حذّر المرجع الشيعي العراقي الشيخ محمد اليعقوبي من خطورة ممارسة شعائر مقتل الإمام الحسين بن علي لإرهاب فكري وإرغام المواطنين على قرارات وممارسات لا يرضون عنها، معتبرًا خروج النساء من بيوتهن في مختلف أنحاء العراق سيرًا على الأقدام لعدة أيام إلى مدينة كربلاء لإحياء مناسبتي مقتل وأربعينية الحسين أمراً منافياً لاوامر الله.. فيما دعا المالكي الإتحاد الأوروبي إلى عدم تشجيع مسيحيي العراق على الهجرة وأكد أنّ الإرهاب قد فشل في إثارة الفتن الطائفية والقومية في البلاد. أكد المرجع الشيعي العراقي الشيخ محمد اليعقوبي وهو الأب الروحي لحزب الفضيلة الإسلامية الممثل بوزراء في الحكومة ونواب في البرلمان أن خروج النساء سيرًا على الاقدام لزيارة مرقد الإمام الحسين في كربلاء (110 كم جنوب بغداد)، من مسافات طويلة "تتطلب أياماً من المسير في البوادي والقفار خصوصاً من المحافظات جنوبالعراق"، منافٍ لما أمر به الله وائمة الشيعة، وقال إنّ كمال المرأة في عدم خروجها "خصوصاً وأنّ هذه السفرة تبديهنّ أمام الرجال الأجانب وإن كنّ ملتزمات بالحجاب". وأضاف المرجع اليعقوبي أنّ مثل هذه الرحلة الطويلة ومبيتهنّ في دور الغرباء تتطلب رعاية خاصة للمرأة وتوفير احتياجاتها مما يجعلها في حاجة للرجال وهم أجانب وقد تتعرض خلال رحلتها لبعض ذوي النفوس المريضة، إذ ليس كل الناس منا ملائكة، فتحصل فتنة وظروف مريبة، وكثيراً ما يُسبّب وجودهنّ قلقاً وجهداً إضافياً لأصحاب الدور المضيّفة لمواكب المشاة على الطريق حتى يخرجوا بسلام من عهدة هذه الأمانة الثقيلة. وقال إن غياب النساء عن بيوتهنّ وأطفالهنّ ومن يحتاج إلى رعايتهنّ هذه المدّة يؤدي إلى التقصير في وظائفهنّ وتصحب بعضهن الأطفال وهم لا ينضبطون فيضيع الأطفال وتتحول الرحلة إلى كارثة، "لذا فإنّ كثيراً من أولياء الأمور و الأزواج لا يرضى بخروج زوجته لهذا السبب لكنّه لا يستطيع أن يمنعها لأنّه يُخوَّف بأنّه سيكون معادياً للإمام الحسين (عليه السلام)، حيث أصبح البعض يُمارس قضية الحُسين كإرهاب فكري لجبر الناس على قرارات لا يرضون بها، وقد صرّح كثير من الرّجال بعدم رضاهم بخروج زوجاتهم إلاّ أنّهم يُجابهون بالخطوط الحمراء التي صَنَعَتها العواطف والأهواء وبين أيدينا الرواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن المرأة التي شكت زوجها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنّه يمنعها من الخروج لزيارة أبيها الذي أثقله المرض ثمّ مات أبوها ولم يأذن لها زوجها بالخروج فكان جواب النبي لها (أطيعي زوجكِ) وبشّرها بالثواب العظيم". وأشار إلى أنّ "الزحام الشديد في الزيارة وصعوبة تحصيل واسطة النقل في طريق العودة يتسببان في حصول مخالفات شرعية كثيرة شاهدناها عبر وسائل الإعلام ونبّهنا عليها في بعض خطاباتنا كمسك الرجل الأجنبي للمرأة حتّى يُساعدها على الصعود، أو التصاق بعضهم ببعض في سيّارات الحمل بسبب اكتظاظ الركّاب وسقوط بعضهم على بعض عند حصول توقّف مفاجئ للسيّارة أو التدافع المختلط لتحصيل وجبة الطعام وغير ذلك من المحرّمات الشرعية التي يجب اجتنابها بترك مثل هذا الخروج". وقال "إنّ المأثور في روايات المعصومين هو قرار النساء في بيوتهنّ وعدم خروجهنّ، وإذا التزمت المرأة بذلك فإنّها ستُعطى حينئذٍ ثواباً من قصد تلك المشاهد المقدّسة". وعادة ما يتوجه مئات الآلاف من العراقيين من الرجال والنساء إلى كربلاء مرتين في العام سيرًا على الاقدام لاحياء مناسبتي العاشر من محرم ذكرى مقتل الامام الحسين واربعينيته التي تصادف في العشرين من الشهر التالي، حيث يتعرضون إلى عمليات مسلحة رغم الاجراءات الامنية المشددة التي تتخذها السلطات الامنية. وهذا الاسبوع أعلن مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي عن مباشرة وزارتي الداخلية والدفاع بتنفيذ خطتهما الأمنية لحماية الزائرين وتأمين الطريق واسناد خطة النقل والخدمات خلال زيارة الاربعين إلى كربلاء التي ستصادف الثالث من الشهر المقبل. وقال المتحدث باسم المكتب العقيد ضياء الوكيل في تصريح صحافي إن القوات الامنية شرعت بتنفيذ الخطة الأمنية الخاصة بزيارة الاربعين، وستشمل الإجراءات الأمنية تأمين الحماية للزائرين المتوجهين إلى كربلاء. وأضاف الوكيل"أن اجتماعًا عقد مع المسؤولين الامنيين في المنطقة وتم التوجيه باتخاذ الاجراءات اللازمة لتأمين الطريق وحماية الزائرين واسناد خطة النقل والخدمات للزيارة. كما بدأت المدن التي يمر منها المشاركون بنصب السرادق الحسينية على الطرقات وتهيئة جميع مستلزمات استقبال الزوار الذين يمرون على هذا الطريق خلال توجههم إلى كربلاء، فيما بدأت الاجهزة بالانتشار على طول الطرق لغرض تأمينها وحماية الزوار. ومن جهته امر المالكي بتشكيل غرفة عمليات لضبط امن الزيارة الاربعينية. وخلال خطبة الجمعة في كربلاء اليوم، دعا السيد احمد الصافي معتمد المرجع الشيعي الاعلى في البلاد آية الله السيد علي السيستاني المسؤولين إلى تهيئة جميع السبل لتسهيل دخول الزائرين الوافدين من خارج البلد لتأدية زيارة الاربعينية سواء اكانت المنافذ البرية او الجوية. وقال إنه " على الرغم من حدوث تلكؤات من قبل بعض المسؤولين ولكن مع ذلك نحن نحاول أن نتجاوز الإشكالات لاستقبال الزائرين من خلال التحضير للاستعدادات من الآن، مشيراً إلى أنّه "ينبغي تسهيل زيارة الوافدين إلى كربلاء من خارج البلد من خلال توفير الكادر والقنوات لأخذ التأشيرات وتقليل الروتين الإداري المتعلق بذلك".وطالب الصافي الزائرين المتوجهين إلى كربلاء سيراً على الاقدام إلى اتخاذ اليقظة والحذر من استهدافات بعض ضعاف النفوس، والتعاون مع الاجهزة الامنية التي تكون في خدمتهم. يذكر أن مراسم الزيارة الاربعينية تشهد في كل مرة منذ عام 2003 عمليات عنف وتفجير يذهب ضحيتها الكثير من المشاركين قتلى وجرحى. المالكي يدعو الأوروبي لعدم تشجيع مسيحيي العراق على الهجرة إلى ذلك، دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الاتحاد الأوروبي إلى عدم تشجيع مسيحيي العراق على الهجرة واكد أن الإرهاب قد فشل في إثارة الفتن الطائفية والقومية في البلاد مشيرًا إلى أنّه لم يستهدف كنائس البلاد وحدها وانما ايضاً مساجدها وحسينياتها. وأضاف المالكي في كلمة له اليوم لدى اعادة افتتاح كنيسة سيدة النجاة في بغداد اثر تعرض المصلين فيها إلى هجوم مسلح عام 2010 ادى إلى مقتل 47 منهم واصابة عشرات آخرين.. قال إن ذلك الهجوم شكل محنة للعراق في ممارسة همجية بعيدة عن اخلاقيات ابنائه. وأضاف "ان رسالتنا إلى العالم اليوم هي أن المسلمين والمسيحيين هنا، موجودون تحت خيمة العراق وما يصيب المسيحي يصيب العراقيين جميعاً". وقال "كنت اتكلم مباشرة مع المصلين في كنيسة سيدة النجاة لحظة العمل الارهابي وكنت اسمع بكاء الاطفال والتفجيرات حينها" موضحا أن "الهدف من هذه الاعمال هي اخلاء العراق من المسيحيين". وأضاف المالكي "لقد طلبت من دول الاتحاد الاوروبي عدم تشجيع المسيحيين العراقيين على الهجرة وترك بلدهم" وأضاف مخاطباً دولاً لم يسمِها "هذا هو الارهاب..الذي يستهدف الابرياء ويستهدف مكونات الشعب العراقي لتفكيكه وكان مدعوما منهم". واشار إلى أنّ هذه الاعمال الارهابية "تستهدف اخلاء العراق من المسيحيين وقطع الواصل مع شريحة هي اصل العراقيين في هذا البلد". واكد أن من اراد تهجير المسيحيين من العراق قد فشل في مساعيه مؤكدًا على ضرورة عدم تشجيع الاتحاد الأوروبي على هذه الهجرة. وخاطب المالكي منفذي الاعمال الارهابية قائلاً "لقد خاب ظنكم بما قمتم به وكان هدفكم اخلاء العراق من شريحة من مجتمعنا هم من سكان العراق الاصليين" معبرًا عن شكره للمسيحيين الذين "قاوموا وبقوا في العراق ولم يغادروه". وفي كلمات لعدد من رجال الدين المسيحيين فقد اكدوا على أن مسيحيي العراق هم ابناء سلام وخير ومحبة وملتزمون بأرض العراق التي تجمع كل العراقيين في تنوع اجتماعي يشكل غنى للانسانية. وكانت وزارة الاعمار والاسكان العراقية اعلنت في الثالث من الشهر الحالي عن انجاز مشروع اعادة اعمار كنيسة سيدة النجاة. وكان مسلحون ينتمون إلى دولة العراق الإسلامية الجناح العراقي لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين قد اقتحموا في 31 تشرين الأول (اكتوبر) عام 2010 كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك بمنطقة الكرادة في بغداد أثناء أداء مراسيم القداس وانتهت الحادثة بتفجير الارهابيين لأنفسهم وقتل وجرح المئات ممن كانوا في داخلها. وإثر هذا الحادث قالت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة الجمعة إن آلاف العراقيين المسيحيين فروا من بلدهم بعد الهجوم على الكنيسة التي واشارت ميليسا فليمنغ المتحدثة باسم المفوضية في مؤتمر صحافي انه "منذ الهجوم على الكنيسة والهجمات التالية التي استهدفتهم بدأ المسيحيون في بغداد والموصل عملية نزوح بطيئة لكن منتظمة". وأضافت "نلاحظ في الوقت الحاضر أنه بالنسبة لهذه المجموعة من العراقيين، تحدث عملية خروج جماعي ونعلم أن الآلاف قد فروا". وأشارت فليمنغ إلى أنّ المسيحيين فروا إلى أنّحاء اخرى من العراق او إلى دول مجاورة وقالت "ابلغتنا مكاتبنا في سوريا والاردن ولبنان المجاورة أن عددًا متزايدًا من المسيحيين العراقيين يصلون إلى تلك الدول ويتصلون بالمفوضية العليا للهجرة لتسجيل اسمائهم والحصول على المساعدة". وأضافت أن "كنائس ومنظمات اهلية تقول إن علينا أن نتوقع فرار المزيد من الاشخاص خلال الاسابيع المقبلة". ودعت فليمنغ الدول المضيفة إلى عدم ترحيل العراقيين الساعين للحصول على الحماية وأضافت أن المفوضية "تدعو مرة أخرى وبشدة الدول إلى الامتناع عن ترحيل عراقيين يتحدرون من اكثر مناطق العراق خطرًا". وتعرض المسيحيون العراقيون عدة مرات لأعمال عنف وقتل منهم المئات وهوجم العديد من الكنائس منذ الحرب في العراق التي ادت إلى سقوط نظامه السابق عام 2003 حين كان يعيش ما بين 800 الف و1,5 مليون مسيحي في العراق الا أن عددهم انخفض بشكل كبير إلى نحو نصف مليون بعد أن هاجر الآلاف منهم إلى خارج البلاد فراراً من العنف. ولا يشكل المسيحيون حاليًا في العراق سوى 2% من سكانه أي حوالي 450 الف شخص يعتبر ثلثاهم من الكاثوليك (سريان وكلدانيون وارمن) والثلث الثالث من الارثوذكس.