شكا مستأجرو محال تجارية ومطاعم في أبوظبي من رفع ملاّك القيمة الإيجارية بنسب راوحت بين 70% و200% بعد إلغاء سقف الزيادة البالغ 5% أخيراً. وأقروا بأن هذه الزيادات ستنعكس على أسعار السلع والخدمات، وستؤدي إلى رفع الأسعار حتى يستطيعوا مواجهة الزيادات الكبيرة. مخاوف ارتفاع الأسعار قال الخبير العقاري الرئيس التنفيذي لشركة «تسويق للتطوير والتسويق العقاري»، مسعود العور، إن «هناك مخاوف عميقة من انعكاس الارتفاعات في القيمة الايجارية للمحال في أبوظبي على أسعار الخدمات بالنسبة للمستهلك النهائي، بحيث يتم رفع الأسعار لمواجهة الزيادات». وأوضح في هذا الصدد أن «ملاكاً يطلبون زيادات كبيرة لأنهم ينظرون للأمر من زاوية واحدة فقط، وهي أنه إذا كان المستأجر يحقق أرباحاً عالية فلماذا لا يتحمل زيادة في الإيجار كذلك؟». ولفت إلى أن «تسويق» أجّرت دراسة على متعاملي سوق الإيجارات فكانت أبرز نتائجها أن السعر أصبح العنصر الأول والرئيس في اختيار المحل المستأجر، تلاه «الموقع»، بينما كان الوضع قبل ذلك أن الموقع يأتي أولاً، ثم السعر ثانياً. وأكد العور أن السوق العقارية في أبوظبي بحاجة إلى قوانين إضافية لجعلها أكثر تنظيما، كما أن السوق بحاجة إلى مؤشر لتحديد قيمة الإيجارات، وفقا للموقع وجودة الخدمات ووفرة المرافق والبنية التحتية. وأشار إلى أن قرار إلغاء سقف الزيادة له مزايا عدة على المدى الطويل، من بينها ترك السوق للعرض والطلب، ما يؤدي إلى استقرارها بعد فترة، ورفع الظلم عن ملاك العقارات والمحال القديمة الذين عانوا تدني مستويات الإيجارات بشدة خلال السنوات الماضية. وقال سماسرة عقارات في أبوظبي إن مستأجرين استجابوا لطلبات بعض الملاّك برفع الإيجارات، في حين رفضها البعض الآخر واستأجروا في أماكن أخرى، مشيرين إلى أن إلغاء سقف الزيادة رفع مستويات إيجارات المحال بالعاصمة بشكل عام، خصوصاً بالنسبة للإيجارات القديمة التي ارتفعت بنسب تخطت ال100% أحياناً. وطالب خبير عقاري بقوانين جديدة تنظم القطاع العقاري وتنظم العلاقة بين المالك والمستأجر، فضلاً عن ضرورة وضع مؤشر للأسعار وفقاً للموقع وتوفر الخدمات والبنية التحتية. وتفصيلاً، قال صاحب محل هواتف في أبوظبي، محمد أحمد، إنه «فوجئ بطلب المالك برفع إيجار المحل من 25 ألف درهم إلى 80 ألفاً سنوياً دفعة واحدة بزيادة 220%، بعد أن كانت الزيادة لا تزيد على 3000 درهم قبل إلغاء سقف الزيادة». وأوضح أنه «رفض زيادة الإيجار، نتيجة عدم استطاعته دفع هذا المبلغ الكبير، واضطر إلى عدم تجديد الإيجار وبحث عن محل آخر، إذ استأجر محلاً مقابل 60 ألفاً سنوياً بعد أن عجز عن استئجار محل بقيمة تقترب من القيمة السابقة». من جانبه، قال صاحب أحد المطاعم الشهيرة في أبوظبي، محمد صديقي، إنه «فوجئ بالمالك يطلب منه رفع إيجار المطعم من 150 ألف درهم إلى 300 ألف دفعة واحدة، بعد قرار إلغاء سقف الزيادة الإيجارية البالغة 5%». وأوضح أنه «يسعى إلى التوصل إلى حل وسط مع المالك، الذي رفض حتى الآن كل الحلول، ومن بينها أن يزيد الإيجار 10 أو 15% سنوياً كل عام خلال السنوات الخمس المقبلة، وأمهله المالك حتى نهاية الشهر الجاري لتحديد موقفه بدفع الزيادة البالغ نسبتها 100% دفعة واحدة». ولفت إلى أن المطعم يحقق أرباحاً، لكنه لا يستطيع تحمّل الزيادة، لأنه يتحمّل كذلك كلفة العمال والخدمات، فضلاً عن مصروفات أسرته، وأنه لا يستطيع تحمّل هذه الزيادة الكبيرة دفعة واحدة. وأشار إلى أنه إذا قبل الزيادة فسيضطر إلى رفع أسعار الوجبات في المطعم لمواجهة التكاليف المرتفعة، الأمر الذي لا يعده حلاً، لأنه قد يخسر زبائنه، ثم أن الأمر قد يزداد سوءاً إذا تقدم مستهلكون بشكاوى للجهات المعنية، إذ سيضطر حينها إلى دفع غرامة كبيرة تفاقم من خسائره. من ناحيته، قال مستأجر لأحد محال الأدوات الكهربائية، فضّل عدم ذكر اسمه، إنه «فوجئ بصاحب المحل يطلب منه زيادة الإيجار من 55 ألف درهم إلى 95 ألفاً دفعة واحدة، بزيادة تفوق 72%، وإنه اضطر إلى الموافقة لأن إلغاء نسبة ال5% أدى إلى رفع مستويات الإيجارات ككل في مدينة أبوظبي، وبالتالي فإنه سيجد صعوبة بالغة في إيجاد بديل في موقع جيد بإيجار معقول مثلما كان سائداً، فضلاً عن احتمال خسارة بعض زبائنه إذا استأجر محلاً في منطقة أخرى». وأقرّ بأن المستهلكين هم الذين سيتحملون هذه الزيادة في الإيجارات في النهاية، إذ سيلجأ مستأجرون إلى رفع أسعار السلع والخدمات لمواجهة تزايد الكلفة التشغيلية. إلى ذلك، قال مستشار العقارات في شركة «الوادي الأخضر للعقارات» في أبوظبي، محمد عبدالحليم، إن «أصحاب محال مؤجرة إلى مطاعم ومحال كبرى ومعروفة طلبوا زيادة الإيجارات بنسب تزيد على 70%، مستغلين إن هذه المحال والمطاعم تحقق أرباحاً عالية، وإنها حققت سمعة كبيرة في الإمارة». ولفت إلى أن ردود الأفعال اختلفت بين المستأجرين، إذ وافق البعض خوفاً من الانتقال إلى أماكن جديدة لا يعرفها المتعاملون، خصوصاً في حال كان المكان في موقع متميز، واضطروا إلى دفع الزيادة، بينما رفض آخرون الأمر واعتبروه استغلالاً غير مبرر، وفضلوا استئجار أماكن أخرى جديدة، لكن بإيجارات أعلى بنسبة 40% على الأقل مقارنة بأسعارها قبل إلغاء سقف الزيادة. وقال إن «أحد الملاك استغل إلغاء سقف الزيادة وطلب زيادة الإيجار من 100 ألف إلى 300 ألف درهم دفعة واحدة، بزيادة 200%، الأمر الذي رفضه المستأجر، ولايزال يبحث عن محل في موقع جديد بسعر معقول». وطالب عبدالحليم بإقرار قانون ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر مثلما حدث في إمارات أخرى، مشيراً إلى أن الأوضاع لن تستقر في سوق الإيجارات في أبوظبي إلا بعد إقرار هذا القانون، كما طالب بتحديد القيمة الإيجارية الدنيا والقصوى في كل منطقة وفقاً للمواصفات، خصوصاً في ما يتعلق بالموقع والمساحة والطابق وغيرها. بدوره، قال السمسار العقاري في مكتب «الفؤاد للعقارات»، وليد حجاب، إن «بعض الزيادات في إيجارات المحال التجارية وصلت 70% منذ إلغاء سقف الزيادة الإيجارية، كما أن محال صغيرة كان يتم تأجيرها ب40 ألف درهم سنوياً رفعت إيجاراتها إلى أكثر من 70 ألفاً بزيادة تفوق 75%، بينما رفع ملاك إيجارات من 30 ألفاً إلى 100 ألف درهم دفعة واحدة بزيادة 233%، لأنها إيجارات قديمة لمساواتها بالمثل في المنطقة نفسها، وفقاً لسعر السوق السائد في المنطقة». من ناحيته، قال رئيس مجلس إدارة شركة «منابع العقارية» في أبوظبي، عبدالرحمن الشيباني، إن «ملاكاً طالبوا مستأجري محال تجارية بزيادات تتجاوز 30%، وأن الزيادة وصلت إلى 100% لاسيما بالنسبة للإيجارات القديمة». الامارات اليوم