واشنطن: أعلن الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) الأربعاء تخفيض سلة توقعاته المرتفعة للنمو الاقتصادي للعامين 2014 و2015، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى تحسن توقعاته حول البطالة. هكذا فإن إجمالي الناتج الداخلي سيرتفع بما بين 2.8 بالمئة إلى 3 بالمئة، وفق الوتيرة السنوية في الفصل الأخير من 2014، مسجلًا تراجعًا طفيفًا مقارنة بنسبة 2.8 بالمئة إلى 3.2 بالمئة متوقعة في كانون الأول/ديسمبر الفائت، وفق التوقعات الفصلية الجديدة للجنة السياسة النقدية. وبدا البنك المركزي الأميركي أكثر تشاؤمًا للعام 2015. وأكد أن النشاط الاقتصادي سيسجل تحسنًا أقل مما هو متوقع. وبالنسبة إلى العام المقبل، توقع الاحتياطي الفدرالي الأميركي نموًا من 3 بالمئة إلى 3.2 بالمئة، مقابل 3 بالمئة إلى 3.4 بالمئة كانت متوقعة حتى الآن. وأشار البنك المركزي الأميركي من جهة أخرى إلى استعادة التفاؤل على صعيد العمل. فبالنسبة إلى العام 2014، بات يتوقع معدل بطالة يراوح بين 6.1 بالمئة و6.3 بالمئة، مقابل 6.3 بالمئة إلى 6.6 بالمئة متوقعة حتى الآن، كما جاء في توقعاته الجديدة. وفي شهر شباط/فبراير، بلغ معدل البطالة 6.7 بالمئة في الولاياتالمتحدة. وبالنسبة إلى العام 2015، يتوقع الاحتياطي الفدرالي الأميركي تحسنًا أقوى مع معدل بطالة بين 5.6 بالمئة و5.9 بالمئة، مقابل 5.8 بالمئة إلى 6.1 بالمئة كانت متوقعة حتى الآن. ومعدل البطالة يشكل أحد العناصر الرئيسة، التي يأخذها الاحتياطي الفدرالي في الحسبان، لإقرار الإبقاء على معدل فائدة رئيسة قريب من الصفر. وبشأن التضخم، المكون الرئيس الآخر، الذي يدرسه الاحتياطي الفدرالي، فإن التوقعات تشير إلى ارتفاع طفيف للعام 2014 (بين 1.5 إلى 1.6 بالمئة، مقابل 1.4 إلى 1.6 بالمئة متوقعة حتى الآن). وبحسب هذه التوقعات الجديدة، فإن هدف التضخم، الذي ينشده الاحتياطي الفدرالي الأميركي، (2 بالمئة سنويًا) قد يتحقق في 2015. وكان محللون توقعوا أن يواصل المصرف المركزي الأميركي خفض القيمة الإجمالية للسندات التي يشتريها كل شهر بمقدار 10 مليارات دولار إلى 55 مليار دولار، وذلك بهدف دعم الانتعاش الاقتصادي والضغط في اتجاه خفض معدلات الفوائد. ومع الاستمرار بهذه الوتيرة، فإن الاحتياطي الفدرالي سيضع حدًا في الخريف لسياسة الليونة النقدية الاستثنائية، التي ينتهجها لمساعدة البلاد على الخروج من الأزمة. أما معدلات الفائدة الرئيسة، فتوقعوا أن تبقى قريبة من الصفر، كما هي الحال منذ خمس سنوات. وقال جويل ناروف الخبير الاقتصادي المستقل إنه مع نسب التضخم المنخفضة (1.2% بوتيرة سنوية) وانتعاش اقتصادي أضعفه سوء الأحوال الجوية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، فإن "سياسة الإبقاء على معدلات فائدة ضعيفة لفترة مطولة تبقى منطقية". وكان التقرير الأخير للاحتياطي الفدرالي أوحى بأن النشاط المخيّب للأمل المسجل في الأشهر الماضية كان مؤقتًا، وقد أشار التقرير ما لا يقلّ عن 119 مرة إلى الطقس السيء كمبرر لتباطؤ الاقتصاد. وأفاد تقرير أعده معهد باركليز ريسيرتش أن غالبية من المستثمرين لا يتوقعون رفع معدلات الفائدة قبل منتصف 2015. ومن المحتمل، برأي معظم المحللين، أن تدعم رئيسة الاحتياطي الفدرالي الجديدة في أول اجتماع تشارك فيه للجنة السياسة النقدية، تعديلًا في رسالة التوجّه النقدي. وهم يتوقعون أن يتخلى الاحتياطي الفدرالي عن اعتماد أرقام البطالة كمؤشر إلى زيادة محتملة في نسب فوائده. ومن المحتمل أيضًا أن تنتظر جانيت يلين أن ينضم الحكام الجدد، ولا سيما مساعدها المقبل الخبير الاقتصادي ستانلي فيشر، الذي ينتظر تثبيته في مجلس الشيوخ، إلى لجنة إدارة الاحتياطي الفدرالي قبل اتخاذ مثل هذا القرار. وستعقد مؤتمرها الصحافي الأول في الساعة 18:30. ومن المحتمل ان تستجوب بشان المخاطر المالية الناجمة عن الازمة الاوكرانية. وقال جيم اوساليفن من معهد "هاي فريكونسي ايكونوميكس" ان "العواقب ضئيلة في الوقت الحاضر لكن التوترات الجيوسياسية قوية" مضيفا انه من غير المستبعد ان تنعكس الازمة على الاقتصاد الاميركي من خلال "انتقال العدوى المالية والتاثير على الثقة". ووعدت لجنة السياسة النقدية في الاحتياطي الفدرالي منذ أكثر من عام بإبقاء نسبة الفائدة الرئيسة مستقرة بمستوى منخفض إلى حد تاريخي، طالما أن البطالة تتخطى 6.5%، لكن مع نسبة بطالة بمستوى 6.7% في شباط/فبراير، وفي وقت "لم يكتمل على الإطلاق" انتعاش سوق العمل، بحسب تعبير يلين نفسها، فإن هذه العتبة تبدو اليوم وكأن الظروف تخطتها. في مطلق الأحوال، فإن الاحتياطي الفدرالي استمر في موازاة ذلك بالتأكيد على أن نسب الفوائد ستبقى قريبة من الصفر "بعد وقت طويل" من تدني نسبة البطالة عن 6.5%. وقال جوزيف لافورنيا الخبير الاقتصادي في دويتشه بنك إن "المسؤولين النقديين سيتخلون عن مؤشرات أرقام البطالة والتضخم"، متوقعًا أن يعمد الاحتياطي الفدرالي "من الآن فصاعدًا إلى مراقبة مجموعة واسعة من المؤشرات" تعكس حال سوق العمل بشكل أفضل. ورجّح المحلل أن يتم في هذا الصدد الاعتماد على "النوعية أكثر منه على الكمية"، غير أن بول أشوورث من شركة كابيتال إيكونوميكس حذر من أن ذلك قد يجعل الرسالة "أكثر غموضًا وتعقيدًا". ومن المحتمل أن يتم اعتماد أرقام الوظائف المستحدثة ومعدلات الاقتراض وعدد الذين يتخلون عن البحث عن وظيفة، وهي أرقام تصدرها وزارة العمل، لتصبح مع مؤشر البطالة التقليدي، المعايير الرسمية الجديدة لتقويم الوضع الفعلي للوظائف في البلاد.والتوصل إلى تأمين الوظائف للجميع هو من الأهداف الموكلة إلى الاحتياطي الفدرالي. ومن غير المرتقب، بحسب ينس نوردفيغ الخبير الاقتصادي لدى نومورا غلوبال إف إكس ريسيرتش، أن تأتي التوقعات الاقتصادية للاحتياطي الفدرالي مختلفة كثيرة عن التوقعات الصادرة في كانون الثاني/يناير. ويتوقع الخبير بعد الشتاء القاسي في الولاياتالمتحدة تخفيضًا "طفيفًا" لتوقعات النمو في العام 2014، بعدما قدرت في كانون الثاني/يناير ما بين 2.8% و3.2%. ايلاف