تستنزف ليبيا احتياطيات البنك المركزي وتوقف مشروعات بنية تحتية لمواجهة أزمة موازنة هي الأسوأ منذ عشرات السنين بعد أن فقدت الحكومة جميع إيراداتها تقريباً بسبب سيطرة جماعات مسلحة على منشآت نفطية. وتنذر أزمة الميزانية بتسارع انزلاق ليبيا إلى هاوية الاضطراب في ظل ما تواجهه الحكومة الهشة من صعوبات في بسط نفوذها. ويبدو من المستعبد حدوث انهيار وشيك للدولة على الأقل في الأشهر القليلة المقبلة. وجمعت ليبيا احتياطيات أجنبية تزيد قيمتها على 130 مليار دولار أثناء فترات ارتفاع أسعار النفط، غير أنه تم إنفاق 16 مليار دولار منذ الصيف الماضي مما يحول دون تنفيذ خطط لاصلاح وترميم الطرق والمدارس والمستشفيات المتداعية. وقال عبد السلام نصية النائب السابق الذي كان يترأس لجنة الميزانية في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) حتى وقت قريب "الوضع سيئ جداً". ولم يصادق البرلمان على ميزانية لعام 2014 نظراً لعدم وجود أموال كافية للإنفاق إذ تشكل صادرات النفط والغاز 95 % من دخل البلاد. وأثر فقدان الحكومة سيطرتها على بعض المعابر البرية سلباً على الرسوم الجمركية التي تمثل أحد مصادر الدخل القليلة غير النفطية. ويقول مسؤولون إن إيرادات النفط في أول شهرين من العام الحالي بلغت 16 % أو أقل من المستوى الذي وضعت الميزانية على أساسه. قرض وقدم البنك المركزي قرضاً عاجلاً بقيمة ملياري دولار للحفاظ على تماسك الدولة ووفائها بالتزاماتها. وكان البنك قدم بالفعل 800 مليون دولار إلى وزارة الكهرباء التي تواجه انقطاعات في التيار الكهربي. ويتوقع دبلوماسيون أن يستنزف البنك المركزي المزيد من احتياطياته الأجنبية نظراً لأن تقليص الميزانية البالغة 53 مليار دولار ليس خياراً متاحاً أمام حكومة ضعيفة. وجرى إنفاق نحو 70 % من ميزانية 2013 على رواتب القطاع العام والدعم الحكومي لجميع السلع . صندوق ادخار وقال نصية إن الحكومة بدأت في استغلال صندوق ادخار خاص بقيمة نحو 12 مليار دينار (عشرة مليارات دولار) للاستمرار في دفع الرواتب وهو صندوق كان مخصصاً للأجيال القادمة. وأضاف أن ليبيا سجلت العام الماضي عجزاً في الميزانية بلغ نحو ستة مليارات دينار. وبينما تحتاج الحكومة بشدة إلى خفض الإنفاق إلا أن الميزانية تتجه بالفعل إلى الارتفاع هذا العام. وتدعو الميزانية المقترحة إلى زيادة قدرها مليارا دينار بعد أن وافقت الحكومة على زيادة الرواتب بنسبة 67 % للعاملين في قطاع النفط في محاولة فاشلة لكسب ولائهم. ويتمثل التحدي الرئيسي الذي تواجهه الحكومة في الميزانية في القطاع العام المتدهورة. شائعات وظهر مسؤولون من البنك المركزي في بث تلفزيوني مباشر ليضعوا حداً لشائعات انهيار الدولة قائلين إن احتياطيات النقد الأجنبي في ليبيا من شأنها أن تحافظ على قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها. وقال محمد سالم نائب محافظ البنك المركزي لقناة النبأ التلفزيونية الأسبوع الماضي إن الاقتصاد يمكن أن يصمد لعامين ونصف العام رغم ما يواجهه من صعوبات بالغة. في الوقت نفسه كشف المسؤولون الذين يميلون عادة للتكتم عن أن الاحتياطيات تراجعت إلى 116 مليار دولار من 132 ملياراً في الصيف. ويحذر محللون من أن جزءاً من أموال البنك المركزي موجود في صورة أصول غير سائلة بالخارج مثل السندات القابلة للتحويل في حين ستحتاج البلاد إلى سيولة دولارية لحماية الدينار الليبي. البيان الاماراتية