السؤال الذي يطرحه كثيرون ومازال دونما إجابة: ماذا تريد قطر؟ هناك كثير من التحليلات التي تحاول أن تقرأ مرامي قطر وأهدافها من هذه السياسات التي لم تغضب دولة أو دولتين، وإنما أكبر الدول العربية وأهمها مساحياً وسكانياً واقتصادياً وسياسياً، فلماذا تقف مثل هذه المواقف التي وضعتها في موقف لا يحسدها عليه أحد؟ أهم هذه القراءات وأقربها إلى الواقع في رأيي أن قطر هي النسخة الخليجية من جماهيرية القذافي؛ تريد أن تُفجر الدول، وتُمول الثورات، وتُؤجج الاضطرابات والتمردات دون أي مردود، إلا ليشعر القذافي بأنه رئيسٌ مهم ومُؤثر وله قيمة؛ ويبدو أن حكام قطر ليسوا عن القذافي وعقليته وعُقده ببعيد، لذلك فإنني أرى أن مقولة (قطر نسخة خليجية من القذافي) التي يتندّر بها الخليجيون على حكام قطر هي رغم سخريتها اللاذعة أرجح الاحتمالات وأقربها إلى المعقولية، طبعاً هذا إذا لم يكن حكام قطر ودبلوماسيوها يُنفذون ما يؤمرون به من جهات خارج المنطقة تسعى إلى صناعة واقع سياسي جديد في منطقتنا، يصب في مصالح الغرب وبالذات إسرائيل. وأنا لا أرى أن قطر ستكف عن تصرفاتها الصبيانية، فليس ثمة مؤشرات تدل على أنها سترعوي، وتدع عنها مماحكاتها (القذافية) في منطقتنا، إلا إذا أحسّت وأحسَّ حكامها أن مثل هذه التصرفات الحمقاء ستكلفهم غالياً وسيكون لها تبعات، عندها سيتدخل الشعب القطري ويُطالب الساسة القطريين بالكف عن مثل هذه الممارسات الصبيانية. وحتى الآن لا أرى أن مجرد سحب سفراء الدول الثلاث سيُحقق ردع قطر وساستها عن سياساتهم غير المبررة، لذلك فإن الدول الثلاث في رأيي يجب أن تُبادر إلى (التصعيد) أكثر، فمن يقرأ كيف كان يُلقن الرئيس الراحل أنور السادات الدروس تلو الدروس لجاره الأحمق «معمر القذافي»، يجد أنه كان لا ينتظر ردود أفعاله، وإنما كان يُبادر بالتصعيد ليضمن أن تكون بلاده في معزل عن مغامرات العقيد الثورية الهوجاء. وقد أتت سياسات السادات التصعيدية مع القذافي أُكلها؛ وفي تقديري أن أسلوب تعامل السادات مع القذافي يجب أن تعتمده الدول الثلاث في تعاملاتها مع حكام قطر، فالعصا أخت العصية على ما يبدو. بقي أن أقول: إن الشيء الإيجابي الوحيد الذي جنته شعوب السعودية والإمارات والبحرين من ممارسات وتصرفات الحكومة القطرية الحمقاء، هو تلك اللحمة والتكاتف اللذين تكشفت عنهما هذه الأزمة، ليس فقط على مستوى القيادات بين الدول الثلاث، وإنما بين الشعوب، في حين ظهر كَم هي التصرفات القذافية القطرية الحمقاء ممجوجة، ليس في الخليج فحسب، وإنما في مصر وتونس، بل وفي أغلب الدول العربية التي أصبحت تستشعر حكوماتها وشعوبها من التصرفات والمؤامرات القطرية شيئاً من الخوف والشكوك، خاصة بعد أن ظهر جلياً للعيان أن ما يُسمى (الربيع العربي) الذي تحول إلى عواصف دموية هوجاء لا تبقي ولا تذر، كانت قطر تفتح له خزائنها على مصراعيها ليحشو منها الثوار دونما حساب، وانتهى بها إلى عزلة ها هي تتكرس مع الزمن، ولم يُصفق لهم ولتصرفاتهم إلا الفوضويون المتأسلمون من جماعة (الإخونج) أكرمكم الله، ومَن خرج من تحت عباءتهم، فتلك الجماعات المنحرفة لا يُشنف أسماعهم شيء مثلما يُشنفها سماع أصوات التفجيرات والاضطرابات والقلاقل تعم كلَّ مكان. يقولون: قل لي من يُصفق لك أخبرك من أنت. The post دولة قطر وجماهيرية القذافي! appeared first on صحيفة الرؤية. الرؤية الاقتصادية