الجنوب العربي: يصرخ من الاقنعة الزائفة التي شوهت وجهة    تدشين المرحلة الثانية من مشروع زراعة 20 ألف شتلة سدر بالزيدية في الحديدة    استشهاد 20 فلسطينياً بينهم 9 أطفال بغارتين صهيونيتين على حي التفاح بمدينة غزة    ضبط قارب يحمل نصف طن حشيش في ساحل المضاربة ورأس العارة    ثورة النساء .. تظاهرة في عدن منددة بتدهور الأوضاع وانقطاع الكهرباء    قيادة السلطة القضائية تتفقد سير العمل بعدد من المحاكم في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء    البنك الدولي يحذر من تدهور أوضاع 39 دولة هشة مع تنامي الصراعات    بن حبتور والرهوي يدشنان العام الدراسي الجديد 1447ه    وفاة 19 فتاة "عاملات قُصّر".. مصر تنعى "شهيدات لقمة العيش"    الرئيس يعزي بوفاة الشاعر فؤاد الحميري ويشيد بمسيرته الحافلة بالعطاء    جريمة بشعة في صنعاء القديمة والضحية فتاة قطع جسدها لاخفاء الجريمة "شهادتان من سكان محليين"    هل يجب على مرضى السكري تناول البيض؟ وما الكمية المسموح بها؟    إصابة 4 مواطنين من أسرة واحدة برصاص مليشيا الحوثي الإرهابية في الضالع    فؤاد الحميري... حين تكون الكلمة وطناً    أثناء إشهاره إنذاراً.. القبض على حكم في مباراة كرة قدم    مات فؤاد    يا فؤادنا الذي تركنا نبكي الغياب    «الملعب الملعون» يهدد حلم ميسي أمام باريس سان جيرمان    مفاجأة مدوية.. عرض "زيزو" على ناديين أوروبيين    خطأ شائع في طهي المعكرونة قد يرفع سكر الدم بسرعة    عام على الرحيل... وعبق السيرة لا يزول في ذكرى عميد الادارة الشيخ طالب محمد مهدي السليماني    الهلال في موقعة نارية ضد السيتي    بيان مهم للقوات المسلحة بعد قليل    تحديد موعد اختبارات الدور الثاني للشهادة الأساسية    الجنوب العربي كقوة صاعدة: قراءة استراتيجية في ملامح دولة تتشكل    - دكتور جامعي:صنعاء بدأت الدراسة بالهجري ويطالب بتعديل مسمى الإجازة الصيفي إلى شتوي    الرئيس الزُبيدي والعرادة يؤكدان ضرورة معالجة الأوضاع الاقتصادية في البلاد    كيف حول التحالف الجنوب إلى ساحة للموت البطيء    سيطرة مدريدية في مدرجات المونديال    في الرياض.. نزالات «سماك داون» تمهد «ليلة الأبطال»    غزة مقابل التطبيع.. نتنياهو يناور لإبرام صفقة إقليمية شاملة    دراسة حديثة.. الصوم قبل العمليات عديم الفائدة    "وثيقة".. عدن .. وزارة الداخلية تضع شرطا جديدا للحصول على جواز السفر    اليمن العلماني هو الحل والبديل عن الدولة الطائفية المذهبية    رغم الهبوط التاريخي.. ليون يتلقى مفاجأة سارة من "اليويفا    تراجع كميات الهطول المطري المسجلة وتوقعات باستمرار التهاطل على أجزاء من المرتفعات    لامين يامال سيخلف فاتي بإرتداء القميص رقم 10    عام دراسي يبدأ واسر تواجه معضلة تعليم ابنائها وسلطات لا ترى الواقع إلا من زاوية ظل القمر    أتلتيكو مدريد يسعى لضم انجيلينو    90 % من مواليد عدن بلا شهادات ميلاد بسبب الجبايات المتوحشة    إلى متى الرضوخ؟    "مسام" يتلف 4620 قطعة من الذخائر ومخلفات الحرب في ابين    من يومياتي في أمريكا .. أطرش في زفة    ليس للمجرم حرمة ولو تعلق بأستار الكعبة    حواري مع "أبو الهول الصناعي".. رحلة في كهف التقنية بين الحيرة والدهشة    خبير أثار يكشف عرض 4 قطع أثرية يمنية للبيع بمزاد عالمي    الوزير البكري يزور مسجد عمر بن الخطاب في عدن ويستنكر اقتحامه واعتقال إمامه    روسيا.. استخراج كهرمان بداخله صرصور عمره حوالي 40 مليون سنة    الحثالات في الخارج رواتبهم بالدولار ولا يعنيهم انهيار سعر الريال اليمني    حقيقة "صادمة" وراء تحطم تماثيل أشهر ملكة فرعونية    التكتل الوطني يحذر من تفاقم الأوضاع ويدعو الرئاسة والحكومة لتحمل مسؤولياتهما    عن الهجرة العظيمة ومعانيها    من الماء الدافئ إلى دعامة الركبة.. دراسة: علاجات بسيطة تتفوق على تقنيات متقدمة في تخفيف آلام الركبة    طرق الوقاية من السكتة القلبية المفاجئة    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتفاضة المصرية الثانية تهدد بقلب الطاولة الإقليمية ايضا
نشر في الجنوب ميديا يوم 14 - 12 - 2012

الانتفاضة المصرية الثانية تهدد بقلب الطاولة الإقليمية ايضامن البدهي أن ثوراتنا الداخلية ليست معزولة عما يجري من حولنا من صراع تنافسي كبير يدور بين الايرانيين والأتراك كقطبين إقليميين كبيرين يتنازعان النفوذ على الإقليم وبخاصة على القسم العربي الأضعف في هذه المعادلة. وأن هذا الصراع الإقليمي ليس معزولا عن الصراع الدولي الذي اشتد مؤخرا بعد ظهور علامات التعب على الامبراطورية الامريكية وحلفائها نتيجة أزمات إقتصادية بنيوية على الأغلب وبعد بروز الصين والدول الصاعدة الى الواجهة الدولية. وليس من شك في أن الاصطفاف الحقيقي لجميع القوى يتحدد على قاعدة هاذين الصراعين الأساسيين أكثر مما يتحدد بناء على أسس داخلية بحتة على أهميتها طبعا.
ولعل تصاعد الكباش على النفوذ بين قوتين اإسلاميتين'، سنية وشيعية، تركية وإيرانية، هو ما يفسر تفاقم الاستقطاب الطائفي الذي تعيشه المنطقة على الصعيد الداخلي منذ فترة غير قصيرة. ومن مفارقات هذا الصراع وغرائبه قيام عدد من القوى السياسية العربية السنية بالتخلي عن مواقفها التاريخية والتحول الى تبني مواقف اعدائها التاريخيين لأسباب محض طائفية. ونظرا لغياب قطب عربي مستقل كبير إنجذبت القوى السياسية العربية إجمالا الى هذا الطرف الإقليمي ام ذاك طائفيا وتمحورت بالتالي آليا حول اصطفافاته الدولية. وصار للحرية طعم لا يشبه طعمه في بلد ذي لون طائفي مغاير.
غياب مصر التي تلعب عادة دورا محوريا وقطبا جاذبا في العالم العربي عزز ولا شك هذا الصراع ولم يلبث أن غذاه بعد وصول الإخوان الى السلطة وانحيازهم الى المحور الامريكي-التركي وقبولهم بلعب دور ثانوي وتابع في هذه المعادلة الأقليمية. غير أن دور هذا الانحياز المصري في إذكاء الصراع الداخلي لم يكن بسيطا ولو لم تكن عوامله مباشرة وواضحة. فالقبول بالدخول في هذا المحور كان مشروطا بالإستمرار في التبعية لشروط صندوق النقد الدولي والحفاظ على السياسة السابقة في جميع المجالات. الأمر الذي قاد الإخوان إلى الإبقاء على كل عوامل الإنفجار الداخلية جاهزة للإشتعال.
صحيح أن الإنتفاضة عادت فاشتعلت شكلا بناء على مشاكل دستورية لكن لا شيء يقول بأنها لا تستند الى مجمل المشاكل الداخلية الإقتصادية والإجتماعية والوطنية التي من المستحيل إيجاد حلول لها بدون تغيير السياسات السابقة التي تبناها الإخوان مرغمين مع رزمة الانحياز التركي-الامريكي. وما مجموعة الضرائب والرسوم الجديدة التي أعلنتها الحكومة المصرية في عز الازمة الدستورية الا مؤشر على المأزق الذي يجسده هذا الخيار.
عودة الشباب المصري الى الساحات اليوم قد لا تعني فقط إعتراضا على مواد في الدستور ولا تعني إعتراضا على محاولة الإخوان الإستفراد بالسلطة وحسب، بل تعني ربما أن الإخوان العاجزين عن تغيير السياسات بسبب من تموضعهم الإقليمي والدولي لا يستطيعون إحترام تعهداتهم السابقة وبالتالي لا يمكنهم الحكم وفق قواعد الديمقراطية. الإنحياز الإخواني للمحور الغربي خدم الغرب من جهة بدون شك لكنه وضع مصر على فوهة بركان يهدد بالإطاحة بجميع التفاهمات والمحاور الإقليمية الراهنة. ناهيك عن أن هذه الخدمة قد تكون ملغومة ومداها قصير جدا.
فإنتفاضة الغضب الجديدة في مصر، وأيا تكن التسوية التي قد تلقاها مرحليا، تطرح بالواقع تحديات جدية على جميع الأطراف دون استثناء. انها تهدد، وبأسرع مما نتصور ربما، بقلب طاولة التوازنات كلها، فهي تتجاوز بالأسئلة التي تثيرها رغما عنها الوضع الداخلي المصري. فهي إذا ما استمرت وتجذرت في طروحاتها وشعاراتها، وهو المتوقع قياسا الى حجم التحديات، فسوف تضطر الجميع الى إعادة النظر بالتموضع السياسي والإقتصادي لمصرفتحرج الامريكي لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تواجهه، كما ستحرج حلفاء الإخوان في المنطقة الذين سيفقدون حليفا قويا في البلد العربي الأقوى، كما ستحرج التركي الذي يفقد موقعا استراتيجيا مهما في المنطقة، وستحرج الدول الخليجية التي سيصير من الصعب عليها تأليب العرب طائفيا على دولة سنية بقياس مصر مما سيحرمها من توحيد القوى وراء الامريكي بشعارات طائفية بحتة.
ولن تقف حدود تأثير الإنقلاب المصري،على ما أظن، على المحور الامريكي بل سوف تتعداه الى القطب الإقليمي الإيراني لجهة بروز منافس عربي كبير قادر على بلورة مشروع عربي شامل من ضمن محور الدول الصاعدة ذاتها حلفاء إيران الدوليين.ناهيك طبعا عن تأثير ذلك الانقلاب على الكيان الصهيوني. من هنا ارتباك الجميع إزاء عودة اشتعال البركان المصري. فتراكم المشكلات وترابطها وعمقها لم يعد يسمح لأي طرف مهما بلغت درجة قوته وتمثيليته الشعبية بالإكتفاء بالمعالجات الشكلية والسطحية أو بإلهاء الناس بأمور الدستور ونوع النخب وهوية الحاكم الدينية.
إن ما بدأت تشي به ثورة الغضب الثانية في مصر يتعدى حتما مسائل الدستور والنزعات الاحتكارية للسلطة من قبل الإخوان. انها على الأغلب ابعد من ذلك بكثير وأعمق. ثورة الغضب الآن تعبير عن إستياء الناس من توجه عام يتهرب من التغيير الذي وعد الناس به أنفسهم. فلا الوعود بالجنة ولا الوعود بالديمقراطية تفي بحاجة الناس الى رؤية قطار التغيير ينطلق بوجهة أخرى. وأما الإصرار على البقاء في التموضع القديم ذاته والذي بان فشله للعيان والإكتفاء بتغيير الوجوه فلن يؤدي إلا إلى المزيد من عزلة الإخوان وتوسع قاعدة الانتفاضة الشعبية.
التغيير في مصر لم يعد مطلبا نخبويا بل مطلبا شعبيا حياتيا ضاغطا. والتغيير لكي ينجح يحتاج إلى إنهاء التموضع الإقليمي والدولي القديم لمصر مما سيعيد قلب الأوراق الإقليمية والدولية بأسرها. ثورة مصر المستمرة، بإصرارها على استكمال مهمات التغيير في مصر، سوف تقود آليا القوى السياسية العربية جمعاء الى إعادة فرز كبيرة على قاعدة تلبية التحديات الحياتية الفعلية للناس بدل الالتهاء بصراعات الهوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.