نيودلهي: تعرض المؤرخ دويجيندرا نارايان جا لتهديدات بالقتل في 2001 لاصداره كتابا عن البقرة المقدسة، ولا يستبعد ان يواجه المثقفون المزعجون متاعب اذا ما عاد الحزب القومي الهندوسي في ايار/مايو الى الحكم في الهند. ويتذكر هذا المؤرخ الذائع الصيت الذي يبلغ الرابعة والسبعين من العمر الاتصالات المغفلة لمنعه من نشر كتابه "البقرة المقدسة: البقرة في التقاليد المطبخية الهندية". وقال "كان الصوت على الطرف الاخر للخط يقول: سنقتلك اذا ما نشرت هذا الكتاب". وقد اثار نارايان جا الاستاذ السابق في جامعة دلهي ومؤلف عشرات الكتب، غضب المتطرفين الدينيين في 2001 بقوله ان التاريخ حافل بالشواهد على ان الهندوس كانوا يأكلون لحم البقر. وبعد تعرض منزله لهجوم، وضع تحت حماية الشرطة ثلاث سنوات. واضطر ايضا الى صد محاولات لاعتقاله قام بها نائب سابق من حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي لانه قال ان الهندوس اكلوا لحم حيوان مقدس. ومنع كتابه بصورة موقتة ايضا بعد شكوى رفعتها مجموعة دينية في ولاية اندرا براديش. ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية التي تبدأ في السابع من نيسان/ابريل، تتوقع استطلاعات الرأي فوز "حزب بهاراتيا جاناتا" المعارض منذ 10 سنوات، ويعرب بعض دوائر المثقفين عن القلق من احتمال تنامي التعصب الثقافي اذا ما اصبح زعيمه المثير للجدل ناريندرا مودي رئيسا للوزراء. وقال دويجيندرا نارايان جا في مقابلة اجريت معه في منزله شرق دلهي "اذا ما وصل حزب بهاراتيا جاناتا الى السلطة وخصوصا مودي، قد يتعرض المثقفون للمضايقة وقد تستخدم القوانين ضدهم". وتتميز الهند بصحافتها المتنوعة ومثقفيها الذين يطالبون باستقلاليتهم الفكرية ويدافعون دفاعا مستميتا عن حرية التعبير. لكن ناشرا يقول ان بعض المؤلفين يمارسون الرقابة الذاتية عندما يريدون الكتابة عن ناريندرا مودي. وقالت اورفاشي بوتاليا من دار "ذوبان بوكس" للنشر ان المثقفين "خففوا من حدة الانتقادات السابقة التي كانوا يوجهونها الى ناريندرا مودي". واضافت "اذا ما وصل حزب بهاراتيا جاناتا الى السلطة، سيفرض قيودا على حرية التعبير". وتطبق الهند قانونا صارما حول الرقابة والتحريض على العنف الطائفي يرقى الى ما قبل الاستقلال ولا يزال ساري المفعول. واعتبر كارونا ناندي المحامي في المحكمة العليا انه "كان من مصلحة الدولة الاستعمارية الا تتمتع الهند بحرية التعبير". واضاف "أما وقد استقلت الهند، فلماذا لا نتذكر الاسباب الموجبة لسن تلك القوانين؟". وقد اثار جدلا كبيرا القرار الذي اتخذه الفرع الهندي لدار "بنغوان" للنشر في شباط/فبراير باتلاف نسخ كتاب عن الهندوسية وضعته الاميركية ويندي دونيغر المتخصصة الذائعة الصيت في الشؤون الهندية، لتجنب الملاحقات القضائية. وتقول نيلانجانا روي، الكاتبة والناقدة الادبية ان حزب بهاراتيا جاناتا وحزب المؤتمر الذي يتولى السلطة في الوقت الراهن اخفقا كلاهما في الدفاع عن حرية التعبير في العقود الاخيرة. واثناء حالة الطوارئ في 1975-1977 عندما كانت انديرا غاندي رئيسة للوزراء، تم تعليق الدستور واعتقل رجال السياسة وفرضت قيود على الصحافة. وفي تلميح الى الحكومة الحالية المنبثقة من وسط اليسار، قالت نيلانجانا روي "في السنوات العشر الاخيرة، وضعنا قوانين حول الانترنت متخلفة جدا، وتعرض مؤلفون للمضايقات". واضافت "لكن اليمين (الحاكم) يعمد بمزيد من الوضوح الى اسكات المثقفين". وتشتهر الحكومة الاخيرة التي شكلها "حزب بهاراتيا جاناتا" في اوساط النخبة المثقفة بأنها ادخلت تعديلات على كتب التاريخ بالاستناد الى ما كتبه مؤرخون يمينيون. ويقول جي اس راجبوت الذي كان احد واضعي تلك التعديلات، ان هذه التغييرات تبررها الاكتشافات الجديدة ونفى اي دوافع سياسية. واضاف ان "هذه التعديلات اجريت بالاستناد الى ما تغير خلال السنوات الخمس والثلاثين التي اعقبت صدور تلك الكتب". وقال "طالما ان وقائعها غير صحيحة، لماذا لا نصححها؟". واصطدم مؤلفون اجانب ايضا بمشاكل رقابية في عهد الحكومة الاخيرة ل"حزب بهاراتيا جاناتا" (1998-2004)، التي اتهمها اشخاص نصبوا انفسهم حراسا للهوية الهندوسية بأنها شوهت الوقائع التاريخية. ايلاف