في رسالة وجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء إلى برلمان بلاده بمناسبة انضمام القرم إلى روسيا ، استند إلى سابقة كوسوفو، وذلك للرد على انتقادات الغرب بشأن تعامل موسكو مع قضية القرم، بدءا من دعمها للاستفتاء في شبه الجزيرة وانتهاء باستجابتها لإرادة شعبه. موسكو (ريا نوفوستي) وفي حديثه عن انطلاق سلطات القرم من سابقة كوسوفو في قرارها الانفصال عن أوكرانيا (إلى جانب اعتمادها على ميثاق الأممالمتحدة الذي يقر بحق الشعوب في تقرير مصيرها) أشار بوتين إلى أن الغربيين هم الذين صنعوها بأيديهم في ظروف مماثلة تماما لظروف القرم، وذلك من خلال إصرارهم على شرعية انفصال إقليم كوسوفو عن صربيا من جانب واحد. وفي هذا السياق استند الرئيس الروسي إلى حكم أصدرته المحكمة الدولية التابعة للأمم المتحدة في 22 يوليو /تموز عام 2010 في هذا الموضوع. وجاء في وثيقة المحكمة ما يلي: "لا توجد سابقة في تجربة مجلس الأمن لأي منع عام لإعلان الاستقلال من جانب واحد... لا ينص القانون الدولي العام على أي منع لإعلان الاستقلال". بل وشدد الرئيس الروسي على أن الولاياتالمتحدة هي نفسها التي لم تر حينئذ أي مشكلة في التناقض بين التشريعات الداخلية لدولة ينفصل عنها إقليم ما وإعلان استقلاله من جانب واحد، حسب ما جاء في مذكرة وجهتها الولاياتالمتحدة إلى المحكمة الدولية في أبريل /نيسان عام 2009 بمناسبة بدئها استماعات حول موضوع كوسوفو: "من شأن إعلانات الاستقلال أن تخرق التشريعات الداخلية، وكثيرا ما يحدث ذلك، لكنه لا يعني خرقا للقانون الدولي". من هنا التساؤل الذي يطرح نفسه – حسب الرئيس الروسي – حول إصرار الولاياتالمتحدة على رفض حق الروس والأوكرانيين وتتار القرم بما يحق لألبان كوسوفو، على الرغم مما وصفه بوتين بالتماثل التام بين حالتي كوسوفو والقرم. أما المزاعم الغربية بانفراد حالة كوسوفو حيث أسفر النزاع المسلح عن سقوط ضحايا بشرية عديدة، فرد عليها بوتين قائلا إن ذلك لا يمكن أن يكون حجة شرعية معتمدة ولم يجد هذا الموضوع أي انعكاس في قرار المحكمة الدولية. كما أشار بوتين إلى أن الموقف الغربي هذا أسوأ من المعايير المزدوجة، فهو يقتضي ضمنيا ضرورة أن يسفر كل نزاع عن سقوط الضحايا. وصرح الرئيس الروسي بهذا الصدد أنه لولا بسط لجان الدفاع الشعبية سيطرتها على الوضع في شبه الجزيرة القرم لكانت إراقة الدماء هناك أمرا محتملا. ومنذ اعتراف معظم الدول الغربية باستقلال إقليم كوسوفو عن صربيا عام 2008 حذرتها موسكو مرارا من أن سياستها في قضية كوسوفو فتحت "صندوق باندورا" وذلك بسبب المشاكل الناجمة عن المساس بحرمة وحدة أراضي الدول في حدودها الموروثة عن نتائج الحرب العالمية الثانية. تحذير لم يلبث أن وجد تجسيدا عمليا في اعتراف روسيا باستقلال كل من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية في أغسطس /آب من العام نفسه، الأمر الذي أثار حينئذ موجة من الانتقادات الغربية. انتقادات وضغوطات سياسية تعلن روسيا استعدادها للصمود أمامها، متمسكة بحقها في الدفاع عن مصالحها على الساحة الدولية، بعيدا عن الامتثال لقواعد مفروضة من الآخرين. / 2811/ وكالة انباء فارس