محمد نوار (القاهرة) غادر المشير عبدالفتاح السيسي منصبه في وزارة الدفاع المصرية، ليعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة التي ينتظر أن تسدل الستار على أطول فترة انتقالية عاشتها مصر. ونزولاً لرغبة «كمل جميلك » بعد قيامه بعزل الرئيس السابق محمد مرسي، رأت جماهير الشعب أن الشخص الذي حررها من قيود الدولة الدينية والعودة بها إلى مربع المدنية، متحدياً بذلك موجات التظاهر والاحتجاجات التي لم تتوقف، ومخاطر الإرهاب المتصاعدة، وتحدي بعض الدول والقوى الخارجية لإرادة الشعب بدعم وتمويل جماعات الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة لزعزعة الأمن والاستقرار، هو المؤهل لقيادة البلاد. لكن الخبراء السياسيين والعسكريين انقسموا حول قدرة السيسي العبور بمصر إلى بر الأمان في ظل التحديات الداخلية من تدهور أمني، وسياسي، واقتصادي، بجانب التحديات الإقليمية والدولية. في هذا السياق، وصف مصطفى علوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ترشح السيسي للرئاسة بمثابة شجاعة وجرأة، في ظل وجود دولة غارقة في الديون، واقتصاد مترهل، وفوضى سياسية، وتحديات معادية في الداخل والخارج، وقال «رغم كثرة التحديات الضخمة، إلا أن السيسي يرى أن مصر يمكن أن تتغير للأفضل، وأن المصريين يضعون السيسي في مقارنة دائمة مع الزعيم الراحل عبد الناصر، وهو الأمر الذي يضع حملاً وضغوطا زائدة على الرجل»، وأضاف «أن عبد الناصر قدم أجندة شعبوية ركزت على إعادة توزيع الثروة (العدالة الانتقالية)، في حين أن السيسي لن يجد ثروة من الأساس ليتم توزيعها، وسيواجه إضرابات فئوية وتظاهرات عمالية، قد تعصف بمكانة الرجل في قلوب المصريين، نظراً لأن المعترك السياسي مليء بالغموض والتشابكات والمعايير المزدوجة، وراهن علوي على أن السيسي يحمل جميع مؤهلات القيادة، لكنه استدرك »أن تطلعات المصريين في حياة كريمة قد تعصف بأحلام الرجل وتقضي على شعبيته في أول عام من ولايته، بل ربما يندم المصريون إذا انتخبوا السيسي في حال ارتفعت الأسعار، أو إذا عادت الدولة البوليسية مجدداً«، وشدد على ضرورة أن يكون السيسي رئيساً متوازناً في كافة تصرفاته السياسية والاقتصادية، ويحاول تقليل نفوذ قوى سيطرة الرأسمالية في مؤسسات الدولة، والاهتمام بالفقراء ومحدودي الدخل. ومن وجهة نظر مخالفة قال اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي «إن إعلان السيسي ترشحه للرئاسة بالزي العسكري كان خطأ واضحاً وأن ذلك أظهر أنه مرشح كرجل عسكري وليس مدنياً»، وأرجع ذلك ربما بسبب ضيق الوقت وانتهاء اجتماع المجلس العسكري في وقت متأخر من الليل وإعلان بيان استقالته واختيار اللواء صدقي صبحي وزيراً للدفاع، لكنه استدرك قائلاً «إن ظهور السيسي وإعلان ترشحه بالزي العسكري حمل مؤشرات بأنه يريد أن يؤكد على وفائه وتقديره للمؤسسة العسكرية، وأنه لن يتوقف في حربه على الإرهاب وحماية المدنيين وملاحقة من يتسبب في أمن واستقرار البلاد، مع الحفاظ على المناخ الديمقراطي ومستحقات ثورة 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013«. وعلى صعيد ذي صلة توقع عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن يواجه السيسي تحديات أمنية خلال حملته الانتخابية، كونه لن يستطيع الالتحام مع جماهيره ومؤيديه نظراً للتهديدات التي يواجهها باستهدافه شخصياً من قبل الجماعات المتطرفة، والتي تهدف من وراء العمليات التي تنفذها عدم استكمال خارطة المستقبل، وأشار إلى أن تلك الجماعات تحاول تقويض وإفشال العملية الانتخابية من خلال محاولات التهديد باغتيال السيسي. وفسر إعلان السيسي بأن حملته الانتحابية لن تكون تقليدية لتفادي المخاطر الأمنية وحفاظاً على سلامة وأمن أرواح الجماهير، ونبه إلى أن السيسي بعد استقالته وإعلان ترشحه أصبح مواطناً عادياً ولن يتمتع بالحماية الأمنية بخلاف تلك الحماية المتعلقة بشخصه كوزير دفاع سابق يتطلب حمايته، ولكن ستتوفر له الحماية الأمنية كبقية المرشحين بعد إغلاق باب الترشح للرئاسة كإجراء واجب على الدولة، على أن يتم سحبها من بقية المرشحين بعد نهاية العملية الانتخابية. غير أنه عبّر عن مخاوفه من انحياز الحكومة الحالية برئاسة إبراهيم محلب لصالح السيسي دوناً عن بقية المرشحين، موضحاً «أن بعض الوزراء أعلن تأييده للسيسي حتى قبل إعلان ترشحه مطالبهم بتقديم استقالاتهم فوراً حفاظاً على الحياد حتى يكونوا على مسافة واحدة من كل مرشحي الرئاسة». وحمل حديث عمرو الشوبكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية، تحذيرات ومخاوف على السيسي من المساس بالدعم الحكومي على المحروقات البترولية أو الخبز وغيره، خاصةً وأن الرجل يمتلك شعبية هائلة بين الطبقة المحدودة والمتوسطة، وهؤلاء يأملون في تغيير حياتهم إلى الأفضل مع الرئيس المحتمل السيسي، غير أنه رأى على الصعيد الخارجي «أن ترشح السيسي، رغم أنه قرار وشأن داخلي، إلا أنه فتح مجالاً أمام الغرب للتشكيك في ثورة 30 يونيو، ومع ذلك لن يستطيع المجتمع الدولي وقف تعاملاته السياسية مع القاهرة، بل سترضخ القوى الخارجية للأمر الواقع، وسيحترم إرادة الشعب». لكن الخوف حسب تصور الشوبكي من جماعة الإخوان المسلمين التي لن تحترم رغبة الرجل في الترشح للمنصب الرئاسي، وستعمل الجماعة على كيفية خلق المشاكل وصناعة الأزمات أمام الرجل لإفساد ولايته الرئاسية، نظراً لأن جماعة الإخوان كانت تنتظر قرار ترشح السيسي حتى ينزل إلى ملعبها السياسي في الشارع، وبالتالي سوف يزداد الأمر مع الرئيس المحتمل السيسي، لأنه عدو الإخوان الأول». ... المزيد الاتحاد الاماراتية