فهناك من يفضل الفعاليات البرية ويبتعد عن الفعاليات البحرية والعكس صحيح، هذا الأمر يؤدي إلى تخفيف الضغط في الفعالية الواحدة، فهناك طلاب يحبون نشاطات السيارات، وآخرون يحبون الرياضات المائية والغوص، وغيرهم يحبذون تسلق الجبال ورحلات البر"، وتشير المهيري إلى أن النادي يقوم بفعالية واحدة كل شهر وهذا الأمر يأتي حرصاً على تقديم فعالية مثيرة وتماشياً مع الحياة الدراسية للطالب، فليس الهدف من النادي شغل الطالب عن دراسته، تقول المهيري: "الفعالية الأولى التي نفذناها كانت في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فقد قام أعضاء النادي برحلة تعارف إلى نادي الفرسان في أبو ظبي حيث مارسوا نشاطين ممتعين، الأول كان سباق سيارات الكارتنج، والثاني كان حرب كرات الطلاء، أما الفعالية الثانية فكانت في 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقد كانت عبارة عن إقامة معرض في الجامعة للسيارات والدراجات المزودة، فقد قمنا بالاتصال بأصحاب مثل هذه السيارات والدراجات لعرضها في حرم الجامعة"، وتشير المهيري إلى أنه قبل إقامة هذه الفعالية تم الاتصال بشرطة أبوظبي لأخذ التصريح اللازم، وقد جاءت الموافقة من قبل الشرطة بشرط أن يكون المعرض داخل الجامعة، دون قيادة هذا النوع من السيارات في الشارع، أو دون تأدية حركات خطرة والحصول على تصريح من قبل الجامعة . وبدوره يرى أحمد آل علي أن شباب هذه الأيام باتوا بحاجة كبيرة إلى ممارسة هذه النشاطات، يقول آل علي: "بين المناهج الدراسية وشاشات الحواسيب وأجهزة الهاتف المتحرك وشبكات التواصل الاجتماعي ضاع الشباب، فأصبحت حياتهم مؤطرة وروتينية، فالساعات التي يقضونها على مقاعد الدراسة يتبعونها بساعات أخرى على كراسي المقاهي، أو في البيت يوزعون الإعجابات ويتبادلون الصور حتى إن الفرد كاد ينسى أشكال وجوه أصحابه وأهله في المنزل، فجاءت فكرة هذا النادي لتحريك المخزون العضلي والجسماني لدى الشباب وهم في فترة يجب أن تكون الأكثر نشاطاً وحيوية، حتى إن كبار السن يستهزئون بنا في بعض الأحيان، فهذا الذي كان يسبح لمسافات طويلة وذلك الذي كان يقطع المسافات ما بين المدن سيراً، بينما شباب هذه الأيام لا يستطيعون حتى رفع رؤوسهم، فنظرهم مثبت بأجهزة الهاتف المحمول"، ويشير آل علي إلى أنه بالرغم من التكلفة العالية لبعض نشاطات النادي، فإنها تستحق هذا المبلغ، يقول آل علي: "نصرف الكثير على شراء ما لا يلزم، لكن عندما يتعلق الموضوع بنشاط يعيد لنا حيويتنا نبدأ بحساب التكاليف، وهنا تكمن مشكلة الكثير من الشباب، فهم مستعدون لإنفاق الكثير في المقاهي والمطاعم وألعاب الفيديو، لكن النشاط الحيوي في نظرهم لا يستحق هذه التكلفة، وأرى أن هذا تفكير خاطئ، فالعائد الذهني والجسدي الذي يحققه الفرد بعد رحلة تخييم أو تسلق جبال أكبر بكثير من أن تقاس بالمبلغ الذي تم إنفاقه" . خلفان النعيمي يشير إلى أن النادي أعطى فكرة حقيقية عن مدى حاجة الشباب في مثل هذه الأيام إلى مثل هذا النوع من النشاطات، يقول النعيمي: "كان نادي المغامرات من أكثر الأندية لفتاً للانتباه نظراً للإغراءات التي يقدمها للطلاب حتى ينضموا إليه واسم النادي يعبر عما يقدمه، ففيه الكثير من الأنشطة الممتعة التي تجذب الشباب المتحمس من الجنسين، ومنها القفز بالمظلات والتزلج على الرمال والمياه، ورحلات السفاري، وتسلق الجبال، وقيادة الدراجات النارية، إضافة إلى الرماية وركوب الخيل وغيرها من الأنشطة التي تعزز روح الشباب لدى الطلبة"، ويؤكد النعيمي أن الشباب يرغبون في كل الأوقات القيام بمثل هذه الفعاليات لكنهم لا يجدون المكان المناسب ليقوموا بتنظيمها، ويقول النعيمي: "كثيراً ما رغبت في الذهاب إلى رحلة تخييم أو القيام ببعض النشاطات الممتعة، لكنني كنت أصطدم دائماً بالعقبات، فإما أني لا أجد الجهة المناسبة التي تؤمن هذه النشاطات، أو أني لا أحظى بالرفقة المناسبة نظراً لانشغال أصحابي أو لعدم اهتمامهم بهذه النشاطات، وقد استطعت من خلال النادي التغلب على هذه العقبات، فنحن نتواصل مع الشركات المناسبة التي تقدم هذه النشاطات، كما أن العدد الكبير لأعضاء النادي يجعل من النشاط أكثر متعة، ومن خلال النادي استطعنا تخفيض التكاليف نظراً للعدد الكبير فتقوم الشركات بإجراء حسومات لاستقطابنا" . وللحديث عن الجانب المادي التقينا الطالبة هدى التميمي وهي أمينة صندوق النادي، تقول هدى: "يعمل "نادي المغامرات" على تنظيم فعاليات مثيرة ذات تكاليف مادية عالية، فالقفز المظلي أو الغوص أنشطة بحاجة إلى مبالغ كبيرة، وقد قدمت لنا إدارة الجامعة مبلغاً من المال لدعم أنشطة النادي لكنه غير كافٍ، ولهذا نعتمد على الطلاب الراغبين في المشاركة في النشاط من خلال تحديد رسم اشتراك يدفعه الطلاب، كما إننا نسعى لتخفيض التكاليف من خلال التفاوض مع الجهات التي تقدم النشاطات، فعلى سبيل المثال تبلغ تكلفة القفز المظلي ما يقارب 1700 درهم للشخص الواحد، إلا أننا استطعنا الحصول على تخفيض حيث بلغت التكلفة 1400 درهم للشخص الواحد نظراً للعدد الكبير للطلاب الراغبين في المشاركة، كما نسعى اليوم إلى الحصول على رعايات من شركات ومؤسسات كبرى في الدولة، وهناك مفاوضات مع أحد أكبر البنوك في الدولة ليكون الراعي الرسمي لنادي المغامرات في جامعة خليفة"، وتؤكد التميمي أن نوعية النشاطات تشجع الطلاب على التضحية ببعض المال ليقوموا بالتجربة، فمثل هذه التجارب ومع الأصدقاء لا تتوفر باستمرار والمتعة المتوقعة تستحق المغامرة وتستحق بعض التكاليف .